loader
 

شهر رمضان شهر القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
هاهو رمضان يبحث عن رجال يقتدون بمثال مريم التي أدارت خواطرها بقوة وأحصنت فروجها، ويركزون بكل العقل واللب والكيان في قراءة الكلمات القرآنية وتسلق أعالي بروجها. لتتنزل عليهم أنوار الله الرحيم وتفتح لهم أبواب ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ها هو رمضان الندم ورمضان الاعتذار ورمضان المراجعة ورمضان الاحتراق والتجدد..
رمضان لطلاق الدنيا والصعود الروحي إلى حراء وفتح كتاب الآخرة وتذكر النشأة الأولى والموت وتصور اللقاء مع الله .. اللقاء الذي لا خلاص منه ولا مناص.
..
ها هو رمضان مخصص لننصت لله، شهر للاستماع إلى محاضرة الله الأرحم الحاضر دوما، يذكرنا الله الأكرم بحضوره الدائم، ويوقظ من يتذكر. ها هو الله في رمضان وهو يخطب ودنا بكتاب، ويخطب فينا ببلاغة ليفقه خطبته أولوا الألباب. ويقول ادعوني أستجب لكم فأنا المجيب بخير جواب.
افتحوا القرآن وفيه يعلن الله عن نفسه وأسمائه وبراهينها أروع إعلان.
وأنصح الجميع بقراءة كتابين لمسيح الله الموعود هما :كرامات الصادقين وإعجاز المسيح.
وإضافة الصفحات من 370 إلى 449 من البراهين الأحمدية له عليه السلام.
..
واقرأوا في القرآن وشاهدوا كيف تختال كمالات الله الرحمن الرحيم ومحامده وهو يدير مشروعه الإنساني من أوله وخلال أطواره ،حتى ينضج المشروع ويجتاز نوع الإنسان شتى أفران التسوية والإنضاج ويبلغ الآدمي محله وتذهب كل روح لمستقرها من رحمة الله. الله الذي جعل كل السور وكل التواريخ وكل الأقدار محصورة بين قوسين هما قوس الرحمن وقوس الرحيم. وسعا كل حي دون استثناء.
...
اقرأوا كيف يعاملكم الله تعالى كأمم لها وحدة بيت ورابطة، ومع ذلك يرعى الفرد المؤمن به والرافض لظلم أمته والمنكر لتمزيق لحمة البيت ويشمله بالعناية، وفي القرآن يريكم الله أنفسكم وأممكم في مرآة الصدق بلا بهتان.
..
انظروا في طول القرآن وعرضه كيف يعبر الله فيه عن روعة صفاته التي تتبدى في بنائه الغالي عليه وهو الإنسان.. وتعمقوا كيف حرم عليه كل نجس وخبيث وقذر، وكل سلوك همجي وكل ما يحط ويخجل، وكيف سن له الله كل ما يليق بالنبلاء وكل ما هو طيب وطاهر ومترفع ومؤدب، ومتحضر أنيس يأمن إليه من يساكنه ويجاوره ويعاهده، ويأمن إليه من يحدثه ويتلقى منه الخبر بصدق.
....
انظروا كيف يحرص الله على هذا البناء ويحرم هدمه وجرحه وسوء معاملته. ويحض على إكرامه والتصدق عليه بالخير وإطعامه وتحرير رقبته والرفق به ومعاونته بالمعروف والعطاء الكافي
انظروا في القرآن آية البيت الرائعة، وهي علامة على كنز عظمته المكنون سبحانه، تلك الآية المشروحة في أن الله بنى للناس بيتا وهم ضيوفه، وملأه بأنواع الزاد واللوازم، وجعل السماء له سقفا وفرش الأرض أحسن فرش بكل وسيلة عيش، وجعل عيشة الناس بيوتا تحوي أزواجا، وجعل شريعة البيوت هي الرحمة الطبيعية والرحمة المثقفة، وجعل البيت مدرسة المواطنة والإيثار والبر، وجعل بناء الكعبة وحرمتها وما حولها والضيافة والكرم عندها رمزا لله ورحمته وضيافته وقدر الإنسان عنده. وجعل لبنات هذه الكعبة من قيم التوحيد لله الرحمن ووحدة تراحم نوع الإنسان.
...
انظروا بعمق في طابور الأمم في عديد من السور: كيف يرسل الله الرسل بالإنسانية حين تسود السبعية، ويقيم الرسول دعائم قيم البيت والبر حين تسود الأنانية.. ويرسل الله رسولا بالعقل حين يسود التخريف والخبل، وبالعدل حين يسود الظلم، وبالعلم حين يسود الجهل والظلام، فيتبعه قليل ويلقون من الأغلبية ورؤسائها صنوف العداء، ويخرجون لهم من جعبة الغرائز ثعابين السخرية والهزء والتكبر والتكفير وإخفاء الحقائق والعنصرية والظلم والتمييز والتحامل وسوء الظن ونشر إشاعة الكذب واستحلال الحرمات وخطط الإبادة والتهميش وسوء المعاملة والحط من كرامة المواطنة؟!! كأنهم غزلان مؤمنة في غابة فيها وحوش كاسرة.
...
ويأله المؤمنون إلى الله وحده، ويتوجهون إليه ويدعون الله رب الناس، وينجيهم الله وينصرهم على الظالمين، ويظهر من صفات النصر والعزة والعظمة آيات عجيبة، ويهدم الله قرى الوحوش البشرية، ويحبط آلة التكفير الجهنمية، والمؤمنون يأمنون ( مؤمنون أي محل الثقة وناشروا الأمن ومحسنوا الظن) وينعم الله عليهم ويتخلصون من الممارسات الوحشية، ليعودوا لبناء بلد الإنسان على قيم البيت والعدل والإحسان.
...
ثم انظروا ما يحدث كيف يتغير حال الذين كانوا مؤمنين مظلومين إلى ظالمين مفترسين يمارسون مع الآخرين نفس ما كان يمارس ضدهم؟!. ونفس الممارسات صارت تتبع منهم ضد الأقليات شبرا بشبر وذراعا بذراعا حذو النعل بالنعل، لا يتركون مستنقعا دخله من كان يضطهدهم ولا جحرا ولا شقا إلا دخلوه مضطهدين هم لغيرهم.
عجبا كيف يتحول المظلوم إلى ظالم كاسر باغ سيء الظن تابع لكل ناعق مكفر للناس مصدق لكل تخريف؟ كيف صار لا فكر عنده ولا عقل؟
...
عجبا من انقلاب الإنسان على نفسه وربه.. الله بريء الساحة والناس هم الظالمون. وما يحدث من العذاب والمآسي فهو من الناس وذنبهم، وتأملوا صوركم في المرآة كيف يبغي الشعب الذي كان يعاني البغي، وعاد مسخا يستحل الحرمات ويكذب ويقتل ويقوم بالتكفير وينهب.. وتحسروا على ذلك الذي كان ضعيفا إنسانا مؤمنا ينشد الأمن وقيم البيت وحسن المواطنة، ثم أنعم الله عليه فلم يترك الشعب الناكر للجميل موردا لغضب الله إلا شرب منه ولا معصية إلا فعلها.
اقرأوا وتأكدوا بأنفسكم من أن ربكم هو أجمل رحمان. وغني لكنه كريم ويكرم مختصا بني الإنسان.الإنسان الذي عليه أن يتحلى بصفة الحياء بين الأحياء.
...
واقرأوا في الفاتحة كيف وعد الله فيها بجواب الدعاء، وجعل فيها أملا راسخا لوجود الذين أنعم الله عليهم، وأن عونه حق لمن أخلص الدعاء، مهما كان عدد المغضوب عليهم وعدد الضالين عن الهدى والدعاء.
وتعمقوا وعد الله في سورة النور كيف وعد المؤمنين بالاستخلاف طبقا لما تم من قبل/ لتعلموا أنكم على موعد مع ابن مريم منكم كما كان من قبلكم على موعد مع ابن مريم منهم.
وتأملوا ما تقول به جماعة الله الإسلامية الأحمدية وما تقدمه من كتب مسيح الله عليه السلام بعد المحافظة عليها ونشرها في العالمين.
 


زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.
 

خطب الجمعة الأخيرة