loader
 

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل هذا قول أم حديث: (لاعلم إلا في التعلم)؟

ورد في صحيح البخاري في كتاب العلم في باب "العلم قبل القول العمل" حديث ذكره البخاري في مقدمة الباب دون أن يذكر سنده حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما العلم بالتعلم".
وقد أخرج الترمذي القسم الأول من الحديث "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" بينما القسم الثاني أورده ابن أبي عاصم والطبراني من حديث مرفوع عن معاوية بن أبي سفيان بلفظ: "يا أيها الناس تعلموا، إنما العلم بالتعلم، والفقه بالتفقه، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" وبإسناد حسن.
كما ورد في الجامع الصغير للسيوطي القسم الثاني ضمن حديث بلفظ:
"إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه" وهو ضعيف حسب تخريج السيوطي.
وهكذا يتضح أن الجزء "إنما العلم بالتعلم" هو أغلب الظن قول معاوية لا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
وعلى كل حال، فلو حاولنا فهم هذا القول على ضوء القرآن الكريم، وإذا انتبهنا جيدا إلى السياق الذي ذكر فيه في الأحاديث السابقة، نجد أن تعميم المقولة لا يصح. فالتعميم يجعله لا ينطبق على الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه الذي قد نال أرفع العلوم بالوحي الإلهي مع أنه لم ينل نصيبا من التعليم على أيدي البشر. فلا ينبغي أن نفهم أن هذا الحديث يفيد حصر العلم بالتعلم من الآخرين من البشر أو مما تركوه من آثار وعلوم، بل لا بد من الانتباه إلى أن أهم العلم هو ما يناله الإنسان بالوحي الإلهي الذي يتنزل على الإنسان نتيجة للتقوى والجهاد في الله والجد والاجتهاد. ولا يصح التعميم إلا على وجه أن نقصد بالتعلم أي كل ما يناله الإنسان من التعليم من الآخرين ومن الله تعالى معا. وهذا الوجه بشكل عام بعيد عن قصد غالبية من يستدلون بهذا القول.
عموما فما يمكن أن نستفيده من هذا الحديث، وفقا لكل ماذكرنا سابقا، هو أنه على المتعلم أن يسعى إلى طلب العلم متقيًا لله متوكلا عليه حيث سيجد ضالته إما عند غيره ممن سبقوه أو مما سيعلمه الله تعالى إياه مباشرة.

تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة