
البرهان الخامس:
موت المادة
إنتروبيا أو لا إنتروبيا، العلماء النظريون الذين اعتقدوا ذات مرة أنّ البروتونات كانت دائمة الشباب، توصلوا إلى إجماع في الرأي بأنّ البروتونات أيضًا لها عمر محدد لا يمكنها تجاوزه .. وإذا كانت لم تُخلق مطلقا، فستظل تنتهي في النهاية. وإذا لم يتم خلقها على أي حال—ووجدت إلى الأبد—فإنّ يد الإنتروبيا كان يجب أن تبيدها قبل عدد لا نهائي من السنوات.
من المنطق أنّ الهدر والبقاء لا يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب. كل ما يهدر يجب أن ينتهي. لكن ها نحن، أنت وأنا، مع كل شيء حولنا، ما زلنا موجودين لإثبات أنّ قوانين الكون المستهلِكة لم تستهلك مادتنا بعد. أليس هذا دليلًا كافيًا على أنه لا نحن ولا أي شيء آخر في كوننا المادي أزلي؟
قد يجد البعض الأمر محيرًا، لكن دعونا لا ننسى أنه سؤال بسيط لمعادلة رياضية:
"الجسد المهدور لا يمكن أن يكون أبديًا—وإذا كان أبديا، فلا يمكن أن يكون مهدورا."
الآن، بما أنه قد ثبتت حقيقة أنّ جميع الأجساد في العالم مهدورة—من خلال الإنتروبيا أو أية عوامل أخرى—فإنّ الخيار الوحيد المتبقي للعقل البشري السليم هو الإيمان بالخالق الأبدي الذي هو فوق منال الإنتروبيا والهدر.
نظرًا لأن ّكل شيء محدود له نهاية ويجب أن يختفي في حفرة لا نهاية لها من العدم الأبدي، فليس ثمة مبرر لوجود أي شيء اليوم. كيف استطعنا النجاة من يد الإنتروبيا التي لا تدخر شيئًا؟ إذا تمت نهايتنا مرة، فكيف نتجسد مرة أخرى من فراغ العدم اللامحدود؟ ألن نحتاج إلى خالق قدير ليخلقنا من العدم بقوته فقط؟
إنه الخالق الأبدي وحده الذي لا تستطيع يد الإنتروبيا أن تلمسه أبدًا. يجب أن تكون حقيقة وجوده مختلفة تمامًا عن حقيقة وجود كل شيء آخر خلقه أو سيخلقه على الإطلاق. في اللحظة التي قد يُتصور أنه قد خلق أي جوهر مثله، فلا يمكن عندئذ إعلان وجوده الجوهري على أنه أزلي. ومن ثم، فإننا عندما نتكلم عن الثقوب السوداء أو الإنتروبيا، فإننا نتكلم فقط عن الخلق وليس عن الخالق. كل ما هو مخلوق لا يمكن أن يصنع الخالق. فالخالق يجب أن يكون السبب الرئيس لكل خلق محدود. يجب أن يكون لكل شيء مخلوق عمرًا، ويجب على المخلوق أن ينتهي. يجب أن يكون الله وحده هو الذي يخلق مِن لا شيء، ويعيد ما خلقه إلى لا شيء، إذا رغب في ذلك ومتى شاء.
كل ما يبدأ يجب أن ينتهي. كل ما هو مخلوق يجب أن يتحلل في النهاية إلى العدم. البداية والنهاية مُسجَّلتان بالفعل في كتاب خطة الخلق الكبرى.
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.