
تعریب: ابن داود الدَّرْعَمِيّ
الداعية الإسلامي الأحمدي
خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي علیه الصلاة و السلام
بتاريخ 14/11/2003
في المسجد الفضل بلندن في بريطانيا
|بيان شامل عن أهمية وفضائل العشر الأواخر من رمضان المبارك وليلة القدر
|منذ بداية رمضان، هناك حاجة إلى الاهتمام بجميع أنواع العبادات
|أهمية وفرضية قيام الليل أي صلاة التهجد
|الاستغفار والتوبة
|أدعية ليلة القدر وبعثة البروز الکامل للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ، آمين.
]إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ[ (سورة القدر)
إن شاء الله تعالى، ستبدأ غداً العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. وفي أرجاء العالم الأحمدي كافة، سيعتكف مَن وُفِّقَ لذلك في هذه العشر، ويُوَفّق للتّركيز على الدعاء. نسأل الله تعالى أن يرزقهم دعوات مستجابة. وأما الذين لم يُوفَّقوا للاعتكاف، فسيُحيون لياليهم في منازلهم إن شاء الله.
في هذه السورة التي تلوتها، لفت الله تعالى انتباهنا إلى أهمية الدعاء في هذه الأيام الأخيرة – بذكره ليلةً مباركةً يُعَدُّ مَن أدركها من أهل السعادة والحظ العظيم، لأن الدعوات التي تُرفع فيها تنال درجة القبول. وثمة معانٍ وأبعاد أخرى أوسع لهذه الليلة المباركة. فقد نزل فيها القرآن الكريم، وهو الكتاب الأخير الكامل للشريعة، مما يعني أنه بعد حقبة طويلة من الظلام، بُعث نبيٌّ أنزل الله عليه الكتاب التشريعي الأخير وأكمل به الدين. وأفاض على هذا النبي، الذي جعله خاتم الأنبياء، نعمه كلها، وبشَّر أتباعه أن شريعته ستبقى طريقاً للهداية إلى يوم القيامة. فلن يُبعث في هذه الدنيا أي نبي بشريعة جديدة من عند الله تعالى. نعم، عندما تظهر الانحرافات في الدين بتأثير الزمن، فستستمر سلسلة المجددين الذين سيُرَوِّجون التعاليم الصحيحة لشريعة خاتم النبيين بين المسلمين. وقد تنبأ النبي ﷺ أيضاً بظهور الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام بعد فترة طويلة. على أية حال، تحتوي هذه السورة على معان متعددة مكنونة، سأحاول توضيحها إلى حد ما من خلال أقوال المفسرين وكلام حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام والأحاديث النبوية.
أولاً، نحن بصدد مسألة ليلة القدر، فليكن معلوماً متى تأتي هذه الليلة؟ وكيف نعرف أننا أدركناها؟ يقول حضرة خليفة المسيح الثاني رضي الله عنه في هذا الصدد:
"هل هناك علامة يعرف بها المرء أن هذه الليلة من رمضان هي ليلة القدر ؟ والجواب: أنه قد ورد في بعض الأحاديث بعض العلامات مثل: لمعان البرق، وهبوب الريح، ونزول المطر ورؤية نور صاعد ونازل بين السماء والأرض .لكن العلامات الثلاث الأولى ليست ضرورية، وإن كان هذا قد حدث مراراً. أما العلامة الأخيرة وهي رؤية نور، فقد جرّبها بعض الصلحاء، ولكنها مشهد من الكشوف وليست علامة ظاهرة حتى يراها كل شخص. لقد جرّبت ذلك بنفسي، مع أن ما رأيتُه لم يره غيري والطريق الأمثل إنما هو أن يظل المؤمن يدعو الله تعالى طوال رمضان ويصوم بإخلاص، ولسوف يتجلى الله عليه بليلة القدر بطريق أو آخر."
(التفسیر الکبیر المجلد 9،ص456)
ورد في الحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "مَنْ صَلّٰی مِنْ اَوَّلِ شَهرِ رَمَضَانَ اِلٰی آخِرِہٖ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أخَذَ بِحَظٍّ مِّنْ لَیْلَة الْقَدَرِ ". أي لا تقتصروا في البحث عنها في الأيام الأخيرة فحسب، بل أدُّوا جميع العبادات بكمالها طوال شهر رمضان.
ثم عَنْ أَبِي هُرَیْرَةَ رضی الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ ﷲِ صلی الله علیه وآله وسلم: أَتَاکُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَك فَرَضَ ﷲ عَلَیْکُمْ صِیَامَهُ تُفْتَحُ فِیْهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِیْهِ أَبْوَابُ الْجَحِیْمِ وَتُغَلُّ فِیْهِ مَرَدَةُ الشَّیَاطِیْنِ فِیْهِ لَیْلَةٌ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَیْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ.
(مسند أحمد بن حنبل ،المجلد 2،ص425)
يتضح من هذه الأحاديث أنّهُ علينا ألا نمضي رمضان كله غافلين عن الصيام وتلاوة القرآن وقيام الليل، ثم حين تبدأ العشر الأواخر نتنبه فجأة لهذه العبادات. كلا، بل ينبغي أن نتوجه إلى هذه العبادات من بداية رمضان . علينا أن نتوجه إلى التخلي عن المساوئ الموجودة، وأداء حقوق الإخوة والأخوات، وأن يؤدي الزوجان حقوق بعضهما البعض، وكذلك الحماة والكنّة. فإذا كان التوجه من بداية رمضان إلى أداء حقوق الله وحقوق العباد، فبأداء هذه الحسنات فقط ستُغلق أبواب جهنم وستُفتح أبواب الجنة. وإلا فمع أن الله تعالى قد أغلق أبواب جهنم، إلا أن المرء بتركه لهذه الحسنات وإتيانه للسيئات وتقصيره في أداء حقوق الله وحقوق العباد، إنما يحاول أن يفتح أبواب جهنم بالقوة. حَفِظَ الله الجميع من ذلك.
فإذا أدينا حقوق العباد وحقوق الله التي ورد ذكرها في الأحاديث الأخرى، انتفعنا أيضًا ببركات هذه الليالي الأخيرة. لأن العبادات السطحية أو عبادات الأيام العشرة الأخيرة المؤقّتة لا تُحصّل تلك المعايير العالية. بل لا بدّ من استحضار الأسوة الحسنة للنبي ﷺ.
جاء في الحديث أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، ما لا يَجْتَهِدُ في غيرِهِ.
(صحيح مسلم، كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر)
ففي الأیام العادية أيضًا، كانت نماذج عبادة النبي ﷺ عالیة جداً بحيث لا يستطيع الإنسان العادي أن يأتي بمثلها، لكن السيدة عائشة رضي الله عنها تقول إن حاله في رمضان كان يختلف تمامًا.
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا: "كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دَخَل العَشْرُ أحْيَا اللَّيلَ، وأيْقظَ أهلَه، وجَدَّ، وشَدَّ المئزَرَ". وهذا درس لنا أيضًا أنه حين يستيقظ المرء، فَلْيُوقظ زوجته وأبناءه أيضًا للصلاة والنوافل.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها لاَ تدع قيامَ اللَّيلِ فإنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ لاَ يدعُهُ وَكانَ إذا مرضَ أو كسلَ صلَّى قاعدًا.
(أبو داود)
انظروا كيف كان أسوة النبي ﷺ، فإذا اتخذنا هذا العمل نهجًا لنا، فيمكننا أن نطمع في جمع رحمات الله تعالى وأفضاله. وفَّقنا الله تعالى جميعًا لذلك.
وأقدم إليكم حديثًا آخر بصدد البحث عن ليلة القدر في العشر الأواخر. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري، فقال: اعْتَكَفَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشْرَ الأُوَلِ مِن رَمَضَانَ واعْتَكَفْنَا معهُ، فأتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ (يعني ليلة القدر) أمَامَكَ، فَاعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، فَاعْتَكَفْنَا معهُ فأتَاهُ جِبْرِيلُ فَقالَ: إنَّ الذي تَطْلُبُ أمَامَكَ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطِيبًا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِن رَمَضَانَ فَقالَ: مَن كانَ اعْتَكَفَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلْيَرْجِعْ، فإنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وإنِّي نُسِّيتُهَا، وإنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في وِتْرٍ، وإنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أسْجُدُ في طِينٍ ومَاءٍ وكانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ، وما نَرَى في السَّمَاءِ شيئًا، فَجَاءَتْ قَزَعَةٌ، فَأُمْطِرْنَا، فَصَلَّى بنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى رَأَيْتُ أثَرَ الطِّينِ والمَاءِ علَى جَبْهَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَرْنَبَتِهِ تَصْدِيقَ رُؤْيَاهُ.
يقول حضرة المصلح الموعود tفي هذا الصدد:
توجد رواية أخرى عن أبي سعيد t تفيد بأن هذه الواقعة حدثت في الحادي والعشرين من رمضان. ثم يكتب أن الإمام الشافعي يقول إن هذه هي أصح رواية في هذا الباب.
هناك رواية عن حضرة مرزا بشير أحمد t أن حضرة المسيح الموعود عليه السلام كان يقول أنه إذا وافقت ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة الجمعة فإنها تكون بفضل الله عادةً ليلة القدر.
(الفضل لاهور 18 يوليو 1950م)
يروي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
(صحيح البخاري كتاب الصوم باب من صام رمضان... صحيح مسلم ، كتاب الصوم)
في هذا الحديث تم بيان أمرين مهمين: الأول أن يكون المرء في حالة إيمان، والثاني أن يكون ذلك لمحاسبة النفس. وإذا تدبّرنا هذا الأمر، فإن حالة الإيمان الحقيقية هي عندما يؤمن الإنسان بيقين كامل بجميع صفات الله تعالى. فمثلاً، إذا كان لديه يقين بأن الله أرحم الراحمين، وأنه غفور، وأنه قادر على مغفرة جميع الذنوب ويفعل ذلك، وفي الوقت نفسه له الحق في المعاقبة، وعندما تذوب القلوب من خوفه وخشيته، ففي ظل هذه الحالة، إذا حاسب الإنسان نفسه واستغفر، فإن الله يغفر له ذنوبه السابقة.
لقد بيّن حضرة المسيح الموعود عليه السلام نكتة وهي أن الاستغفار والتوبة أمران مختلفان. فالاستغفار هو المدد والقوة التي تُستمد من الله تعالى، أما التوبة فهي الوقوف على القدمين. وقال إن من عادة الله تعالى أنه عندما تطلب منه المدد والقوة فإنه يمنحهما ويهب القوة لفعل الخيرات، وبهذه الطريقة يقف الإنسان على قدميه. وعندما يقف على قدميه، ولأنه طلب المدد من الله تعالى، فإن القوة على فعل الخيرات تظل قائمة. وقال أن هذا ما يُسمى بـ "تُوبُوا إِلَيْهِ". وبهذا الاعتبار، عندما يحاسب الإنسان نفسه، تُغفر ذنوبه السابقة ويستمر في نيل توفيق فعل الخيرات.
ثم جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. فأكثروا فيهن من التهليل وهو قَولُ لا إلهَ إلَّا اللهُ، اتخاذ العبودية الكاملة لله والتكبير والتحميد".
وهذا الحديث يبين الموضوع نفسه، حيث قال: اتخذوا العبودية الكاملة لله في هذه العشر الأخيرة من رمضان. لا يصرفنّكم أي معبود باطل عن الأعمال الصالحة. ليكن كبرياء الله وعظمته في أذهانكم دائمًا هذه الأيام، ثم احمدوه على ما أنعم عليكم من نعمٍ كثيرةٍ وما مَنَحكم من أفضال، فقد جعل من نصيبكم هذه الأيام التي هيّأ فيها أسباب مغفرتكم. وفوق كل هذا مهما شكرنا الله تعالى على هذه الإنعامات يبقى قليلاً ذلك لأنه وفقنا لأن نكون عباداً خالصين له، ومتّعنا بالانتفاع من هذه الأيام التي نتوب فيها بإخلاص إليه طالبين منه المدد.
هناك رواية عن بركات رمضان. عن سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله ﷺ في آخر يوم من شعبان، فقال: يا أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، هُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ".
(صحيح ابن خزيمة كتاب الصيام ، باب فضائل شهر رمضان)
وهناك رواية عَنْ عَائِشَةَ رضي اﷲ عنها قَالَتْ: قُلْتُ: یَا رَسُوْلَ ﷲِ، أَرَأَیْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَیْلَةٍ لَیْلَةُ الْقَدْرِ، مَا أَقُوْلُ فِیْهَا؟ قَالَ: قُوْلِي: اَللّٰهُمَّ إِنَّك عُفُوٌّ کَرِیْمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي.
(ابن ماجه کتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو)
في هذا الحديث الشريف عُلّمنا دعاء في غاية الجمال والشمول. وليس المقصود منه مجرد طلب المغفرة والاستغفار للذنوب، بل الدعاء يقول: إنك أفضتني ببركات رمضان، ووفقتني لصيامه وعبادتك فيه، وطلب المغفرة منك، والاستغفار من ذنوبي، وحصلتُ على اليقين الكامل والإيمان بك. واليوم، لكي تُظهر لي أنك سمعتَ دعواتي وتضرعاتي، منحتني علم ليلة القدر وأريتنيها. فدعائي هو أن تمحو كل أثر شرٍّ من داخلي، وأن تغسل ذنوبي وكأنها لم تكن قط. أنت الملك، ولن تنقص خزائنك شيئاً إن أحسنتَ إليّ هذا الإحسان. وأسألك أيضاً أن تتفضل عليّ بألا يخطر حتى ببالي أبداً ذكر الشوائب، تلك الأفعال الخاطئة التي اقترفتها في الماضي. وأن أظل بعد رمضان طاهراً نقياً، وأن أكون دائماً عبداً لك. وهذا ما تُحبه وترضاه لعبادك.
يقول حضرة خليفة المسيح الثاني رضي الله تعالى عنه في تفسير هذه السورة:
"لقد بينتُ حتى الآن أن ليلة القدر المذكورة في الأحاديث أيضا ذاتُ صلة - من جهة - بليلة القدر التي نزل فيها القرآن وعليه فإن ليلة القدر الحقيقية هي تلك الليلة التي بدأ فيها نزول القرآن، وإحياءً لذكراها وتجديداً للعهد الذي عهده الله تعالى مع هذه الأمة بنزول القرآن قد جَعَلَ ليلة القدر، وجَعَلَها مخفيةً في العشر الأواخر لكي ينتفع الضعاف من الأمة بالإكثار من العبادة في عشر ليال على الأقل، لكي لا يصبح القيام بهذه الليلة مجرد عادة وتقليد فحسب - الأمر الذي يكرهه الإسلام جداً - فالآن بوسع كل إنسان أن يبحث عن هذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان. وأي شك في أن الذي يبحث عن فضل الله تعالى في عشر ليال سوف يزداد حبًا للدين ورغبةً فيه، ويكفّ عن أخطائه وينيب إلى الله كلية، وهكذا سوف تصبح كلُّ ليلة له ليلة القدر في الأخير."
(التفسیر الکبیر المجلد 9،ص454)
يقول حضرة خليفة المسيح الأول t:
"لَيْلْ" ،ظُلْمَةْ، و"قَدْرْ" - بسكون الدال - تعني المرتبة. وقد جُمعت هاتان الصفتان في موضع واحد. ليلة القدر هي ليلة مخصوصة في العشر الأواخر من رمضان المبارك، وقد أُشير إليها في سورة الفجر: {وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} (الفجر: 5). وقال تعالى في موضع آخر: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة: 185)، وفي موضع آخر: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر: 1). ومن الجمع بين هاتين الآيتين يتبين أن ليلة القدر تكون في رمضان المبارك. وقد زاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في التوضيح مبيناً أن ليلة القدر تكون في الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان، إما في الليلة الحادية والعشرين، أو الثالثة والعشرين، أو الخامسة والعشرين، أو السابعة والعشرين، أو التاسعة والعشرين. وقد وردت في الأحاديث الصحيحة فضائل كثيرة لهذه الليلة المباركة.
ثم قال: "إن مرجع {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} كما فُهم أنه القرآن الكريم، كذلك يُقصد به ذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم المباركة. ولذلك قال {أَنْزَلْنَاهُ} لكي يشمل القرآن والمُنَزَّل عليه القرآن كليهما. وإلا فلم يكن من البعيد أن يقول: أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ. والليل هو زمن الظلمة الذي كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما يُعرف عموماً بأيام الجاهلية. والقدْر - بسكون الدال - هو الزمن القيّم الذي بدأت فيه بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ومدته كانت ثلاثة وعشرين عاماً من حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الطيبة، والتي شهدت نزول القرآن الكريم كاملاً من البداية إلى النهاية. فمن جهة انتهت أيام الظلمة، ومن جهة أخرى بدأ الزمن القيّم. لذلك اجتمعت هاتان الصفتان المتضادتان: الليل والقدر في هذا الموضع".
(ضميمة جریدة بدر قاديان ، 22 أغسطس 1912م ،حقائق الفرقان المجلد الرابع صفحة 427)
يقول حضرة المصلح الموعود t:
"معنی آیة إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ أننا أنزلنا القرآن الکریم في لیلة القدر. ضمير الغائب في قوله تعالى أَنْزَلْنَاهُ يرجع إلى القرآن الكريم، وحيث إن السورة الماضية ذكرت نزوله فلم يقل الله هنا إنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، بل اكتفى بذكر الضمير وقال إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، لأن كل من تدبر في هذه السورة فهمه بسهولة. الليلة والليل بمعنى واحد، ورد كلمة "الليل" في القرآن ٧٩ مرة و وردت كلمة الليلة في القرآن ثماني مرات فقط .والغريب أن لفظ الليلة ورد في القرآن في معرض الحديث عن نزول كلام الله وما يتعلق به،عندما تعطی مثل هذه الأوامر، و عندما يُتحدث عن الشريعة يُستخدم لفظ اللیلة ولا يمكن اعتبار هذا صدفة، بل لا بد من حكمة فيه. وهذا الفرق بين استعمال القرآن الكريم لكلمتي الليل والليلة ليس من دون معنى."
ثم یقول:
"هذه الآية تشير إلى أظلال كاملين للرسول ﷺ. غير أنها تشير إلى بعثة أظلال النبي ﷺ الناقصين أيضًا، إذ إن الظل الناقص ظلٌّ له على أية حال، أعني أنها تشير إلى المصلحين الآخرين الذين يقيمهم الله تعالى لإصلاح الأمة في زمن لا تكون الظلمة فيه شديدة كاملة، غير أن الناس سيشعرون عندها بحاجة إلى الإحياء الروحاني من جديد. لقد ورد في الحديث أنه ستمسّ الحاجة إلى مصلح يحذر الناس على رأس كل قرن فيبعث الله عندها مجددًا في الأمة لسدّ هذه الحاجة. والحق أن الآية قيد التفسير تشير إلى بعثة هؤلاء المجددين أيضًا، لكونهم نوابا للرسول ولو بشكل جزئي، إذ يظهرون في ليلة مظلمة ولو بشكل جزئي."
(التفسیر الکبیر المجلد 9،ص440-441)
يقول حضرة المصلح الموعود رضي الله تعالى عنه:
"ومن معاني الشَهْر العالِم، وعليه فقوله تعالى لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهر يعني أن المعارف والعلوم التي انكشفت في هذه الليلة أفضل من معارف ألفِ عالِمٍ.
... وعليه فكان هذا تنبيها ربانيًا للمسلمين بأنه كلما أتى على الإسلام زمن المصائب فعليهم ألا يثقوا بعلماء الظاهر لنصرته فلا يتبعوا المشايخ، بل ينبغي أن يتطلعوا إلى الوحي الذي ينزل في أزمنة مظلمة كهذه، لأن ما يحققونه بنصرة السماء وهديه لن يحققوه بجهود علماء الظاهر كلهم. ولكن المؤسف أن المسلمين لم ينتفعوا بالهدي الذي نزل في هذا العصر من السماء نصرة لهم. الحق أن هذا الزمن أشد ظلمة من كل زمن، إذ لم يأت على الإسلام بعد الزمن النبوي عصر هو أشد محنة عليه منه، ولكن المسلمين يعتمدون على الناس أكثر من ثقتهم بالله تعالى لدفع هذا البلاء. لقد بعث الله فيهم مأمورا من عنده تحقيقا لقوله تعالى إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وغيرها من البشارات القرآنية، لكنهم لا يتوجهون إلى ما يقول لهم، بل يعتمدون على ما اخترعوه من حلول من عندهم. فالله يرحمهم !
(التفسیر الکبیر المجلد 9،ص460-461)
انظروا اليوم أن هؤلاء يُصلّون ويصومون ويعتكفون ويبدون ظاهريًا أنهم يعملون بالأحكام الشرعية، ولكنهم لإنكارهم نبوءة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وتكذيبهم واستهزائهم بالمأمور الذي بعثه، وإنكارهم له، لا يرثون أفضال الله تعالى. بل إن الأوضاع اليوم بلغت من الفظاعة والخطورة حدًا يحتم على الأحمديين أن يداوموا على الدعاء للأمة الإسلامية، وخاصةً في هذه الأيام المباركة من رمضان، ولا سيما في العشر الأواخر، أن يهب الله تعالى المسلمين الفهم والبصيرة. فبعد أن شهدوا ليلًا مُدلهمًا طويلًا، لم تستقم عقولهم بعد، إذ أضلّهم العلماء المزعومون وأوردوهم موارد الهلاك. نسأل الله تعالى أن ينقذ الأمة من هؤلاء العلماء المزيّفين.
يقول حضرة المصلح الموعود t:
"وبما أن هناك ٣٠ ألف ليلة في ألف شهر، فيكون المراد من قوله تعالى لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهر : تسألون عن خيرات ذلك العصر ! فاعلموا أنه خير من ٣٠ ألف عصر ! أي حتى ولو جاء بعد عصر النبي ﷺ ٣٠ ألف عصر من الظلمات، فأيضا لن يفقد الزمن النبوي قيمته، بل يعتبر أفضل من كل العصور القادمة، لكونه قد وضع فيه نموذج الحكم الإسلامي."
(التفسیر الکبیر المجلد 9،ص463)
قال حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
"هناك ليلة قدر هي التي تأتي في الجزء الأخير من الليل، حينما يتجلى الله تعالى ويبسط يده قائلًا: هل من سائل فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ ولكن هناك معنى آخر لليلة القدر، وللأسف، فإن العلماء المعارضين منكرون له، وهو أننا أنزلنا القرآن في ليلة كانت شديدة الظلمة، وكانت تتطلب مُصلحا مستعدا. لقد خلق الله تعالى الإنسان للعبادة كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}. وإذ خُلق الإنسان للعبادة، فلا يمكن أن يظل غارقًا في الظلام. ففي مثل هذه الأزمنة، تتوق ذاته بطبيعتها إلى ظهور مُصلح. وعليه، فإن قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} يمثل دليلًا آخر على ضرورة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الزمان".
(الحَكم المجلد 10 العدد 27 المؤرخ 31 يوليو 1901، تفسير حضرة المسيح الموعود عليه السلام صفحة 171-272)
وهكذا، وفقًا لنبوءات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كان من الضروري تمامًا أن يُبعث حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام بعد فترة طويلة من الظلام. ونحن الأحمديون محظوظون إذ آمنّا بحضرة المسيح الموعود عليه السلام، وشهدنا بذلك ليلة قدر في هذا الزمان. نسأل الله تعالى أن يرينا أيضًا مشاهد ليلة القدر الآتية في رمضان المبارك.
قال حضرة المصلح الموعود رضيt:
"لو طبقنا هذه النبوءة على المجددين فلا يراد من قوله تعالى مِنْ كُلِّ أَمْر الأمور كلها، بل المراد كل الأمور الضرورية للحاجة، أي أن الملائكة تنزل من السماء لنصرة المجددين في كل أمر يتطلب إصلاحه نصرة ملائكية، أو تنزل الملائكة لنصرتهم في الأمور التي هم بحاجة إلى نصرتها من أجل رقي الإسلام. فقوله تعالى مِنْ كُلِّ أَمْرٍ يعني في سياق المجددين من كل أمر ضروري، وليس كل الأمور. أما الموعود الذي يظهر في الزمن الأخير، فلأنه يكون نبيا وبروزاً كاملاً للنبي ، فينطبق قوله تعالى مِنْ كُلِّ أَمْرٍ بمفهومه الواسع، بمعنى: أننا كما فسرنا هذه الآية بخصوص النبي ﷺ بأن الشريعة الإلهية تكتمل في زمنه من كل النواحي بصورة القرآن الكريم، كذلك سوف يكون لهذه الآية معنى واسع بالنسبة إلى البروز الكامل للنبي ، وهو أنه في زمن هذا الموعود تكون جميع محاسن القرآن قد اختفت فينزل الله ملائكته من السماء، فيكشف جميع محاسن القرآن على الدنيا ثانية. في هذه الحالة لا يعني قوله تعالى مِنْ كُلِّ أَمر : من كل أمر ضروري، بل يعني من كل أمر من الأمور.. أي ما من أمر إلا وتنزل الملائكة من أجله في زمن ذلك الموعود."
(التفسیر الکبیر المجلد 9،ص467 )
قال حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
"ففى سورة القدر إشارة إلى أن الله تعالى قد وعد هذه الأمة أنه لا يُضيّعهم أبدا، بل إذا ما ضلوا وسقطوا في الظلمات تأتي عليهم ليلة القدر، وينزل الروح إلى الأرض، يعنى يلقيه الله على من يشاء من عباده ويبعثه مجدداً، وينزل مع الروح ملائكة يجذبون قلوب الناس إلى الحق والهداية، فلا تنقطع هذه السلسلة إلى يوم القيامة."
(حمامة البشرى صفحة 92-93)
ثم یقول حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
"قد جرت سنة الله أنه كلما نزل من السماء رسول أو نبي أو محدَّث لإصلاح خلق الله ينزل معه ملائكة حتما يلقون الهداية في القلوب المتحمسة ويُرَغِّبُونهم في الحسنة ويستمر نزولهم ما لم تنمحِ ظلمة الكفر والضلال وينبلج صبح الإيمان والحق كما يقول جل شأنه: ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر: ٥-٦) فإن الملائكة وروح القدس تنزل من السماء حين ينزل إلى الأرض رجل عظيم لابسا خلعة الخلافة ومشرفاً بمكالمة الله ويوهب هذا الخليفةُ الروحَ القدسَ بوجه خاص، وتتنزّل الملائكة التي معه على القلوب السليمة من أهل الدنيا كلهم. فحيثما وجد أشخاص متميزون من هذه الناحية نزل عليهم ذلك النور ويغَطِّى العالم كله. وتنشأ في القلوب أفكار حسنة تلقائيا بتأثير الملائكة الطيب ويُحبَّب إليهم التوحيد، وتنفخ في القلوب الصادقة روح حب الصدق والبحث عن الحق ويُرزق الضعفاء قوةً، وتهب رياح تدعم هدف ذلك المصلح وتخدم غايته وينجذب الناس إلى الصلاح تلقائيا بجذب يد من الغيب، فتحدث في الأقوام حركة. عندها يظن عديمو الفهم من الناس أن أفكار الناس ميّالة إلى الصدق تلقائيا ولكنه في الحقيقة عمل الملائكة التي تنزلُ من السماء مع خليفة الله ويرزقون الناس قوى خارقة لفهم الحق وقبوله. إنهم يوقظون الرقودَ ويعيدون السكران إلى الصواب ويفتحون آذان الصم وينفخون روح الحياة في الأموات، ويخرجونهم من القبور. عندها يبدأ الناس بفتح عيونهم دفعة واحدة وتنكشف على قلوبهم أمور كانت خافية من قبل. والحق أن هؤلاء الملائكة ليسوا منفصلين عن خليفة الله بل هم نور وجهه وعلامات جلية لعزيمته ويجذبون إلى أنفسهم كل ذي طبيعة ملائمة بقوتهم المغناطيسية سواء أكان قريبا جسديا أو بعيدا، وسواء أكان من المعارف أو من الأغيار تماما وإن كان يجهل حتى الاسم.
فباختصار، إن الحركة إلى الحسنة التي تنشأ في ذلك الزمن، وألوان الحماس الذي يتولد به قبول الحق سواء أكان في الآسيويين أو في سكان أوروبا أو أميركا إنما يظهر بحثٍّ من الملائكة الذين ينزلون مع خليفة الله. هذه هي سنة الله التي لن تجدوا فيها تبديلا أبدا."
(فتح الاسلام ، ص 14-15)
نسأل الله تعالى أن يُوفقنا للاستفادة الكاملة من هذه العشر المباركة، وأن نشهد في حياتنا تحقق المقاصد العظيمة التي من أجلها بُعث حضرة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. وأن يرينا الله تعالى مشهد اجتماع العالم كله تحت راية خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
اُدعوا كثيراً في هذه الأيام المباركة لجميع الأحمديين في أنحاء العالم، ليحفظ الله تعالى كل أحمدي ويجعله مسلماً حقيقياً صادقاً. وادعوا بشكل خاص للأحمديين في باكستان وبنغلاديش، فهم محاطون في كل حين بفتن المفسدين. في الأيام الماضية، استُشهد أحد الأحمديين المخلصين في بنغلاديش على يد المفسدين في مسجدنا - إنا لله وإنا إليه راجعون. جعل الله تعالى هؤلاء المفسدين في كل مكان عبرة للناظرين. وكذلك ترد أخبار من بعض المناطق في الهند عن انتشار الشر والتضييق على الأحمديين. فليحفظ الله تعالى كل أحمدي، أكثروا الدعاء، أكثروا الدعاء، أكثروا الدعاء في هذه الأيام المباركة. وليهيئ الله تعالى لنا أسباب الفتح القريب.آمین
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.