ما حدث في سوريا فتنة، وكل الأطراف يتحملون المسئولية. فالخروج على الحاكم أو محاولة قلب نظام الحكم يخالف تعاليم الإسلام، وقد بات واضحا أن الخارجين كانوا لعبة بأيدي قوى أخرى خارجية، وقد تلاعب بهم مشايخ الفتنة والضلال الذين أرتدت إليهم الفتنة الآن وبدأوا يكتوون بنارها.
وفيما يتعلق بالنظام، فلا يبرر خطأ الخارجين له أن يبطش بالناس ويقتل دون هوادة. فكان الأجدر أن يعمل على وأد الفتنة بالعفو والصفح وبمحاولة احتواء الناس وامتصاص غضبهم، ولو فعل ما وجد لهؤلاء المتمردين ولشذاذ الآفاق الذين تقاطروا على البلاد من كل حدب وصوب مرتعا أو ملجأ أو مأوى، ولتعاون الشعب مع الحكومة في القضاء على الفتنة.
والموقف الصحيح عند الفتن هو اعتزالها وعدم المشاركة فيها بأي صورة، وهذا ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وما التزم به الصحابة الكرام أيضا دوما.
وخير الكلام كلام الله تعالى ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقد روى أبو دَاوُدَ في سننه عن أبي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
"قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أبَا ذَرٍّ»، قلتُ: لبّيك يا رسول الله! وسعديك وذكر الحديث. قال فيه: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَخَذَتِ النّاسَ مَوْتٌ، تكون الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ؟»، يعني: الْقَبْر، قلتُ: الله ورسولُهُ أَعْلَمُ، أو قال: ما يَخْتَارُ الله لي ورسولُهُ. قال: «عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ»، أو قال: «تَصْبِر». ثُمَّ قال لي: «يَا أبَا ذَرٍّ!»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يا رسولَ الله! وسَعَدَيْكَ. قال: «كَيْفَ أَنْتَ! إذا رَأَيْتَ أَحْجَارَ الزّيْتِ قَدْ غَرِقَتْ بالدَّمِ؟»، قُلْتُ: مَا خَارَ الله لِي ورسولُه. قال: «عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ»، قلتُ: يا رسولَ الله! أفلا آخذُ سَيْفِي فَأَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِي؟ قال: «شَارَكْتَ الْقَومَ إِذاً»، قال: قُلْتُ: فماذا تَأْمُرُنِي؟ قال: «تَلْزَمُ بَيْتَكِ»، قلتُ: فإن دخلَ عَلَى بَيْتِي؟ قال: «فَإِنْ خَشِيْتَ أَن يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ.»." (سنن أبي دَاوُدَ)
وَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
"سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُولُ: «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا.»" (سنن أَبي دَاوُدَ)
فهذا هو أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عند حدوث الفتن والقتل أن يقفل المؤمن بابه ولا يشارك في الفتن على الإطلاق بل ينقلب إلى رَبِّهِ بالدعاء والاستغفار واذا كان هنالك مجال للخروج من ذلك المكان فليفعل. أما إذا تعذر ذلك فلا مشاركة في الفتنة ولكن اعتزال كل الفتن وطلب العون من الله تعالى.
حفظكم الله وأعانكم ورزقكم العافية، اللّهُمّ آمين