loader
 

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله و بركاته- لا نسخ فى القرأن الكريم- هل يوجد نسخ فى السنة المطهرة ؟ وما أسباب ذلك ان وجد ؟ وما مظاهره ؟ وكيف نحدد الناسخ والمنسوخ وما المعيار الصحيح لذلك ؟ وهل من دليل من القرأن على جواز النسخ فى السنة ؟ أرجو التفصيل ولكم الشكر و التقدير

ليس في السنة نسخ. أي ليس في السنة تناقض. أي ليس في السنة أمرٌ بكذا ثم نهيٌ عنه، ولا نهي عن كذا ثم أمرٌ به. ولكن بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحكام مرتبطة بعلّتـها. أي أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بشيء بسبب شيء ما، وينهى عن شيء لسبب ما، فلا يكون أمره أو نهيه مطلقا، بل مرتبط بظرف.
فإذا زالت هذه العلة أو هذا السبب أو هذا الظرف أو هذه الحالة التي جاء الأمر أو النهي بسببها، فإن هذا الحكم يُرفع، أي يزول. مثال على ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور. فالنهي لم يكن مطلقا، بل كان بسبب الخوف من الوقوع في الشرك، لذا لمّا أَمِن صلى الله عليه وسلم ذلك سمح بالزيارة ثانية. فعندما زالت هذه العلّة زال الحكم، ولو عادت العلّة لعاد الحكم. فلو خشينا على شخص اليوم من الشرك لو زار القبور لمنعناه من ذلك. كما نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ادخار لحوم الأضاحي لأكثر من ثلاثة أيام، وظنّه البعض نهيًا أبديًّا، لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بيّن في السنة التالية أنه نهى عن هذا الادخار من أجل الضيوف الذين كانوا قد قدموا في ذلك الوقت.. أي ليحث الصحابة على إطعامهم من لحوم الأضاحي. فهذا ليس نسخا، بل هو من باب زوال الحكم لزوال علتـه.
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقَالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادَّخِرُوا ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ. فَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا.
باختصار، ليس في الأحاديث أو السنة منسوخا. ولا بدّ من تنزيه نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أي تناقض في حديثه أو تعارض في سلوكه، بل كان خلقه القرآن الذي لا نسخ فيه ولا يأتيه الباطل.


 

خطب الجمعة الأخيرة