loader
 

السؤال: السلام عليكم . ما رايكم بالوصية الواجبة في قانون الاحوال الشخصية العراقي الذي يورث الاحفاد حصة ابيهم المتوفى قبل جدهم من تركة الجد بوجود الاعمام على ان لاتزيد عن ثلث التركة. هل هذا متوافق مع العدل الالهي ؟ مع التقدير .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
لا يجوز أن تكون الوصية واجبة، وإلا لكان أولى أن يشرِّعها الله تعالى! لذلك من الخطأ فرضها في قوانين الميراث.
ولكن يُستحب بصورة عامة أن يوصي الجد لأحفاده إن كان والدهم قد توفي في حياته. خاصة إن كانوا ضعفاء محتاجين.
وفي الحقيقة، فإن الظن أنه لا بد من الاستدارك على حصص الميراث التي فرضتها الشريعة- وكذلك غيرها من الاعتراضات على مسألة الميراث كفرض حصة الذكر مثل حظ الأنثيين غالبا- ناجم عن نظرة أحادية خاطئة تفترض بأن الميراث هو كل ما يترتب للورثة من حقوق، وتتناسى واجب الإنفاق على ذوي القربى؛ والذي هو حق واجب مفروض له الأولوية، ويرتِّب واجبات مالية غالبا ما تكون أكبر بكثير من حصص الميراث.
فالشرع وإن كان لا يفرض لأبناء الابن المتوفَّى نصيبا من ميراث جدهم، إلا أنه يفرض الرعاية والكفالة لهم، وكذلك الإنفاق على المحتاجين منهم، وذلك على جدهم في حياته أو على أعمامم الموسرين، بمجرد وفاة والدهم، حتى يبلغوا أشدهم. وبعد وفاة الجد، فإن حق الإنفاق والكفالة يرتِّب على الأعمام الوارثين أو غيرهم من الأقارب الموسرين ما لو تمّ احتسابه لكان أكبر بكثير من حصة الميراث التي كان من المفترض أن يرثها والدهم من ميراث أبيه إن كان حيا، اللهم إلا في حالات نادرة جدا. وحتى في هذه الحالات النادرة، فإن دفع المال لهم لا يغني عن حاجتهم إلى الرعاية والكفالة إن كانوا صغارا ومحتاجين.
فالشرع لم ينسَ حق الأحفاد اليتامى المحتاجين ولم يهملهم أو يظلمهم، بل فرض لهم حقا واجبا في جانب الإنفاق والكفالة، وهذا حق أكبر من حق الميراث يناسب وضعهم ويمتد على فترة زمنية طويلة، وبترافق مع واجب معنوي من الرعاية والكفالة. وهذا في الواقع يُظهر شمولية وجمال الشرع الإسلامي الحكيم، الذي تدارك كل الجوانب، وكفل لذوي القربى - بل وكل المحتاجين في المجتمع - حقوقا واجبة على الأقارب والمجتمع، تضمن لهم حياة كريمة ودعما ورعاية مادية ومعنوية، وقد ورد ذلك في مواضع كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} (الإسراء 27).
ومع هذا، فقد حضَّ الله تعالى الورثة أن يؤتوا من الميراث نصيبا لذوي القربى من غير الورثة ومن المحتاجين إذا حضروا القسمة، مراعاة لمشاعرهم وإحسانا منهم وصدقة، حيث قال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (النساء 9). ولا شك أن أولى هذه الفئة هم أحفاد المتوفّى اليتامى المحتاجين، إن لم يكن قد أوصى لهم جدهم بشيء. وبهذا تتوثق الروابط معهم، ويشعرون بمواساة أقاربهم لهم.
تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة