loader
 

السؤال: اتمنى من الاحوة المسيحيين التفكير والتدبر فى فهم القران الكريم وعدم اتباع المضللين والحاقدين على الاسلام.

نضم صوتنا إلى صوتك، ونسأل الله أن يهديهم جميعا إلى الحق الذي يحررهم.

على الإخوة المسيحيين أن يعلموا أن مصدر الإسلام هو القرآن الكريم والسنة القطعية الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لا المرويات والأحاديث ولا السيرة ولا تفسير. وعليهم أن يعلموا أن كل المرويات المشوهة التي يتصيدها المضللون والحاقدون هي أصلا مرفوضة عند قطاع واسع من المسلمين على أسس بينة واضحة. كما أن التفاسير في الإسلام لا تعتبر مصدرا بل هي قابلة للرد بمجرد ظهور فسادها.

عليهم أن يتذكروا أيضا أن معظم المرويات السخيفة المشوهة مصدرها كان الإسرائيليات التي أصلها الكتاب المقدس وأقاصيص الكهان من اليهود والنصارى. وعندما نقلها المسلمون إنما نقلوها بدافع حسن الظن في الآخرين وبدافع عدم الحاجة إلى تكذيب الناس جملة وتفصيلا دون دليل. وهذا بحد ذاته يشكل نقطة مضيئة في الإسلام القائم على التصديق لا على التكذيب، والقائم على حسن الظن لا على سوء الظن. فالإسلام لا يأمر بقذف الآخرين بالكذب طالما لم يثبت كذبهم، كما لا يؤمر بسوء الظن ويرفض أن يكون المبدأ الأساس في التعامل مع الآخرين. فنقل العلماء السابقون الإسرائيليات ظانين بالمسيحيين وباليهود ظنا حسنا، فهل يلامون على ذلك الآن من قبلهم؟!

ولا بد من الاعتراف أن كثيرا من المسلمين في هذا الوقت قد انحرفوا عن الإسلام الصحيح وتأثروا بالمرويات والقصص والأمور التي ليست من أصل الإسلام. ولا بد من الاعتراف أن الأمور قد وصلت إلى حد كبير من الخطورة أحيانا؛ وما حالة المعاناة التي يعانيها المسلمون الآن إلا نتيجة ذلك. ومع أن المسلمين مطالبون بالارتداد إلى معين الإسلام الصافي الذي هيأه الله ببعثة الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام خصيصا لهذا الوقت، فإن غير المسلمين مطالبون أيضا بمحاكمة الإسلام بناءً على مبادئه الأصيلة لا بناءً على الانحرافات والأخطاء التي وقع فيها المسلمون حاليا والتي ليست من أصل الدين. ومع ذلك فإن نقاء الإسلام وصفاءه وصحة عقائده لم تحجب كلية بتلك الأخطاء والانحرافات، ولا يملك الباحث المنصف إلا التسليم بها والإقرار بتفوقها على غيرها بدرجات كبيرة حتى في هذا الوقت العصيب.

كذلك لا بد من الانتباه إلى أنه مهما ظهر الإسلام مشوها للآخرين، فإن صحة المسيحية لا تثبت بفساد الإسلام وعدم صحته جدلا. فلو كان الإسلام ليس صحيحا، فهذا لا يعني بالضرورة أن المسيحية هي الصحيحة. فلا ينبغي أن يظن مسيحي أنه على الحق طالما رأى أن الإسلام فيه بعض النقاط المريبة من وجهة نظره. فلو كان في عين الإسلام قذى جدلا، فهل يعني ذلك أن عين المسيحية نظيفة ليس فيها خشبة؟!

إن الباب مفتوح للمسيحيين ولغيرهم أن يحاولوا تبيان صحة عقائدهم، ولا بد أن يبقى هذا الباب مفتوحا دائما، ولن ننظر إلى أي أحد يحاول ذلك إلا بعين العطف والمحبة والتفهم. كما أن الباب مفتوح لنقد الإسلام وطرح الأسئلة والمناقشة، ونحن دائما على استعداد للشرح والتوضيح والإجابة والنقاش. ولكن الأمر غير المقبول هو أن يلجأوا إلى الإساءة والفحش والكذب والتزوير والدجل ظانين أنهم بذلك يطمسون حقيقة الإسلام وينصرون المسيحية. وعلى كل عاقل أن يدرك أن الذي يلجأ إلى هذه الأساليب ليس إلا العاجز الموتور الذي لا حجة عنده.

تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة