بقلم: ميرزا شريف سعد أحمد (حفيد أمير المؤمنين أيده الله)
العطلة الصيفية هي الوقت الذي يتطلع إليه جميع الأطفال، فهم خارج المدرسة ويمكنهم الاسترخاء واللعب أكثر مع أصدقائهم. ولكن هناك سبب آخر بالنسبة للأحمديين الصغار يجعل العطلة الصيفية مميزة جدًا، ألا وهو الجلسة السنوية في المملكة المتحدة.
قد يظن البعض أن الجلسة هي التجمع المفضل بالنسبة للكبار، وأن الأطفال لا يملكون الكثير ليفعلوه فيها؛ ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الجلسة السنوية مفيدة للصغار، وأحد هذه الأسباب الخدمات التي قد تعتبر غير مهمة من وجهة النظر الدنيوية مثل خدمة سقاية الماء أو المساعدة في تقديم الطعام للضيوف.
في الواقع تجلب الجلسة البركات على مدار العام. على سبيل المثال، ورد في الحديث كيفية قبول دعاء المسافر (سنن أبي داود، كتاب الصلاة، الحديث 1536). والغالبية العظمى من الحاضرين في الجلسة هم من المسافرين، وقد يأتي الكثيرون منهم من أماكن بعيدة أو حتى من الخارج، وعلى الرغم من أنك قد لا تدرك ذلك وقت الجلسة، إلا أن الأدعية التي تتلقاها كلما ساعدت ضيفًا ستستمر إن شاء الله في جلب البركات لك، حتى بعد انتهاء الجلسة بفترة طويلة.
إن الأدعية التي تتلقاها من أجل التطوع خلال الجلسة لا تساعدك فقط من الناحية الروحية، ولكنها تفيدك أيضًا في مساعيك الدنيوية.
يعرف من هم على دراية بعملية القبول بالجامعة في المملكة المتحدة أنه عند التقدم للحصول على قبول للدراسة في الجامعة، عليك كتابة بيان شخصي.
قبل فترة، تقدم أحدهم بطلب لدراسة الطب، حيث المنافسة كبيرة جدًا، وفي بيانه الشخصي، كتب جزءًا صغيرًا عن خدماته التطوعية خلال الجلسة. وعندما حان وقت مقابلة القبول، كان الجزء الأكبر منها يصف تجاربه خلال الجلسة. لذا، فليس من المستغرب أنه تلقى عرضًا مباشرة من هذه الجامعة المشهورة - ولا شك أن ذلك كان بفضل الخدمات التي يقدمها خلال الجلسة.
هناك أمثلة لا حصر لها من البركات التي نالها الأطفال ببركة التطوع للخدمة خلال الجلسة. فيجب أن نستفيد من فرصة الحضور، خاصة بعد الوباء حيث أثبتت السنوات القليلة الماضية أنه لا يمكننا أخذ أي شيء كأمر مسلم به.
وعلى الرغم من أنه بعد أداء واجباتنا خلال الجلسة، قد نشعر بالتعب أو الرغبة في الاسترخاء، يجب أن نأخذ في الاعتبار مثال حضرة خليفة المسيح (أيده الله تعالى بنصره العزيز) الذي يبدأ عمله في الجلسة قبل أي شخص آخر وينتهي بعد فترة طويلة.
فيما يتعلق بمثال أمير المؤمنين خلال فترة الجلسة التي تعد بلا شك واحدة من أكثر أوقات السنة ازدحامًا، أود أن أذكر بعض الأمثلة التي تبين كيف أن حضرته في هذا العصر، يتبع تمامًا أسوة المسيح الموعود، حضرة ميرزا غلام أحمد عليه الصلاة والسلام.
لطالما كان أحد أهم الأشياء في حياة أمير المؤمنين هو إقامة الصلاة حتى خلال الجلسة، على الرغم من جدول أعماله المزدحم جدًا، وهذا شيء يغرسه في عائلته أيضًا. ففي أيام الجلسة، يأتي أمير المؤمنين بنفسه كل يوم إلى غرف جميع من في المنزل للتأكد من أننا قد استيقظنا لصلاة الفجر.
هنا، أود أيضًا أن أذكر تواضع أمير المؤمنين، فهو عندما يأتي إلى غرفنا، يطرق الباب أولاً ويقول "السلام عليكم"، ثم ينتظر في الخارج حتى نخرج بأنفسنا. بالنسبة لنا، هذا درس في كيف أن علينا أن لا ندخل غرف الآخرين دون استئذان، كما ورد في القرآن الكريم.
فيما يتعلق بالصلاة، يجب أن نضع في اعتبارنا أيضًا أن يوم أمير المؤمنين دائمًا ما يبدأ قبل الفجر بكثير، عندما يحين وقت صلاة التهجد، وبعد التهجد يقرأ حضرته جزء من القرآن الكريم قبل الفجر - وهذا هو روتينه نفسه أيام الجلسة السنوية. وهناك أيضًا إمامة الصلوات الخمس. وعلى الرغم من الأعمال الأخرى التي قد يتعين عليه القيام بها في بعض الأحيان، إلا أن اهتمام أمير المؤمنين الرئيس هو دائمًا أداء الصلوات في الوقت المحدد.
ثم الجزء الآخر من الجلسة هو عندما يصل الضيوف، فمشاهدة كرم الضيافة عند أمير المؤمنين شيء ملهم. فإلى جانب التحضير للجلسة نفسها، يراقب أمير المؤمنين عن كثب أي احتياجات قد يحتاجها الضيوف.
في المنزل، أذكر مثالا حدث مؤخرا عندما جاءنا ضيف من ضيوف الجلسة، ولما عرف أمير المؤمنين أنه درّاج متحمس، وأثناء ذكر ذلك على العشاء، قال أمير المؤمنين لوالدي إنه نظرًا لامتلاكه دراجة احتياطية، يجب أن يقدمها إلى قريبنا. كما طلب أمير المؤمنين من والدي التأكد من نظافة الدراجة وأن حالتها جيدة وعندها فقط يمكنه تقديمها للضيف. هذا مثال واحد من بين الأمثلة العديدة حول كيف أن أمير المؤمنين يفكر باحتياجات الضيوف، وكيف أن راحتهم تشغل تفكيره في جميع الأوقات.
مثال آخر على مدى قلق أمير المؤمنين بشأن ضيوف الجلسة يمكن رؤيته حتى لو كانت الجلسة في الخارج وأمير المؤمنين غير موجود فيها فعليًا.
قبل فترة، أصيبت عائلة بحادث سيارة، وعلى الرغم من وجود أمير المؤمنين هنا في ذلك الوقت، إلا أنه كان يسأل عن آخر المستجدات التي تحدث معهم ويدعو لهم باستمرار.
بعد انتهاء الجلسة، غالبًا ما يطلب أمير المؤمنين من الأحمديين القيادة بحذر لتجنب وقوع أي حوادث.
وخلال الجلسة، وعلى الرغم من جدوله المزدحم، غالبًا ما يساعد أمير المؤمنين في الأعمال المنزلية أيضًا. أتذكر أنه في العام الماضي، عندما كنت أقوم أحيانًا بتنظيف الأطباق بعد الوجبات، كان أمير المؤمنين يقوم بمساعدتي في عدة مناسبات.
هناك العديد من الأشياء التي يقوم بها أمير المؤمنين وتكون بمثابة دروس لنا. لقد لاحظت أن الأشياء الصغيرة مثل ترك وجبتك لتناول شيء قريب، عندما يُطلب من شخص آخر القيام بذلك، تترك انطباعًا في ذهنك أنه حيثما أمكن، يجب أن نتعود على القيام بالأشياء بأنفسنا بدلاً من إثقال كاهل الآخرين، حتى لو كانت مجرد أفعال صغيرة.
بعد إلقاء الخطب في الجلسة، يسألنا أمير المؤمنين أحيانًا ماذا فهمنا، وفي بعض الأحيان يسألنا مازحًا عما إذا شعرنا بالملل!
في الختام أرى أن الدرس الأكبر الذي تعلمته من ملاحظة أسوة أمير المؤمنين، لاسيما أيام الجلسة، هو أنه على الرغم من كونه مشغولا جدًا وعلى الرغم من جدول أعماله المزدحم، إلا أن أمير المؤمنين يهتم دائمًا بمشاعر الآخرين، وهذا شيء علينا أيضًا أن نحاول غرسه في أنفسنا.
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.