loader
 

البَيانُ المُعتَبر في كَونِ عيسىٰ هو المهدي المنتظر



لمحته من بعيد وقد ارتسمت على ملامحه علامات الجدية والتجهم كعادته حين يفكر في أمر ما تفكيرا عميقا.. فأدركت أنني بصدد الدخول في مناقشة حامية كعادتنا كل حين.. إنه صديقي غير الأحمدي الذي طالما حدثتكم عنه مرارا، والذي لا يفتأ يجادلني في كل قضية من القضايا الخلافية طبقا لخلفيته السلفية المتشددة التي كانت تجمعنا يوما من الأيام..
وبينما أنا غارق في شرودي أفقت على صوته وهو يخاطبني بكل جدية وحدة قائلا:
إذن فأنتم تنكرون مجيء المهدي المنتظر وتعتقدون أن مسيحكم هو المهدي في نفس الوقت؟ وتكذبون بذلك الأحاديث الصحيحة المتواترة الواردة في مجيء المهدي، التي أثبتت صلاة المسيح خلف المهدي؟ كما تنكرون إجماع علماء المسلمين؟
ابتسمت ابتسامة عريضة كعادتي وقلت له:
لم يبق بعد مقدمتك النارية هذه إلا أن تلقي بنا في قعر جهنم خالدين فيها أبدا.. فتوكل على الله فماذا تنتظر؟ استللت منه بعبارتي هذه ابتسامة مسروقة خرجت رغما عنه لتهدئة حدة الحوار، إلا أنه سرعان ما أخفاها خلف ملامحه المقتضبة، فقلت له:
بداية.. معاذ الله أن ننكر ما صح ثبوته من أقوال خاتم النبيين محمد المصطفى ﷺ فهذا لا يليق بأتباع الخادم الصادق والمحب العاشق لحضرته، والذي علمنا أن الأحاديث النبوية هي الذريعة الثالثة للهداية بعد كتاب اللَّه والسنة النبوية..
نعم هناك مهدي بلا شك بل مهديون كثيرون في أمة الحبيب المصطفى ﷺ خير أمة أخرجت للناس.. فجدير بها أن تستفيض بأنوار نبيها ومصطفاها ولن يخلو الخير منها إلى يوم القيامة فمثلها كمثل الغيث لا يدرى أوله خير أم آخره...
ولم ولن تنقطع بفضل اللَّه سلسلة المهدوية من الأمة المحمدية من بعد خاتم النبيين محمد ﷺ مادامت فيها سلسلة الخلافة إلى يوم القيامة، فكل خليفة فيها هو إمام مهدي بدءا من الصديق أبي بكر رضي الله عنه وسائر الخلفاء الراشدين المهديين من بعد الحبيب محمد ﷺ وحتى يومنا هذا حيث الخلافة الأحمدية الراشدة تستمر بفضل اللَّه تعالى طبقا للنبواءت المحمدية إلى يوم القيامة.
ما نقوله ونذهب إليه هو أن المهدي المنتظر المعهود في آخر الزمان لإصلاح الأمة المحمدية عند فسادها هو هو نفسه المسيح الموعود نزوله في آخر الزمان ليكون حكما عدلا بين فرق الإسلام وطوائفه المتنازعة المختلفة..
* وإنما سمي مهديا من جهة كونه موكلا بمهمة داخلية تخص الأمة المحمدية..
* وسمي مسيحا من جهة كونه موكلا بمهمة خارجية تخص الأمة المسيحية
التي ستكون هي الأمة الغالبة على وجه الأرض في الزمن الأخير.

هنا احمر وجه صاحبي وانتفخت أوداجه وقال لي:
وهذا تماما ما أعنيه.. فأنتم تخالفون الحديث الصحيح مخالفة صريحة.. فقد وردت أحاديث صحيحة تفيد بأن المسيح سوف ينزل ويصلي خلف الإمام المهدي.. إذن فهما
☚شخصان مختلفان لا شخص واحد كما تزعمون.. وأنتم واقعون حتما في المخالفة.
قلت له: فضلا أخي، هل تأتي لي بأصح ما لديك في هذا الباب لكي نناقشه سويا ونرى من فينا المخالف لحديث النبي ﷺ؟
قال لي: بسيطة.. إليك هذا الحديث الوارد في صحيح مسلم عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلُونَ علَى الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَومِ القِيامَةِ، قالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فيَقولُ أمِيرُهُمْ: تَعالَ صَلِّ لَنا، فيَقولُ: لا، إنَّ بَعْضَكُمْ علَى بَعْضٍ أُمَراءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هذِه الأُمَّةَ".
قلت: أخي الكريم، أين هنا ما يدل على وجود المهدي؟!!
لم يرد في الحديث غير أن عيسى عليه السلام صلى خلف أمير القوم..
فهل تعدون كل أميرٍ للقوم عندكم هو المهدي؟
امتقع لونه قليلا... وقال.. لكن العلماء فسروا أن ذلك الأمير هو المهدي...
قلت له: لكن العلماء ليسوا أبلغ من سيد الانبياء ﷺ.. ولو كان المقصود هنا هو المهدي المعهود فعلا لوجب البيان إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.. ثم تعال نبحث أخي الكريم كيف شرح أهل العلم هذه الحالة الخاصة العجيبة لصلاة نبي خلف رجل مسلم أقل منه درجة حتى ولو كان مهديا على حد زعمك وزعم العلماء.. فالأمر له دلالة أعظم وأعمق.. ففي كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري يقول الإمام ابن حجر العسقلاني ج6/ص569:
" وفي صلاة عيسى خلف رجُل من هذه الأُمة مع كونه في آخر الزمان وقُرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلُو عن قائم لله بحُجةٍ".
وقال ابن الجوزي في نفس الموضع من نفس الكتاب:
" لو تقدم عيسى إمامًا لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتُراهُ تقدم نائبًا أو مُبتدئًا شرعًا، فصلى مأمُومًا لئلا يتدنس بغُبار الشبهة".
فهنا يثبت من دليلك أخي الكريم فائدتان عظيمتان:
* أن المسيح صلى خلف "رجل" من هذه الأمة على حد تعبير الإمام الجليل ابن حجر العسقلاني.. ولو كان يراه المهدي المنتظر لما ذكره بصيغة التنكير والتجهيل بهذا الشكل.
* وأن مغزي تلك الصلاة لنبي خلف فرد من الأمة ليس إثبات وجود المهدي مع المسيح وإنما هي لإزالة الشبهة عن ذلك المسيح النبي القادم بعد النبي ﷺ حتى لا يقال إنه سينشيء شريعة غير شريعة الإسلام..

فعلى الرغم من كونه نبيّا بعد خاتم النبيين ﷺ إلا أنه سيكون نبيا تابعا للشريعة المحمدية لا مُنشئا لشرع جديد ولذلك صلى مأموما ليعلن إذعانه للشرع المحمدي وحتى لا يتدنس بغبار الشبهة على حد تعبير الإمام الجليل ابن الجوزي رحمه اللَّه.

أطرق صاحبي هنيهة ثم قال لي: لن تفرح طويلا باستنتاجك هذا..
فما زال في جعبتي ما يعكر صفوه.. حيث ورد في حديث إسناده جيد أن ذلك الشخص الذي صلى خلفه عيسى بن مريم هو المهدي تحديدًا.
قال ﷺ:" ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا، فيقول:
لا إن بعضهم أمير بعض، تكرمة الله لهذه الأمة ".

قال ابن القيم في كتابه: المنار المنيف: وهذا إسناد جيد، وصححه الألباني في السلسلة.
فأين تذهب من هذا البيان؟
قلت له: يا أخي.. أجهدت نفسك بالبحث في بطون الكتب لتنقب عن حديث واحد تجد فيه لفظة المهدي حتى تدعم استدلالك بوجود المهدي والمسيح في آن واحد وبأن المهدي سوف يؤم المسيح في الصلاة.. فجزاك الله خيرا.. لكن هذا الحديث أيضا لن يسعفك للأسف. فصحيح أنك أتيت بحديث إسناده جيد يثبت كون المهدي أم الصلاة بعيسى.. فكيف لو أتيتك بحديث أوثق منه يثبت العكس.. وبعد ذلك هل يبقى لحديثك موضع حجة واستدلال أخي الكريم؟
الحقيقة أنني لن أغوص في بطون الكتب باحثا عن إبرة في كوم قش كما فعلت أنت.. ولن أجاوز صفحات الصحيحين البخاري ومسلم لأثبت لك وهن استدلالك.. فقط تعال وتأمل معي هذا المقطع من حديث صحيح مسلم رقم 5288:
" فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّهُم."
ويدعم ذلك الحديث أيضا ما أخرجه ابن حبان في صحيحه ونقله السيوطي في كتاب الحاوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" ينزل عيسى بن مريم فيؤمهم فإذا رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قتل الله الدجال وأظهر المؤمنين ".(الحاوي للسيوطي مبحث النبوات ص 147
فقل لي بالله عليك الآن من يؤم من؟ المهدي أم المسيح أم يؤمهما رجل من الأمة المحمدية؟ أم كيف تجمع بين تلك الأقوال؟
وهل ستتجاوز أحاديث الصحاح التي لم تصرح بلفظة المهدي وتقدم عليها ماهو أقل منها رتبة لتدعم فقط رأيك واستنتاجك؟ هل هذا من العدل والإنصاف؟

هل ستطيح بتلك الأحاديث الصحيحة الواضحة في إمامة المسيح لتأخذ بحديثك اليتيم الذي هو أقل درجة من حيث الصحة والوثوق؟
قال لي بحدة وعصبية: لكن العلماء أجمعوا على أن مجيء المهدي أمر ثابت وأنه سيصلي بالمسيح فكيف ذلك؟
قلت له: مهلا ولا تخلط الأوراق بعضها ببعض.. لم أختلف معك على مجيء المهدي ولم أنكر ذلك وقد أثبته في مقدمة كلامي فلا حاجة لتكراره والإيحاء بكون الأحمديين من منكري مجيء المهدي وهم ليسوا كذلك..
أما قصة صلاة المسيح خلف المهدي فعلى أي أساس وبأي دليل تم الإجماع على ذلك؟
هل من دليل صحيح من كتاب أو حديث صحيح صريح يعتمد عليه يثبت ذلك وقد بينت لك سابقا وهن الاستدلال في هذه القضية؟
أم أنك تعتبر الإجماع دليلا منشئا بذاته في باب العقائد لا يحتاج لكتاب ولا حديث صحيح؟ كيف والإجماع دليل مختلف في حجيته أصلا؟
وحتى لو اعتقدت ذلك فأي إجماع تقصد أخي الكريم وأنا لا أسلم لك إلا بإجماع الصحابة الكرام أو ما يسمى بالإجماع القديم.. فهذا فقط هو الإجماع المعتد به كدليل لا يقبل الخلاف بين الأمة وما عداه لا يسمى في الحقيقة إجماعا بل هو أقرب ما يكون لغلبة الظن.. فكيف تبني عليه عقيدة تلزم بها جموع المسلمين؟
وهب أنك أتيتك بأحاديث تتوهم منها إمامة من تعتقد أنه المهدي للمسيح..
فمازال لديك شوط أنتظرك فيه لتوفق لي بينها وبين تلك الأحاديث الصحيحة الصريحة في كون المسيح هو بنفسه إمام الصلاة وليس غيره..
بل هو الإمام مطلقا.. بل هو الإمام المهدي أيضا كما سأثبت لك بعد قليل.. هذا لو كانت أحاديثك بذات الدرجة من القوة أصلا.
أخي الحبيب.. لقد وردت عدة أحاديث تثبت كون المسيح هو المهدي بعينه ولكني تعمدت تأخيرها بعد مناقشة أدلتك لتصغي السمع لي..
وأذكرها لك الآن بترتيبها من الأعلى للأدنى:

أولا: ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم:
" كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم فأمكم منكم، فقلت ‏لابن أبي ذئب: إن‏ ‏الأوزاعي، حدثنا، عن‏ ‏الزهري‏، عن‏ ‏نافع‏، عن‏ ‏أبي هريرة: وإمامكم منكم، قال ابن أبي ذئب: تدري ما أمكم منكم؟
قلت: تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. "

وهذا حديث صحيح صريح في كون عيسى آخر الزمان إمامنا، وأنه سيكون منا.. فأي حاجة لمهدي منتظر منا أيضا مع وجود إمام منا يحكم فينا بكتاب ربنا وسنة نبينا ﷺ؟
ثانيا: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم إمامًا مهديًا وحكمًا عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها.. (رواه الإمام أحمد والطبراني).
ورواه البيهقي في البعث بسند جيد عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله ﷺ:
" يلبث الدجال فيكم ما شاء الله ثم ينزل عيسى بن مريم مصدقا بمحمد وعلى ملته إماما مهديا وحكما عدلا فيقتل الدجال. "(الحديث الأخير أورده السيوطي في كتاب الحاوي ص 147)
وهنا يزداد الأمر وضوحا أخي الكريم وينبغي أن تنحني له رقابنا توقيرا فقد صرح سيدنا محمد المصطفى ﷺ بما لا يدع مجالا للشك بأن عيسى المسيح هو نفسه الإمام المهدي.. فهل ثمة من يعتقد بعد ذلك أن يبعث الله مهديين اثنين في وقت واحد وهو سبحانه المنزه عن العبث؟
أطرق صاحبي برأسه مفكرا وقال لي: هل مازال في جعبتك أدلة أخرى؟
ابتسمت قائلا: أعرف ما يدور بخلدك وتنتظره منذ بداية حوارنا.. فقد لقنك الشيوخ أننا نحن الأحمدية لا نملك في هذه القضية سوى حديث: "لا مهدي إلا عيسى ".
وقد كنت تنتظره منذ البداية لتنهال عليه بمعاول الجرح والتعديل مثبتا ضعفه.. أليس كذلك؟!
قال: في الحقيقة.. نعم، كنت أظن هذا الحديث هو عمدة استدلالكم في هذه القضية.
قلت له: ورغم أن الحديث ليس ضعيفا ولا مجروحا كما يظن الشيوخ، فكما حكم بعض العلماء على أحد رواة الحديث بالجهالة فقد وثقه غيرهم.. والإثبات مقدم على النفي.. ولكني سأفترض جدلا معك ضعف الحديث، وأستدل بشرح الحديث لأحد أئمة السلف ممن ضعفوه وهو الإمام ابن القيم رحمه الله والذي يقول حتى على افتراض ضعف الحديث فهذا لا ينفي كون عيسى هو المهدي الكامل في الحقيقة فتأمل قول ابن القيم في تعليقه على حديث:" لا مهدي إلا عيسى" إذ يقول بكل وضوح:
" فيصح أن يُقَالَ لا مَهْدِيَّ فِي الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا كَمَا يُقَالُ لا علم إلا ما نفع وَلا مَالَ إِلا مَا وَقَى وَجْهَ صَاحِبِهِ وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا الْمَهْدِيُّ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يَعْنِي الْمَهْدِيَّ الْكَامِلَ المعصوم. "
فبالله عليك أخي أخبرني بكل إنصاف.. ما دام عيسى هو المهدي الكامل المعصوم فما قيمة وجود مهدي آخر ناقص ومنزوع العصمة في زمانه؟؟
وهل لو وجد مثل هذا المهدي الناقص هل يصح تسميته بالمهدي المنتظر؟

وهل في رأيك كان مهديا منتظرا قبل نزول عيسى فلما نزل عيسى نزعت عنه صفة المهدوية، وتعرى بسبب نزول عيسى فصار نزول عيسى لعنة عليه؟
هل من الصواب اعتقاد مثل هذا الكلام أخي الكريم؟
ترى ما قيمة أن يصلي المهدي بالمسيح صلاة واحدة يتقدم فيها ثم يتأخر بعد ذلك عن الإمامة في كل شيء؟ وهل هذه هي تكرمة الله لهذه الأمة أن يؤم المهدي المسيح لدقائق معدودة فحسب طبقا لفهم الشيوخ؟
بينما المسيح هو إمامنا وهو منا يؤمنا بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ كما ذكرت الأحاديث؟ فأيهما نصدق؟

تقولون إن المسيح سينزل على المسلمين وفيهم الإمام المهدي موجود بينهم وقد توحدت صفوفهم واجتمعت كلمتهم فما قيمة نزول المسيح حكما عدلا؟
وهل ينزل الحكم العدل في قوم متحدين متفقين قد اجتمعوا على إمام واحد وانقادوا لإمام واحد هو الإمام المهدي؟ عجبا لهذا الفهم السقيم؟
معني كلامكم أن المسيح ينزل والخلافة قائمة.. وهذه سابقة لم تحدث في تاريخ نبي أن يرسل الله نبيا بعد قيام خلافة.. فسنة الله على الدوام أن النبوة تتبعها الخلافة لا العكس كما قال ﷺ:" ما كانت نبوة قط إلا تبعتها خلافة ".. لأن مفهوم الخلافة هو استكمال لمهام النبوة وامتداد لمسيرتها وتحقيق لنبوؤاتها.. ولكنكم عكستم كل شيء فلم لا تعكسون هذه أيضا؟
وكأنكم أخي الكريم لم تنتبهوا لكلمة ينزل فيكم عيسى بن مريم" حكما عدلا "
في كلام خير البرية ﷺ .. فهي تحمل بين طياتها نبوءة تخبر عن حال الأمة وقت نزول المسيح.. وكيف أنها ستكون أحزابا وشيعا كل حزب بما لديهم فرحون.. وستغدو في أمس الحاجة لحكم رباني يقضي بين أطيافها بحكم السماء ليوحد كلمتهم ويجمع شملهم حيث فشلت كل جهود الأرض في ذلك.. وإلا فما قيمة" حكما عدلا "في حديث خاتم الأنبياء ﷺ.

الحق أخي الكريم أن لا مهدي إلا عيسى.. ولن يبعث الله لإصلاح دينه في الزمن الأخير سوى عبد مخلص صادق من خدام سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم مصطبغ بالصبغة المحمدية من جهة فهو المهدي المعهود، ومصطبغ بالصبغة العيسوية من جهة أخرى فهو المسيح الموعود.. وقد بعث بفضل الله تعالى هذا العبد في قاديان عام 1889م وهو حضرة مرزا غلام أحمد عليه وعلى مطاعه ألف ألف صلاة وسلام.
لقد ذكرني عجب الشيوخ من قدرة الله تعالى على إرسال المصلح الأخير لهذه الأمة المحمدية بالصفتين المهدوية والعيسوية في شخص رجل واحد بقصة طريفة ذكرها الرافعي أحببت أن أختم بها حواري معك أخي الكريم قال فيها:
بينما كنت أسير في أحد المقابر مع أحد أصدقائي شاهدنا ضريحا كتب على شاهده: "هنا يرقد الزعيم السياسي والأديب العظيم"، وهنا تعجب صديقي وصاح قائلا: سبحان الله.. كيف يدفن الاثنان في قبر واحد!!....
ابتسم صاحبي ابتسامة واسعة.. ونظر لي قائلا: شكرا لك يا أخي.. لقد وصلت الرسالة
 


زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.
 

خطب الجمعة الأخيرة