loader
 

نبيل عسّاف - فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم
قبل الدخول في موضوع المبايعة والانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة، أود أن ألقي الضوء على خلفية ذاتية تتعلق بمعايشتي المادية والروحية للمجتمعات التي وجدتُ فيها بحكم الانتماء الوطني والأسري وبحكم العمل في مجتمعات أخرى. فقد ولدت في قرية صغيرة من قرى الضفة الغربية الفلسطينية عام 1945 ميلادي في نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان والدي رحمه الله شاعرا شعبيا مشهورا على نطاق المجتمع الفلسطيني وكان متعاطفا مع التيار اليساري، فلم يمارس ضد أسرته أي قمع ديني كما هو حال أولياء الأمور في مجتمعاتنا العربية الإسلامية وخاصة المتمسلمين فيهم، وقد أفرزت تداعيات القضية الفلسطينية خلال الخمسينات والستينات من القرن المضي كل الأفكار الحزبية المعروفة إلى أيامنا ولكنني لم اقتنع بأي حزب وبقيت مستقلا في قناعاتي مراقبا لممارسات هذه الأحزاب على الساحة المحلية والإقليمية والدولية وقرأت الكثير الكثير حتى أتبنى مبدأ معينا ولكنني لم أحقق هذه الغاية، وبقيت كمعظم أفراد المجتمع أمارس النفاق الاجتماعي فيما يتعلق بالدين. وبما أنني ولدت مسلما، فمن الطبيعي أن تكون دائرة النفاق الأوسع في مجال التمسك دون الاقتناع الكامل والراسخ بالمعتقد. واستمرت هذه الحالة من اللاوعي حتى سافرت إلى دولة الإمارات عام 1974 وعملت في مجال الإعلام الذي رافقني على مدى مراحل عمري وبحكم علاقتي الحميمة باللغة العربية والشعر قراءة وحفظا ونظما أصبحت بحمد الله أتمتع بسليقة عربية لا بأس بها، وعندما انطلقت الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 كنت متأثرا بها إلى أبعد الحدود حتى وصلت إلى حد العشق للمذهب الجعفري الاثنا عشري، وبقيت على هذه الحال حتى تدخلت الأقدار بمحض الصدفة لتقودني إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة في ظروف بالتأكيد ليست عادية، فأنا من عادتي في التعامل مع الشاشة المرئية متابعة المحطات الفضائية الجادة دون الاهتمام بالفضائيات الساذجة التي لا تحمل أي مضمون أو غاية، وفي إحدى الليالي وأثناء تقليبي للمحطات استوقفني برنامج للأستاذ المهندس فتحي عبد السلام حيث كان لحسن حظي يقوم بتفسير إحدى قصائد المسيح الموعود عليه السلام وهي تنتهي بحرف الراء، وكانت في غاية الروعة والإبداع وقد بقيت معه حتى انتهى من البرنامج فإذا بإشارة على الشاشة التي أمامي تحمل عنوانا أراه لأول مرة وهو MTA العربية، وإذا بالمذيع يقدم قصة المسيخ الدجال مدعما بالصور والرواية المدهشة للغز المسيخ الدجال من خلال الحديث النبوي الشريف حول حقيقة هذا الحديث وقد شجعني هذا البرنامج على المتابعة، وإذا ببرنامج "الحوار المباشر" الذي تناول في تلك الليلة الردود على الكتاب المقدس بأسلوب علمي حضاري يدل على وعي المحاورين ورسوخ عقيدتهم وصدق انتمائهم للجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة، ومنذ تلك الليلة أصبحت مدمنا على متابعة هذه القناة مما دفعني إلى كتابة قصيدة مدح لهذه الجماعة التي لم أسمع عنها أبدا، إلا ما قراءته عنها منذ بداية الستينيات حيث قرأت في إحدى الكتب أن هناك فرقة ضالة يدعي مؤسسها أنه نبي بعد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد متابعتي المتواصلة لـ MTA العربية أصبحت أحمديا بنسبة 50% على الأقل، وفي صباح أحد الأيام خطر ببالي أن أزور أحد أصدقائي في مدينة رام الله حيث أنني أقيم في إحدى ضواحي رام الله في بلدة بيتونيا، وأثناء ركوبي في الباص لفت انتباهي أن السائق كان مسرعا ولم يكن مهتما بتحميل عدد أكبر من الركاب ووصلنا الى مرآب الباصات، وعند نزولي شاهدت على بعد أمتار شخصا يحمل بعض الأوراق كعادة الذين يحملون منشورات دعاية لافتتاح المحلات التجارية وقبل الوصول إليه لفت انتباهي أدب هذا الشاب الملتحي ووقاره وهدوءه في توزيع البطاقات (وكان هذا الشاب هو الأخ شادي مدلل) ولما وصلت إليه سلمني بطاقة تحمل عنوان الفضائية في لندن، وبعد ابتعادي عنه لأمتار قليلة نظرت في البطاقة، فرجعت وقلت له إنني من متابعي هذه القناة وأنا أعمل في الإعلام مدى عمري وقد كتبت فيكم قصيدة فقال مبتسما هل هي في المدح أو الذم فقلت له بل هي مدح ومن القلب فزاد اهتمامه بالموضوع وسلمني مجلة و قرصا مدمجا خاصا بالأحمدية وقال لي أن هناك جلسة سنوية في قرية الكبابير في حيفا وسأحاول إذا رغبت أن تكون ضيفا علينا للتعرف على الجماعة، فشعرت بالسعادة ولم أكن أتخيل هذه المصادفة الغريبة... وكم كانت سعادتي منذ اللحظة الأولى لتشرفي بلقاء الأخوة في مركز الكبابير وخاصة أمير الجماعة في الديار المقدسة الأخ الفاضل الأستاذ محمد شريف الذي غمرني بلطفه ودماثته وطيب لقائه وابتسامته المطمئنة التي لا تفارق وجهه المشرق، وقد شاركت في الجلسة السنوية بالقصيدة التي كتبتها بالجماعة والمسيح الموعود عليه السلام قبل اللقاء بأفرادها وبعد ثلاثة أيام عدت إلى رام الله دون أن أبايع، وحملت من الكبابير عددا من كتب الجماعة قرأتها برغبة جامحة وزادت قناعتي بهذه الدعوة المباركة فوقعت ورقة المبايعة وأرسلتها إلى المركز في الكبابير وتمت الموافقة بحمد الله بعد فترة قصيرة من إرسالها إلى الخليفة الخامس نصره الله وأيده في كل خطوة يخطوها لخدمة الإسلام والمسلمين، وخلال فترة المبايعة كانت المنامات من الرسائل الربانية الواضحة والدالة على صدق هذه الجماعة، ومن هذه المنامات أنني حلمت بأنني أقف بين يدي الله عز وجل لتأدية الصلاة في حفرة ليست عميقة وأثناء جلوسي في الحفرة نظرت خلفي فإذا بمجموعة من الناس بينهم الأخ الفاضل الأستاذ المهندس تميم أبو دقة وقد عرفت أن هذه المجموعة من الجماعة الأحمدية المباركة، فذهبت إلى الأخ تميم وقلت له: إنني أرجو من الجماعة أن تطبع الفقه للجماعة على النحو التالي: أعمال الصلاة وأعمال الزكاة وأعمال الحج وصوم رمضان حتى نلتزم بها برؤية واضحة، فقال لي دون تعليق على طلبي هذا أن عشرين صادقين صابرين أهم من أي عدد مهما كان كبيرا فالمهم هو الكيف وليس الكم وكان مبتسما وفي غاية الانشراح والسرور وفي هذا الجو الروحاني المريح صحوت من النوم، وخلال هذه الفترة تركزت مناماتي لمعظم إشاراتها على الجماعة الأحمدية حيث رأيت الأخ هاني طاهر والأخ محمد شريف وفي رؤيتي للأخ هاني قال لي إنه سيحضر إلى رام الله وسيرد على أسئلتي وكنت خلال المنام أحمل كتابا لي من تأليفي ولقد طلبت منه أن يقرأ الكتاب ويكتب لي مقدمة فقال لي سآتي إلى رام الله وبالفعل بعد فترة قصيرة حضر الى رام الله من لندن وشرفني بزيارتي في بيتي ولقد كنت سعيدا جدا بهذه الزيارة.
الجدير بالذكر أن عالم المنامات في حياتي غني جدا ولا أذكر أنني غفوت ولو للحظات دون الدخول في عالم البرزخ والمنامات وكثير من أحلامي تتحقق والله يشهد أنني رأيت الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وآله عدة مرات وهناك أحلام لا أجرؤ على التصريح بها حتى لا أتهم بالكذب والله أعلم أنني صادق فيما أقول إلا ما أنساه رغما عني وأنا الآن في غاية الاطمئنان والسعادة وبدأت أشعر بتحقيق الأماني الدينية والدنيوية بشكل ملفت للنظر فالحمد الله على هذه النعمة العظيمة مصداقا لقوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث)
والسلام


 

خطب الجمعة الأخيرة