loader
 

السؤال: السلام عليكم..لقد ذكر الإسراء في القرآن ولكن المعراج لم يذكر فما قولكم في ذالك

إن حادث المعراج مذكور في القرآن الكريم. وذلك في هذه الآيات من سورة النجم، حيث يقول الله تعالى } إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَديدُ الْقُوَى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وهو بالأُفُق الأعلَى *ثُمَّ دَنَا فتَدَلَّى* فكان قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عبده ما أَوْحَى* مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ على ما يَرَى* ولقد رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى *عندها جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى{(النجم:5 - 19)
يقول الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام بعد ذكر هذه الآيات: "تشير هذه الآيات إلى المعراج النبوي الشريف، والدليل على ذلك هو أن كل ما ورد فيها يتعلق بحادث المعراج. ويُستخلص من هذه الآيات ما يلي:
1- وصولُ النبي * إلى سدرة المنتهى
2- غشيانُ شيءٍ ما سدرةَ المنتهى أثناء ذلك
3- رؤيتُه * الجنةَ عندها
4- وصولُه * إلى حالة وصفها قوله تعالى: *فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى *
5- رؤيتُه * البارئ تعالى
6- نـزولُ الوحي عليه *.
وكل هذه الأمور مذكورة في الروايات التي تصف حادث المعراج. وإليكم بيانها:
1- وصول النبي * إلى سدرة المنتهى: فهناك رواية عن أبي هريرة * وقد سجلها كل من هؤلاء المحدثين الستة في كتبهم: ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبزّار، وأبو يَعلى، والبيهقي. وقد ورد فيها أن النبي بعد أن وصل إلى السماء ليلة المعراج وقابلَ الأنبياء انتهى إلى السدرة. (الخصائص الكبرى ج 1 باب خصوصيته *)
وهناك رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري قد نقلها كل من ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وابن العساكر، وتؤكد هذه الرواية ذهاب النبي * إلى السماء، ولقائه بالأنبياء هناك، ثم وصولِه إلى سدرة المنتهى. (المرجع السابق)
وفي رواية أخرى عن مالك ابن صعصعة: "ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى". (البخاري: كتاب بدءُ الخلق، باب ذِكر الملائكة؛ مسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله؛ مسند أحمد: مسند الأنصار، وابن جرير)
ثم هناك رواية في البخاري عن أبي ذرٍّ تذكر ذهابَه * إلى السماء ولقاءَه الأنبياءَ، ووصولَه إلى سدرة المنتهى. (البخاري: كتاب الصلاة، باب كيف فُرضت الصلاة)
2- غشيانُ شيء ما السدرةَ حينذاك: وهذا أيضًا مسجَّل في أحاديث المعراج. فقد ورد في الرواية المشار إليها أعلاه أن النبي * قال: "فغَشِيَها نورُ الخلّاق *" (الخصائص الكبرى). كما ورد: "فلما غشيها مِن أمر الله ما غشي تغيرتْ، فما أحدٌ من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها" (مسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله *).
3- رؤية النبي * الجنةَ عند سدرة المنتهى: وهذا أيضًا مذكور في أحاديث المعراج حيث ورد في رواية لأبي سعيد الخدري نقلها العديد من المحدثين أنه * قال: "ثم إني رُفعتُ إلى الجنة"، وذلك بعد لقائه بالأنبياء الآخرين. (الخصائص الكبرى ص 165).
4- برؤية هذه المشاهد طرأت على النبي * حالة وصفها الله بقوله *فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى*. وروايات المعراج تؤكد هذا الأمر أيضًا، فورد في رواية أبي سعيد الخدري المذكورة أعلاه أن النبي * قال: بعد وصولي إلى سدرة المنتهى "كان بيني وبينه قابَ قوسين أو أدنى". (المرجع السابق ص 169)
علمًا أنني لست هنا بصدد شرح هذه الأحاديث، وإنما أريد التأكيد أن الأحاديث الواردة في وصف المعراج تذكر نفس المشاهد المذكورة في سورة النجم.
5- رؤية النبيِّ * البارئ تعالى، كما يشير إلى ذلك قولـه تعالى: *مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى*. وقد ورد هذا المعنى في روايات عديدة عن المعراج، حيث نقل ابن مردويه عن أسماء بنت أبي بكر *: "سمعتُ رسولَ الله * وهو يصف سدرة المنتهى... فقلت: يا رسول الله، ما رأيتَ عندها؟ قال: رأيتُ عندها يعني ربَّه." (المرجع السابق ص 177).
وقال ابن عباس في قوله تعالى *مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى**: "رآه بفؤاده مرتين". (مسلم: كتاب الإيمان، باب معنى قوله تعالى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)
6- كلام الله تعالى مع النبي * عند سدرة المنتهى كما هو ظاهر من قوله تعالى *فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى*، وهذا أيضًا مسجّل في أحاديث المعراج، فقد نقلنا آنفًا رواية عن أبي هريرة تقول إن النبي * لما بلغ سدرة المنتهى "فكلّمه الله تعالى عند ذلك" (الخصائص الكبرى ص 155). كذلك نقل ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قول الرسول * إني لما وصلت إلى سدرة المنتهى "قال الله لي: يا محمد". (المرجع السابق ص 155)
لقد ثبت بذلك أن الحادث الذي تشير إليه سورةُ النجم إنما هو حادث المعراج نفسه.


 

خطب الجمعة الأخيرة