{إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
التفســير:
يتبين من قوله تعالى (يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ) أن الحواريين لم يسألوا عيسى وجبة من الطعام، وإنما طلبوا مددا دائما من المؤونة يأتيهم من دون مشقة أو مصاعب. وكلمة (من السماء) تنطوي على اتصاف الشيء المنَزّل باليسر والدوام والضمان.
{قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
التفســير:
ذكر تلاميذ عيسى في الآية أربعة أمور تتحقق عند استجاية مطلبهم. (1) أن يأكلوا من المائدة ويُشبعوا جوعهم. (2) أن تطمئن قلوبهم، وهذا أيضا يبين أنهم رغبوا في مدد دائم من المؤونة، لأن الوجبة الواحدة لا يمكن أن تطمئن قلوبهم، وتزيل قلقهم بشأن حياتهم المستقبلة حتى يتمكنوا من تبليغ رسالة الله تعالى وقد تخفّفوا من كل همّ، ويكرّسوا كل جهدهم في خدمة دينهم. (3) أن تتحقق نبوءة المسيح عليه السلام الواردة في الآية 50 من سورة آل عمران. (4) أن يكونوا شهداء على استجابة دعائه وصدق دينهم، وليعلم الناس أن الله تعالى يؤازر ويفضل الذين أخلصوا في خدمة دينه.
ويكشف تاريخ الكنيسة المسيحية في فجر نشأتها أن الله تعالى قد كفل لهم بالفعل زادا غير عادي لإعالة الذين تفرّغوا مخلصين لنشر رسالة المسيح عليه السلام. بل اليوم، وقد انحرف المسيحيون بعيدا عن الحق، لا يزالون يستمتعون بمائدة حافلة بطعام شهي.
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ
التفســير:
يتضح من الآية الكريمة أن المسيح عليه السلام وافق على رغبة حوارييه، ولذلك عندما توجه إلى الله تعالى بالدعاء أدخل نفسه بينهم.
ويتضمن قوله تعالى (تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا) نبوءة عظيمة، تشير إلى فترتين من الازدهار والتقدم للأمة المسيحية كما يُفهم من لفظة "عيد" التي تعني "اليوم الذي يعود". وقد كانت الفترة الأولى بعد المسيح عليه السلام مباشرة، وقُدِّر للثانية أن تكون في آخر الزمان، والفاصل بينهما يتسم بالانحلال والانحطاط. وهذا بالضبط ما تشير اليه بوضوح عبارة (أَوَّلِنَا وََْاخِرِنَا). ولقد منح الله تعالى الشعوب المسيحية كثيرا من الخيرات الدنيوية في العصور الأولى، قبل نهضة الإسلام. وكذلك الآن، بعد اضمحلال الإسلام، نالوا من الرخاء والعظمة المادية بقدر ليس له نظير في التاريخ لأية أمة دينية أخرى. ولكن بنُزول مثيل عيسى في شخص أحمد المسيح الموعود في الإسلام، قاربت شمس "آخر المسيحيين" على الأفول، وليس بوسعهم اليوم أن يخلّصوا أنفسهم إلا إذا أظهروا اهتمامهم بأمر الذي جاء بروح سيدهم وسلطانه.
قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ }
التفســير:
وتبين هذه الآية بوضوح أن "المائدة" لا تعني وجبة طعام تنْزل عليهم فعلا من السماء، لأن مثل هذه المعجزة لم تحدث قط، فمن المحال أن يكفر من يشهد هذه الظاهرة العجيبة، ويرى بعينه سماطا ممدودا حافلا بالأطعمة نازلا من السماء.
والعقاب المشار إليه هو نفسه الوارد في (مريم:91) (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا).
ولقد كفر المسيحيون فعلا بعد ذلك، وظهرت بوادر العقاب الذي أُنذروا به، ولقد كانت الحرب العالمية الأخيرة وردود الفعل الناجمة عنها تمثل مرحلة من مراحل تحقق تلك النبوءة، والله تعالى يعلم ما حكم به على المسيحيين وما ينتظرهم من عذاب رهيب في قابل أيامهم مصداقا للنبوءة العظيمة.
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8