loader
 

حقيقة حمار الدجال وتفسير الأحاديث المتعلقة به..

حمار الدجال:

قلنا في مواضع مختلفة  إنه بتتبع  الأحاديث الشريفة المتعلقة بالدجال والتدقيق فيها وفي تفاصيلها، نصل إلى نتيجة لا شكّ فيها، بأن الدجال الذي سيتصدى له المسيح الموعود هو الأمة المسيحية –وبالأخص القساوسة، والفلاسفة والمفكرون المتعصبون - التي ستسعى لترويج المسيحية المحرفة المزورة، وهي التي ستحمل عقيدة الصليب الفاسدة، وستروج للخنزيرية والإباحية، وهي التي ستشن عدوانا على الإسلام بالشبهات والحجج المزورة والتي يريدون بها إبطال الإسلام والإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه الأمة ستعمل على الدجل والتحريف والتزوير وطمس الحقائق، ومحاولة إظهار المسيحية المحرفة وكأنها هي الحق رغم ما تحتويه من فساد وتناقضات، ومحاولة إظهار الإسلام وكأنه الشرُّ بعينه. 

وقد فسرنا بعض الأحاديث التي تتحدث عن الدجال وبيّنا تأويلها الصحيح، الذي يؤكد ما ذهبنا إليه في تفسير معنى الدجال وتأويله في الفقرة السابقة. ومن أهم الأحاديث الأخرى والتي تبيّن وتوضّح وتؤكد تأويلنا للدجال ومفهومه الصحيح، هي الأحاديث المتعلقة بحمار الدجال وما تحويه من أوصاف لهذا الحمار. فما هو حمار الدجال يا تُرى؟ وما تاويل الاحاديث المتعلقة فيه؟ إليكم بعض هذه الأحاديث وتفسيرها التجديديّ:

أولاً: في حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء وصف الحمار على الشكل الآتي:
(تحت الدجّال حمار أقمر طولُ كلِّ أذن من أُذنيه ثلاثون ذراعاً يتناول السَّحاب بيمينه ويسبق الشمس إلى مغربها) كنز العمّال.

في هذا الحديث إشارة واضحة إلى الطائرة التي هي من مخترعات الدجّال في آخر الزمان، فلفظ حمار أقمر أي لونه فضّي، وهذا هو لون الطائرة وأُذناه الطويلتان هما جناحا الطائرة، وما تبقّى من ألفاظ الحديث لا ينطبق إلاّ على الطائرة. لأنّه لا يسبق الشمسَ إلى مغربها إلا الطائرة.


ثانياً: وروى أبو نعيم عن أبي حذيفة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يصف حمارَ الدجّال: يخوض البحرَ لا يبلغ حقويه وإحدى يديه أطول من الأخرى، فيبلغ قعره فيخرج الحيتان ما يريد).
وهذا الحديث يُشير إلى اختراع البواخر العملاقة منها ما هو مُخَصَّص لصيد الحيتان ومنها ما هو مُخصَّص لنقل البضائع وشحنها، وهذا النوع مزوَّد بروافع آلية من أجل تحميل البضائع إلى السفينة ثمّ تفريغها منها. والبواخر هي وسيلة النقل التي خرج بها الدجّالُ من جزيرته إلى شتّى أنحاء العالم، وقد وُصِفَت بأنّ صوتها يصل إلى الخافقين من شدّته ويخرج الدخان من خلفه.


ثالثاً: الوصف الأخير لحمار الدجّال ينطبق على القطارات التي كانت تعتمد في سيرها على الفحم الحجري، وهي وسيلة النقل البرية الأساسية التي كان الدجّال يعتمد عليها في تنقُّلاته البرية الداخلية في البلاد التي وصل إليها واستعمرها، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن هذا الحمار: (يأكل الحجارة ـ أي الفحم الحجري ـ ويسبقه جبل من دخان ـ أي يخرج دُخانه الكثيف من مقدمته ـ ويركب الناس في جوفه ـ أي بداخله ـ وليس على ظهره). وهذا مصداق قوله تعالى في سورة التكوير: (وإذا العِشارُ عُطِّلَت) أي أن في آخر الزمن زمن خروج الدجّال وزمن عودة اليهود إلى فلسطين يستغني الإنسان عن ركوب واستعمال الجمال بسبب اختراع وسائل نقل أقوى وأسرع.

رابعا: يخرج الدجال على حمار أقمر ما بين أذنيه سبعون باعًا" (مشكاة المصابيح) وفي رواية "تحته حمار أقمر طول كل أذنٍ من أذنيه ثلاثون ذراعًا، ما بين حافر حماره إلى الحافر مسيرة يوم وليلة، تطوى له الأرض منهلا، يتناول السحاب بيمينه، ويسبق الشمس إلى مغيبها، يخوض البحر إلى كعبيه، أمامه جبل دخان وخلفه جبل أخضر ينادي بصوت له يسمع به ما بين الخافقين إليَّ أوليائي إليَّ أحبائي (كنز العمال: الجزء السابع صفحة 266).

هذه صفات حمار يركبه الدجال ولو قلنا بوجود حمار الدجال متصفًا بتلك الصفات التي ذكرت في الأحاديث من حيث الظاهر، فلا يقبله أي عاقل، وكيف يمكن أن يولد حمار يكون طول أذنه الواحدة ثلاثون ذراعًا ويمشي ليلا ونهارًا بلا تعب وضجر وينادي الراكبين بصوت عال! ويخوض البحر إلى كعبيه! ويجري بهذه السرعة حتى يسبق الشمس إلى مغيبها. وعلاوة عن ذلك: أية أتان في الدنيا تلد ذلك الحمار العجيب؟

فخلاصة الكلام  أن حمار الدجال هو تعبير رمزي يشير إلى مركب جديد يخترع في آخر الزمان ويسهل السفر ويكون سريع السير ويصوت بصوت جهوري الذي يسمع به ما بين الخافقين ولسرعة سيره وسهولة السفر به لا يلتفت الناس إلى مراكب أخرى حتى أن الجمال التي كانت تقطع معظم الطرق في أيام خالية لا يعتد بها، وإليه أشار الله سبحانه وتعالى بقوله (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ((سورة التكوير)، و (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ((سورة النحل) .. أي أن الله تعالى يخلق مراكب أخرى لا تعلمون الآن ماهيتها وحقيقتها. وفي الحديث: "ليُترَكُنَّ القِلاصُ فلا يُسعَى عليها" (صحيح مسلم، باب نزول عيسى ابن مريم". وقال صاحب المرقاة عنه: "والمعنى أنه يترك العمل عليها استغناء عنها لكثرة غيرها" (الجزء الخامس ص221). وقد استغنى الناس في هذه الأيام عن العِشار والقِلاص لوجود البواخر والسيارات والقطارات التي تجري بسرعة ليلا ونهارًا وتنادي الركاب بصوت جهوري وهي لا تتعب ولا تكلّ، والدخان يصاحبها، وفي موضع آخر قد ورد في أمر ذلك المركب المعهود "توشك أن تخرج نار مِن حبسِ سيلٍ تسير سيرَ بطيئةِ الإبلِ" (كنز العمال، الجزء السابع صفحة205). وهذا متحقق في القطار والبواخر وغير ذلك من المراكب الحديثة، وأما خوضه في البحر إلى كعبيه فلا يخفى على الذي رأى البواخر سابحات في البحار.


 

خطب الجمعة الأخيرة