"كنّ واثقات وفخورات بمن أنتن وما تمثلنه" –إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية يخاطب الواقفات ناو في اجتماعهن في لندن
"أدعو الله أن تكتسبن بالفعل القوة الداخلية والشجاعة لإظهار دينكن دون خوف"- حضرة ميرزا مسرور
في 25/05/2024، ألقى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، الخليفة الخامس، حضرة ميرزا مسرور أحمد، الخطاب الختامي للاجتماع الوطني للواقفات ناو، اللواتي وقفن حياتهن لخدمة الإسلام، في المملكة المتحدة.
وقد شرف حضرة الخليفة هذا الحدث من استوديوهات إم تي إيه في إسلام أباد بينما اجتمعت أكثر من 2300 سيدة وفتاة، بما في ذلك أكثر من 1360 عضوة في مخطط الوقف ناو، في مسجد بيت الفتوح في لندن.
وخلال خطابه الملهم للإيمان، أكد حضرته أن على المرأة المسلمة الأحمدية أن تنمي قناعة لا تتزعزع بدينها. وأوضح بالتفصيل كيف غيّر سيدنا عمر (رضي الله عنه) وجهة نظره تمامًا واعتنق الإسلام نتيجة "الشجاعة اللامحدودة" و"الإيمان الراسخ" لامرأة مسلمة.
عندما بدأ حضرته خطابه، قال إن العديد من الواقفات ناو قد أصبحن الآن أمهات، وبالتالي فإنهن يتحملن مسؤولية إضافية.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"المسؤولية الملقاة على عاتق الأمهات الواقفات مضاعفة. فلا يتعين عليهن أن يسعين جاهدات للوفاء بمتطلبات عهدهن فحسب، بل عليهن أيضًا أن يسعين إلى غرس تلك القيم الأخلاقية والصفات الاستثنائية في نفوس أطفالهن والتي ينبغي أن تكون السمة المميزة للوقف الجديد.
والواقع أن المسؤولية الأساسية لهؤلاء النساء هي ضمان التربية الأفضل لأطفالهن بحيث يتم غرس التعاليم والقيم الإسلامية في نفوسهم منذ الصغر، ويصبحون خادمين مخلصين لدينهم."
وأضاف حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"علاوة على ذلك، يجب على هؤلاء النساء أن يُفهِمْن أزواجهن الأهمية الأساسية للتمسك بأهداب التقوى في جميع الأوقات. وعندها فقط ستضعن الأساس ليكبر أولادكن على أعلى وأحسن الأخلاق، وستلهمنهم لإقامة علاقة متينة مع الله تعالى. ولذلك فمن الأهمية بمكان أن تكون بيوتكن مملوءة بالفضيلة والتقوى وبعبادة الله تعالى قبل كل شيء".
ومن أجل الوفاء بحقوق عبادة الله، أبرز حضرة الخليفة أهمية الصلوات الخمس.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"عليكن دائمًا المحافظة على الصلاة وأن تتأكدن من أداء كل صلاة في وقتها المحدد وبخشوع وإخلاص وتركيز عميق حتى تتمكنّ من تطوير رابطة الحب والولاء المتينة مع الله تعالى. وكذلك، في كل صلاة، اسجدن لله وادعين أن ينشأ أطفالكن على التقوى والصدق والثبات على دينهم. ادعين أن يطوروا علاقة أبدية مع الله تعالى ويصبحوا مستعدين دائمًا لخدمة دينهم".
واستمر حضرته في سرد أمثلة نساء أظهرن شجاعة مثالية لخدمة دينهن في أصعب الظروف.
وبالإشارة إلى تلميذات النبي عيسى (عليه السلام)، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"عندما علق المسيح (عليه السلام) على الصليب، هرب جميع تلاميذه الذكور خوفًا، بينما بقيت تلميذاته مخلصات له على الرغم من التهديد الخطير بالعقاب والاضطهاد من قبل السلطات الحاكمة. وقد وجدن القبر الذي وضع فيه عيسى (عليه السلام) بعد إنزاله عن الصليب وقمن بعلاج جراحه ونقله إلى بر الأمان.
أثبتت تلك النساء التقيات أنهن على استعداد لتقديم كل التضحيات الممكنة في سبيل دينهن."
ثم انتقل حضرة الخليفة لذكر أمثلة من التاريخ الإسلامي وكيف أن التضحيات التي قدمتها صحابيات النبي ﷺ "وصلت إلى إلى الذروة، وستظل إلى الأبد مثالاً للبشرية جمعاء".
قدم حضرة ميرزا مسرور أحمد مثال أخت سيدنا عمر (رضي الله عنه) وقال:
" كانت كل ذرة من كيانها مشبعة برغبة عارمة لتعلم تعاليم القرآن الكريم حتى تتمكن من العمل بكل أمر من أوامره."
وروى حضرة الخليفة قصتها، وأوضح كيف أن سيدنا عمر (رضي الله عنه)، الذي كان عدوًا لدودًا للنبي ﷺ في الأيام الأولى من نبوته، اكتشف أن أخته وزوجها قد اعتنقا الإسلام، فجاء إلى بيتهما، وهجم على زوجها، لكن أخته دخلت بين الاثنين وحمت زوجها بتحدٍ وشجاعة لا تصدق.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد وهو يروي تفاصيل القصة:
"ونتيجة لذلك، تعرضت لضربة عنيفة على وجهها. ولكن حتى مع تدفق الدم من أنفها، لم تتراجع أو تصب بالخوف. وبدلاً من ذلك، وبشجاعة هائلة ومطلقة، قالت لسيدنا عمر (رضي الله عنه) أن بإمكانه أن يفعل ما يشاء ولكنهما لن يتخليا أبدًا عن الإسلام."
وتابع حضرة ميرزا مسرور أحمد قائلًا:
"كان لرؤية إيمان أخته وشجاعتها تأثيرًا عميقًا على سيدنا عمر (رضي الله عنه). فهدأ غضبه فجأة وشعر بالخجل والإحراج لأنه تسبب في أذيتها".
ثم بين الخليفة أن سيدنا عمر قد طلب بعد ذلك رؤية القرآن الكريم، لكن أخته وضعت بعض الشروط قبل أن يتمكن من ذلك. وبعد استيفاء الشروط، وعندما سمع (رضي الله عنه) تلاوة القرآن الكريم، غمرته روعته، فتغيرت حياته تمامًا إلى الأبد.
قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"بعد أن دخل منزل أخته كمعارض شرس للإسلام، غادره مقتنعًا بصدقه. وذهب على الفور إلى رسول الله ﷺ وأشهر إسلامه.
حدث كل هذا بسبب الشجاعة اللامحدودة لامرأة واحدة، والتي كانت شجاعتها وإيمانها الحازم وسيلة لجلب سيدنا عمر (رضي الله عنه) إلى الإسلام".
وفي إشارة إلى قدوة صحابيات رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال حضرة ميرزا مسرور أحمد:
"لقد شاركت الصحابيات في المعارك بلا خوف، وقاومن بصبر الاضطهاد المروع وأمضين حياتهن كلها في خدمة الإسلام. لقد أظهرن الحب والطاعة غير المشروطة للرسول ﷺ، وكن بمثابة مثال خالد للنساء والفتيات المسلمات الأحمديات، ولا سيما أنتن عضوات مخطط الوقف ناو."
وعندما اختتم حضرة ميرزا مسرور أحمد كلمته، دعا للواقفات ناو وقال:
"أدعو الله أن تمتلكن جميعًا قناعة لا تتزعزع بصدق دينكن، حتى تتمكن من الرد بثقة ودون خوف أو تردد على كل من يطرح الأسئلة أو يطلق الادعاءات الكاذبة حول تعاليم الإسلام. وأدعوه تعالى ألا تقعن أبدًا فريسة لأي شعور بالحرج أو عقدة النقص بشأن إيمانكن ومعتقداتكن الدينية".
وتابع حضرته قائلًا:
"أدعو الله أن تكتسبن بالفعل القوة الداخلية والشجاعة لإظهار دينكن دون خوف، والعيش وفقًا لتعاليم الإسلام في جميع الأوقات. على سبيل المثال، عند بلوغكن سن الرشد، عليكن ارتداء الحجاب في الأماكن العامة وارتداء الملابس المحتشمة في جميع الأوقات. لا تخفن أبدًا مما سيقوله أو يفكر فيه الآخرون. وكنّ واثقات وفخورات بمن أنتن وما تمثلنه... أدعو الله تعالى أن تكن جميعًا في الطليعة في إحداث ثورة روحية وأخلاقية في العالم آمين".