باختصار، فإن الأناجيل تذكر أنه قد علق لفترة محدودة لا تكفي للموت كما وضحنا سابقا، وأنه قد جاء قائد المائة ولكشه بالحربة في جنبه وخرج للوقت دم وماء، وهذا دليل طبي على أنه لم يمت، إذ لو مات فإن دمه سيكون قد تجلط. ثم كسرت أيدي وأرجل المصلوبين إلى جانبه ولم تكسر عظامه، ثم أخذ وسلم إلى يوسف الرامي أحد المؤمنين به، ثم بعد حادثة الصلب تراءى لمريم أمه ولمريم المجدلية وغيرهم، كما يذكر بولس أنه تراءى لمئات من الناس أيضا، كما تراءى لتلاميذه في الجليل وأكل معهم ولمسهم جراحه لكي لا يظنوا أنهم يرون رؤيا أو أنه كان روحا وليس جسدا من لحم ودم.
وتفترض النظرية المسيحية أن المسيح قد قام من الموت بعد حادثة الصلب. ولكن الأولى القول أنه لم يمت أصلا، بل ظن كل الناس في حينها أنه قد مات، أي (شُبِّه لهم).
لو سمعنا القصة على ما هي عليه، فإن المتبادر إلى الذهن بأخذ القصة ببساطة لا يكون سوى أنه لم يمت نتيجة الصلب وأنه قام من الإغماء لا الموت. أما القول بأنه مات فعلا وقد قام من الموت فعلا فهو ما يحتاج إلى دليل.
أما ذكرك لمسألة أن علماء اليهود شهدوا أنه سيقوم، فهذا مرجعه إلى نص صريح في الإنجيل، حيث وعد فيه بأنه سيلبث في بطن الأرض كما لبث يونان النبي في بطن الحوت، حيث ورد في إنجيل متى:
" حِينَئِذٍ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ: «يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». فَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. (متى 12: 38-40)
ومعلوم أن يونان النبي (يونس عليه السلام) قد دخل بطن الحوت حيا، وخرج منه حيا، ثم نصره الله بعد أن عاد إلى أهل نينوى فآمنوا به. ففهم علماء اليهود أن خروجه من بطن الأرض حيا إن حدث سيكون آية عظيمة له كما سيعقبه نصر له، فحاولوا ما بوسعهم كي يمنعوا ذلك. ولكن تحققت الآية رغما عنهم، فخرج من بطن الأرض حيا وشهد عدد من أتباعه هذا الخروج والتقوا به. ثم سافر إلى خراف بيت إسرائيل الضالة الذين كانوا قد شردوا بعيدا عن فلسطين إلى كشمير وما حولها، وهناك صدقوه وآمنوا به ونصروه.
أكرر مرة أخرى، إنه لا يوجد دليل على أنه قد مات بالفعل على الصليب، بينما كل القرائن وكل ما حدث بعد ذلك يشير على أنه كان مشرفا على الموت لكنه نجا. فلو تحرر أي قارئ من نظرية بولس وقرأ الأناجيل ببساطة لأدرك هذه الحقيقة.
وليس أمام مسيحية بولس إلا أن تتمسك بموته لتبرر عقائدها الأساسية المبنية على تحقق الموت على الصليب، لذا لا بد أن تدافع عنه بكل وسيلة ضاربة بعرض الحائط كل الحقائق والدلائل المنطقية التي حفظت بشكل عجيب في الأناجيل.
فابحثوا عن الحق "والحق يحرركم" من بولس ومن غيره. فقد أراد بولس أن يجعل أتباع المسيح يقرون بأفضلية بني إسرائيل وتميزهم كي يعملوا على خدمة مصالحهم في المستقبل. وهذا ما يمكن اكتشافه بسهولة بقراءة رسالته إلى رومية. لقد عالجت نظرية بولس جريمة اضطهاد اليهود للمسيح ومحاولة قتله بجعلها خدمة للإنسانية جمعاء كان اليهود فيها مجرد أداة. فيالَ العجب! فقد أصبحت جريمة اليهود نعمة ومفتاحا للنعمة! ألم يأنِ للمسيحيين أن يكتشفوا هذه الخديعة الكبرى؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل، والله الموفق.
تميم أبو دقة
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8