loader
 

السؤال: اشكركم جزيل الشكر على اهتمامكم بالرد . وشكر خاص للمفكر الاسلامي هاني الدي انا جدا ادهل لدوده الرائعة واالقنعة ولي سؤال يرجى التفضل بالاجابة عليه وهو: مادا لواتانا انسان آخر وادعى انه فيض من نبوة مرزا غلام احمد وانه من نوره وفضل تبعيته لخاتم النبيين . آمل ان يكون سؤالي واضحا

نطبق عليه أدلة صدق المبعوثين من عند الله، فإن تحققت فيه آمنا به وصدّقناه، وإن لم تتحقق به فإن الله تكفل بالقضاء عليه، ولن نأبه به قط.

ربما من المفيد بداية التفريق بين المقام والدعوى. فمقام النبوة كان موجودا في الأمة واستمر، وهو موجود اليوم وسيبقى إلى يوم القيامة فيمن آمن وصدق بالإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. ومن نال هذا المقام أصبح نبيا بالنظر إلى كثرة المكالمة والمخاطبة والإنباء من الله تعالى. وبقدر ما يقترب المؤمن من هذا المقام بقدر ما يكون أكثر طاعة للخلافة والتزاما بها. أما الدعوى فهي اختيار شخص من هذا المقام ليقوم بمهمة محددة يكلفه بها الله تعالى، فبهذا يُعرف هذا الشخص وتُشهر نبوته؛ أي يظهر مقامه النبوي.
لقد بيَّن حضرة الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام في كتابه "الوصية" أن ظهور النبي يعتبر"القدرة أولى" التي تظهر في صفات الله وتأييده لرسوله ويتحقق فيها نصره. أما بعد وفاته، وعندما يظن المعارضون أن أمره أوشك على الفناء ونجمه أوشك على الأفول، تظهر "القدرة الثانية" والتي هي الخلافة على منهاج النبوة التي تستمر من خلالها دعواه. والآن هو وقت القدرة الثانية لبعثة الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام؛ أي الخلافة على منهاج النبوة التي تتميز بأنها لن تنقطع إلى يوم القيامة طبقا لما أنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد كان الخلفاء في الأمم السابقة هم من الأنبياء؛ أي كان الله تعالى يختار نبيا ليخلف نبيا هلك قبله. ولم يجعل الله تعالى للأمم السابقة دورا في اختيار خلفائهم، بل كان يختارهم مباشرة. بينما ظهرت الخلافة بصورتها الكاملة في الأمة الإسلامية، حيث أعطى الله تعالى للأمة الإسلامية ميزة ودورا يقتضيه تفوق هذه الأمة وكمالها. ففي الأمة الإسلامية يختار الله الخليفة بطريقة غير مباشرة، حيث يرشد الله القلوب الضارعة للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ويوجهها لاختيار خليفة الوقت، فتتجلى صفة الاصطفاء الإلهي فيهم. وهذا لم يكن لأمه من قبل هذه الأمة.
المميز في الخلافة في الإسلام أن الخلافة الراشدة تكون علامة على صلاح الأمة وتكون سببا لصيانة التقوى والصلاح والعمل الصالح فيها. فالخلافة في الإسلام وعد يرتبط بشروط يجب على المؤمنين أن يلتزموا بها؛ وهي الإيمان والعمل الصالح. فكل مؤمن يدرك أنه بقدر ما يزداد إيمانا وبقدر ما يسارع في الخيرات والعمل الصالح فإنه يعزز الخلافة ويقويها ويحافظ عليها.
أما ظهور النبي فهو إعلان عن فساد قومه، فلا يظهر النبي إلا في حال الفساد الطاغي الذي يملأ البر والبحر. وما كان ظهور الخلافة في الأمم السابقة على صورة النبوة وبالاختيار المباشر من الله تعالى إلا بسبب قصور تلك الأمم وفسادها، فلم تكن تلك الأمم على درجة من التقدم بحيث تكون مؤهلة ليختار الله تعالى الخليفة من خلالها بطريق غير مباشر ويتجلى فيها اصطفاؤه.
وقد ظهر الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام واختاره الله تعالى مباشرة بسبب فساد الأمة. فأصلح الله تعالى به حال الأمة وأعادها إلى ما وضعها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وزرع الله تعالى به الخلافة على منهاج النبوة لكي تستمر الأبد. واستمرار الخلافة علامة على استمرار صلاح الأمة ودليل عليها.
وهكذا يتضح وفقا لما سبق أن وجود الخلافة يحجب تلقائيا إمكانية ظهور دعوى نبوة تنازع الخلافة وتدعو إلى تركها، لأن الخلافة هي "القدرة الثانية" المستمرة إلى يوم القيامة كما أوضحنا، وهي التي بوجودها يستمر بروز الدليل على صلاح الأمة، ولأن ظهور دعوى نبوة من جديد هو إعلان عن انقطاع القدرة الثانية وإعلان عن فساد عظيم في الأمة مجددا. أما مقام النبوة (دون دعوى تنازع الخلافة) فهو مستمر كما قلنا، ولكن من يصلون إليه ويقتربون منه سيكونون في خدمة الخلافة وخاضعين لها.
تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة