لا يجب أن تصوم الحامل ولا المرضع بل تُفْطِران وَتُطْعِمان وَلَا قَضَاءَ عَلَيْها، إلا إذا انتهى الرضاع قبل رمضان القادم فتقضي كل منهما فقط، كما جاء في الحديث الشريف عن أنس الكعبي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:
"إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنْ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ الصِّيَامَ." (رواه الترمذيُّ في سننه 3/94 رقم 715 وقال: حديث حسن. ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه وغيرهم)
ذلك لأن الصيام عند الحمل يؤثر على صحة الجنين وعند الرضاعة يؤثر على صحة الرضيع، إذ يُنقص كمية ونوعية الغذاء والحليب اللازم للطفل. فالصوم للحامل والمرضع يخالف الدين الذي يأمر بعدم الإضرار والأذى.
فموقفنا هو أن تُفْطِر الحامل والمرضع، وتدفع كل منهما فدية عن الإفطار، وتقضي الصيام بعد الفراغ من الحمل والرضاع، ولكن هذا فقط إذا كان عندها متسع من الوقت قبل رمضان القادم، أما إذا حان وقت رمضان القادم أو لم يتبق وقت يكفي للقضاء قبل حلول رمضان القادم وهي لا زالت مرضع، فلا يجب أن تقضي صيام رمضان الفائت.
وعليه، إذا اضطرت الحامل والمرضع أن تفطر عدة رمضانات متعاقبة بسبب الحمل والإرضاع المتعاقب والمتواصل فعليها فقط أن تقضي رمضان الأخير الذي فاتها إن كان هناك متسعا من الوقت؛ وإلّا فلتدفع فقط الفدية.
وقد جاء في شرح الترمذي للحديث السابق في تبيان موقف أهل العلم في هذه المسألة:
"وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ وَتُطْعِمَانِ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وقَالَ بَعْضُهُمْ تُفْطِرَانِ وَتُطْعِمَانِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ شَاءَتَا قَضَتَا وَلَا إِطْعَامَ عَلَيْهِمَا، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَقُ." (سنَن الترمذي، كتاب الصوم، ص: 94، باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع)