يقول المسيح الموعود عليه السلام:
كل نبي يمر بمرحلة الصبر في البداية، ثم حين يقدَّر هلاك قوم بحسب مشيئة الله تنشأ في النبي حالة الألم فيدعو وتتهيأ الظروف إما لدمار القوم أو لإصلاحهم. لقد ظل نوح عليه السلام يصبر في البداية ويتحمّل إيذاء قومه ثم حين شاءت مشيئة الله دمار قومه تولدت حالة الألم وتصاعد من القلب صوت: { رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } . ولا تنشأ هذه الحالة ما لم تشأ مشيئة الله. لقد صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى 13 عاما في البداية، ثم حين نشأت حالة الألم نزل العذاب على الأعداء بصورة القتال. (بدر، مجلد6، رقم19، عدد9/5/1907م، ص4)
ويقول الخليفة الثاني رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ): هذه الآية أيضا تؤكد بكل وضوح وجلاء أن دعاء نوح لقومه، سواء أكان دعاء خير أم دعاء شر، إنما كان بأمر من عند الله تعالى، لا من عند نفسه، لأنه تعالى يأمره هنا { فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } ، مما يؤكد أنه لم يكن قد يئس من إيمانِ قومه إلى حين نزول هذا الأمر الإلهي، بل كان قلقًا على حالتهم بسبب عدم إيمانهم. فلو اعتبرنا دعاءه { رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } دعاءً عليهم، لوجب علينا أن نرى ما إذا كان هذا الدعاء قد صدر عنه قبل أم بعد نزول الآية التي نحن بصدد تفسيرها؟ فإذا كان قد دعا به بعد نزولها، فلن يُعتبر دعاء شرٍ، بل إنه كان تعبيرًا عن استسلامه لقضاء الله فيهم، لأنه تعالى إذا كان قد قرر تدميرهم من قبل، فما كان نوح بحاجة للدعاء لهلاكهم. أما إذا قيل بأنه قد دعا به قبل هذا القضاء الإلهي فلا يبدو هذا قولاً صائبًا، لأنه لو كان قد دعا لهلاكهم قبل صدور هذا القضاء فكيف قيل له { فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } . كيف يمكن أن يصاب بالقلق والهمّ على سماع هلاك قوم كان يدعو من قبل لهلاكهم، بل يجب أن يسرّه الخبر؟ فالواقع أن القضاء السماوي لهلاكهم كان أسبق زمنًا من دعائه هذا، وأن دعاءه ليس دعاء شر وإنما هو بمثابة تعبيره عن قبوله قضاءَ الله وانقياده لقرار السماء. وكأنه يقول: يا رب، ما دمتَ قد قضيت بهلاكهم فأهلِكْهم، فأنا راضٍ ومستسلم لقضائك.
أما إذا كان أحد يصرّ على اعتباره دعاء شر فليعلم أن نوحًا - عليه السلام - لم يدعُ به من تلقاء نفسه بل بأمرٍ من عندِ الله، ومثل هذا الدعاء لا يمس بشأن الأنبياء، لأنه إذا أخبر العليم الخبير بمصيرٍ تعيسٍ لقومٍ فالدعاء بحرمانهم من الهدى لا يمثّل إلا بيانًا للواقع والحقيقة.
ولو قيل: ما دام الله قد قرر هلاكهم فما الداعي لأن يدعو بهذا الدعاء؟ فالجواب هو أن النبي رغم تلقِّيه خبرَ عذاب قومه، لا يزال يشفع عند الله لهم نظرًا إلى رحمة الله الواسعة، عسى أن يلغي وعيده بالعذاب. وهذا ما فعل نوح عليه السلام، إذ لم يبرح يتوسّل إلى الله تعالى طالبًا لهم الرحمة إلى أن أدرك أن تأخير العذاب أكثر من ذلك ضارّ بمصالح الدّين، وإذّاك دعا ربه قائلاً: فليكن الآن، يارب، ما قررت وقضيت. (التفسير الكبير)
أما السؤال الثاني فالإنسان هو الذي يختار الإيمان أو الكفر، ولا يجبره الله تعالى على ذلك.
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8