loader
 

المقالات

زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.

عندما ثارت الفتنةُ ضدَّ الخليفة عثمانَ رضي الله عنه، وبدا واضحًا أنَّ هؤلاء المجرمين يتربصون به ويسعون لقتله، عرض عليه معاويةُ رضي الله عنه أن يرسلَ جيشًا من الشام كي يحميه ويحمي المدينة، فرفض حضرته ذلك، وقال إنه لا يريد أن يُضيّق على أهلِ المدينةِ بمساكنةِ جيشٍ لهم يقاسمهم أقواتهم؛ حتى وإنْ كان هذا الجيشُ سيحميهِ ويحمي الخلافةَ! وعندما نزلَ المجرمونَ بالمدينة، وحاصروا الخليفةَ، وآذوه حتى منعوا عنه الماء، هبّ الصحابة لكي يدافعوا عن خليفتهم؛ وهم الشجعان الذين عركتهم الشدائدُ، وأثبتوا بسيرتهم مع النبي صلى الله عليه وسلـم أنهم قادرون على التعامل مع وضعٍ كهذا، رفض حضرته أن يقوموا لمقاتلة هؤلاء حرصًا عليهم؛ موضحا لهم مرارًا أنَّ هؤلاء المجرمين يريدونه هو وحسب، ولا يريد أن تُسفك دماؤهم دونه.

من مزايا الإسلام العظيم أنه لم يقدّم شريعة وأحكامًا نظرية، بل قدّم من خلال سنَّة النبي صلى الله عليه وسلـم، وسنَّة خلفائه الراشدين، وصحابته الطيبين الطاهرين تطبيقات عملية لهذه الشريعة في ظروف شتى، تصلح للاسترشاد بها وأَخْذ العبر والدروس باستمرار. وكان هذا مهمًا من أجل صَقْل أخلاقهم، ومن أجل إظهار تربيتهم التي تربوها على يد النبي صلى الله عليه وسلـم. ففي زمن الابتلاء كانوا يدركون تماما أن الله تعالى لم يودِّعهم ولم يتركْهم، وكانوا يعلمون أنَّ المطلوب منهم هو الثبات والاستقامة على ما عاهدوا اللهَ عليه، وعلى الله تعالى النتائج. ولكنهم كانوا واثقين أيضا بأنَّ العاقبة لهم، وأنَّ الله أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون، وسعت الدنيا كلها للحيلولة دون ذلك.

 

خطب الجمعة الأخيرة