loader
 

الخلافة الراشدة الثانية

لقد أسس الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام الجماعة الإسلامية الأحمدية في عام 1889 آخذًا البيعة من أتباعه بناءًا على أمر الله تعالى. وقبل وفاته عليه السلام (1326 الهجري الموافق 1908م) أخبر جماعته أن الله تعالى قد أوحى إليه أن أجله قد اقترب. فأوصى وبشّر جماعته بقيام نظام الخلافة بعده، فقال:
"..... إنه تعالى يُري نوعين من قدرته: فأولاً، يُري يدَ قدرته على أيدي الأنبياء أنفسهم، وثانيًا، يُري يدَ قدرته العظيمة بعد وفاة النبي عند حلول المحن، حيث يتقوى الأعداء ويظنون أن الأمر الآن قد اختل، ويوقنون أن نهاية هذه الجماعة قد دنت، حتى إن أعضاءها أنفسهم يقعون في الحيرة والتردد، وتُقصَم ظهورهم، بل ويرتدّ العديد من الأشقياء منهم، وعندها يُظهر الله تعالى قدرتَه القوية ثانيةً، ويُساند الجماعة المنهارة. فالذي يبقى صامدًا صابرًا حتى اللحظة الأخيرة يرى هذه المعجزة الإلهية، كما حصل في عهد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث ظنوا أن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قد سبقت أوانَها، وارتد كثير من جهال الأعراب، وأصبح الصحابة لشدة الحزن كالمجانين، فعندها أقام الله تعالى سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وأظهر نموذجًا لقدرته الثانية، وحمى الإسلام من الانقراض الوشيك، وهكذا أتم وعده الذي قال فيه (ولَيُمكِّننَّ لهم دينَهم الذي ارتضى لهم وليُبدِّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا)...."

فيا أحبائي، ما دام من سنة الله القديمة أنه تعالى يُري قدرتين، لكي يحطّم بذلك فرحتَين للأعداء كاذبتين.. فمن المستحيل أن يغيّر الله تعالى الآن سنته الأزلية. لذلك فلا تحزنوا لما أخبرتكم به ولا تقلقوا، إذ لا بد لكم من أن تروا القدرة الثانية أيضًا، وإن مجيئها خير لكم، لأنها دائمة ولن تنقطع إلى يوم القيامة.

وإن تلك القدرة الثانية لا يمكن أن تأتيكم ما لم أغادر، ولكن عندما أرحل سوف يرسل الله لكم القدرةَ الثانية، التي سوف تبقى معكم على مدى الأيام، كما وعد في "البراهين الأحمدية"، وإن ذلك الوعد لا يتعلق بي بل يتعلق بكم أنتم. كما يقول الله عز وجل: إني جاعلُ هذه الجماعةِ الذين اتبعوك فوق غيرهم إلى يوم القيامة.

فمن الضروري أن يأتيكم يومُ فراقي ليأتي بعده ذلك اليوم الذي هو يوم الوعد الدائم. إن إلـهنا إلـهٌ صادق الوعد، وفِيٌّ وصدوق، وسيُحقق لكم كل ما وعدكم به...

لقد بُعثتُ من الله تعالى كمظهر لقدرته سبحانه وتعالى، فأنا قدرة متجسدة. وسيأتي من بعدي آخرون، سيكونون مظاهر قدرة الله الثانية. لذلك كونوا منتظرين لقدرة الله الثانية داعين لمجيئها مجتمعين. ولتجتمع كل جماعة من الصالحين في كل قطر وليدعوا حتى تنـزل القدرة الثانية من السماء وتُريَكم أن إلهكم إله قادر لهذه الدرجة....

وينبغي لصلحاء الجماعة ذوي النفوس الطاهرة أن يأخذوا البيعة من الناس باسمي من بعدي. فالله يريد أن يجذب إلى التوحيد جميع الأرواح ذوي الفطرة الصالحة من مختلف أقطار المعمورة، سواء كانوا من أوروبا أو آسيا، وأن يجمع عباده على دين واحد. هذه هي غاية الله عز وجل التي أُرسِلتُ من أجلها إلى الدنيا. لذلك اجعلوا هذا المقصد نصب أعينكم، ولكن باللطف وحسن الخلق وكثرة الدعاء. فإلى أن يقوم أحدٌ مؤيَّدا بروح القدس من عند الله، ثابِروا جميعًا على العمل بعدي متكاتفين."


 

خطب الجمعة الأخيرة