مشاهد لِلمغفرة الإِلهيّة ... 3
بقلم: الصحابي الجليل لسيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام
حضرة مير محمد إِسماعيل رضي الّله عنه
ترجمة: بشرى أعماراتي
يتابع حضرة مير محمد إسماعيل رضي الله عنه في وصف مشاهد المغفرة التي بدت له في تأمله وكشفه ويقول:
21: ثمّ تقدّمنا فأشار'غفران' ناحية شخص كان يمشي لابساً رداء المغفرة، وقال: "إِنّ قصة هذا أيضا شيقة. عندما أمر النبيّ (صلَى الّله عليه وسلّم) بالهجرة إِلَى المدينة، ترك وطنه وهاجر برفقةِ أحد الصحابة، وعندما وصل إِلَى المدينة أصابه المرض واشتدّ عليه حتَى أنّه قطع عروق يديه برأس السهم فجرى نزيف حادٌ توفي بسَبَبه. وبعد وفاته، رآه صديقه الصحابي في الرُؤيا أنّه بحالة جيّدة لكنه كان يُخفي يديه. فسأله: ماذا حصل معك؟ قال: لقد غفر لي ربّي لأنَّني هاجرت إِلَى نبيّه، ولكنّه قال لن نُصلح يديك الّتي أفسدت.
عندما علِم النبي (صلَى الّله عليه وسلّم) أمرهُ دعا الّله تعالى: الّلهمّ وليديه فاغفرْ.
وبقي هذا الرجل علَى نفس الحال، واليوم استجاب الّله دُعاء النبيّ (صلَى الّله عليه وسلّم) ورفع عن يديه البلاء وأدخله الجنّة.
22:ثمّ تقدّمنا فعلِمتُ أنّ الّله قرّر أن يحاسب بنفسه رجلا، ولما وصل هذا أمام عرش الله قال تعالَى: "تعلم أنّك قد اقترفت كذا وكذا من الكبائر"؟ قال: نعم، يا رب، قد فعلتُ! وبدأت كل أطراف جسمه ترتعش حتَى أنّه لم يرَ مصيرا غير النّار. فإِذا بالمولَى يُصدر حكمه:
"لقد سترتُ كل ذنوبك في الدنيا، وهنا أيضا سأستُرها. خُذْ صحيفة أعمالك الصالحة واذهبْ، واترك ما سُجِّل لك من سيئات عندنا، والباقي عملنا!"
23: ثمّ بعد ذلك رُفعت أمام المحكمة قضيّة مُجرم ومعه تسعون من السجّلات الضخمة، وكذلك صحيفة أعماله. قيل له: "انظر، إِنّها أعمالك، هل تستنكرها؟"
قال: يا ربّ! كلّ ما سُجّل فيها صحيح.
قال تعالَى: هل لك أيّ عُذر؟
فردّ: لا.
قَال تعالَى: "يوجد مسجل عندنا عُذر وعمل جدُّ صالح، فلن تُظلم".
فعُرضت أمامه قطعة ورق مكتوب عليها: "أشهد أن لا اله إِلّا الّله وأشهد أنّ محمّدا رسول الّله".
فأمر المولَى تعالَى أن توضع هذه الورقة في كفّة حسناته. فرجحت الكفة حتَى أنّ كل الذنوب الضخمة أصبحت خفيفة جدا. وتوجّه الرجل مُسرعا نحو الجنّة وهو يُردّدُ: الحمد لِلّه، الحمد لِلّه.
24: ثمّ توجّهنا إِلَى مكان آخر، فرأيتُ مُناديا يُنادي من طرف ربّ العالمين: أين الذي كانت: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } (السجدة 17). وبسماع ذلك قاموا كلّهم واجتمعوا في مكان، فصدر الحكم فيهم: اذهبوا لقد غفرتُ لكم بغير حساب.
25: وبعد ذلك رُفعت قضيّة ثالثة أمام محكمة خاصة. جيئ بشخص وقال الله تعالَى: "اعرضوا صغائر ذنوبه ومساويئه البسيطة، واسألوه هل ارتكبها؟ ولكن لا تعرضوا أمامه كبائر ذنوبه" 1
عندما سمع ذلك الشخص صغائره قال: "نعم يا مولاي! إِنّها كلها سيّئاتي وحقّ عليّ العقاب. وكيف لي أن أُنكر الحقيقة"؟ وانتابه الخوف بأنّ كبائرهُ أيضا سوف تُعرَضه. وإِذا بالحُكم يصدُر: "اذهبْ، فقد غفرتُ لك! وأعطيتك مُقَابل كل سيّئة حسنة. " فلما سمع المسكين ذلك أصابته حالة من الجنون وقال: "يا إِلهي، إِنها فقط صغائري، وما زال هناك ذنوب وكبائر اقترفتها، اعرضها يا إِلهي!"
فبدأ الحاضرون يضحكون بسماع كلامه. فتوجه وهو مُحرج إِلَى الجنّة والملائكة من وراءه يُلقون عليه رداء المغفرة.
26:أمّا أولئك الذين نالوا العقاب علَى أخطائهم وسيّئاتهم في الدنيا، فكانوا يُعامَلون علَى وجه الخصوص بالّلين والشفقة. أحدهم كان قد أصاب في الدنيا ذنبا عظيما، فذهب وقال: "يا رسول الّله، لقد وقعتُ في الذنب، وقد تُبتُ إِلَى الّله، لكن عاقبْني في الدنيا، فإِنّي أقدرُ عليه، وهذا خير من أن أعذَّب في الآخرة". فأمر الرسول برجمه. وعندما جيئَ به يوم الحشر خاطبه الّله بكلمات طيّبة: "يا عبدي! إِنّ منزلة توبتك عظيمة عندي بحيثُ لو وُزِّعت علَى كل المُذنبين في مدينتك، لغفرتُ لهم جميعا".
27: رأيتُ رجلا كان حاكما في الدنيا وظلم خلال حكمه رعاياه كثيرا. كانوا كلهم حاضرين ليتقاضوه علَى ظلمه. لكن عندما أُعلن أنّه في آخر عمره تاب توبة نصوحا وهاجر إِلَى المدينة ومات فيها، أثّر فيهم هذا الإِعلان حتى إنّهم رفعوا فجأةً أيديهم وقالوا: "لقد غفرنا له كل خطاياه في حقّنا، فاغفرْ له يا ربّنا!" فذهب من هناك نحو الجنة فرحًا مسرورا.
28: زيادة علَى ذلك، أعاد الّله من لدُنه حقوق الملايين من العباد إِلَى مُستحقّيها بأضعاف مضاعفة، وتنازل المظلومون عن حقوقهم ودعاويهم بكل فرحة، وغُفرت للمذنبين كل ذنوبهم.
أمّا الأبناء الذين لم تكن عندهم أية أعمال صالحة، ولكن آباءهم كانوا راضين عنهم، فقد كان يُغفَر لهم لأنهم اجتذبوا فضل الله تعالى بُمقتضَى الحديث: 'رِضَى الربِّ في رِضَى الوالد'.
29: أكثر القضايا إِثارة لحيرتي هي قضيّةُ شخصين وهما على أهبة الاستعداد لِلذهاب إِلَى جهنّم، فإِذا برجل من أهل الجنّة يمرُّ بهما فقال له أحدهما: "يا أخي! ألا تذكرني؟ أنا من سَقاك ماءً في المكان الفلاني. وقال الآخر: أظنّ أنّك لم تنسني أنا أيضا، لقد مَلئتُ لك الإِبريق يومًا لكي تَتوضّأ. الآن نحن سنذهب إِلَى النّار، أمّا أنت تدخل الجنّة"
فرقّ قلبُ الرّجل المغفور له، وبدأ يدعو لهما الّله الغفور الرحيم. فقال له تعالَى: "خذهما معك إِلَى الجنّة!"
30:وقبل أن نَنتهي من مشاهدة هذا المشهد، إِذ سمعنا أصواتا وصريخا شديدا من ناحية النّار. وصلت إِفادةٌ بأنّ شخصين يُحدثان ضجّة كبيرة، فأمر الّله تعالَى: "أحضروهما أمامي!" فجيئ بهما.
قال تعالَى: لماذا تُحدثان كل هذا الضجيج؟
قالا: لقد احترقنا يا إِلهنا. نحن غير قادرين علَى تحمُّل هذا العذاب، فارحمنا!
قال تعالَى: عودوا في التوِّ إِلَى مكانكم، سأنظُر في أمركما!
عند سماع ذلك، عاد أحدهما إِلَى جهنّم، أمّا الآخر ظلّ واقفا في مكانه. فسأله الّله تعالَى: لماذا لم تذهب؟
قال: يا مولاي، هل أخرجتني من النّار لكي تُلقِيني فيها ثانيةً؟
بدأ الحضور في الضحك، وصدر الحكم من الّله تعالَى: اذهب، لقد غفرتُ لك ولصاحبك!
31:ظلَلنا نُشاهد حالات مثل هذه حتَى وصلنا إِلَى مجموعة من الصحابة. كان هناك أيضا بعض الشجارات، ثمّ بدأ الحساب. أما الصحابي حاطب بن أبي بلتعة فقال الشاهدون: "لقد قام هذا الشخص بخيانة الإِسلام والنبيِّ (صلَى الله عليه وسلّم) بحيثُ لا يستحقُّ سوَى القتل في الدنيا وسوء العاقبة في الآخرة. لقد أرسل إِلَى الكفّار يُخبرهم بمسير النبي (صلَى الله عليه وسلّم) وحذّرهم أن يأخذوا حذرهم، لقد أفشَى سرّ النبي (صلَى الله عليه وسلّم) وأعان الكفّار وحاول القضاء علَى المسلمين. فإِن لم يُطلع الّله نبيَّه علَى هذه الخيانة لفشلت كل المُحاولات في فتح مكّة. إِنَّنا لا نرَى غدّارا أكبر منه".
قال الله تعالَى: "كلامكم كلّه صحيح، لكن أخرجوا حكمي المسجّل عندكم، الذي أصدرتُه في السنة الثانية الهجريّة في حقّ أصحاب بدر!"
بمُجرّد أن سمع الملائكة هذا القول في حقّ أصحاب بدر إِذ قرأوا علَى الحاضرين: "اعملوا ما شئتم فإِنّي غفرتُ لكم."
قال تعالَى: إِنّ خدمات بعضهم عظيمة بحيثُ أنِّي أُنعمُ عليهم بعدها بمثل هذا الإِنعام. اتركوا حاطبا فإِنّه من المغفور لهم من أصحاب بدر.
32: وبعده، رُفِعت قضيّةُ أسد الّله وسيّد الشهداء، حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. قَال الشهود: "لقد كان في أحد الأيّام يسمع غناء جارية وهو سكران، فقال لها: اطلُبي ما تشاءين. قالت بسَبَب حقدها علَى عليّ رضي الله عنه: لقد حصل علي بن أبي طالب علَى ناقتين من غنائم بدر، وهما تبركان في المكان الفلاني، وأريد أن آكل كبدهما الطازج مشويّا. فقام حمزة مُتوجّها إِلَى هناك حاملا خنجره، فشقّ بطونهما وأخرج كبديهما بدون رحمة، وأعطاهما لِلمُغنيّة. وماتت الناقتان بعد عذاب شديد.
أخبر الناس عليّا بما حدث، فذهب متأسفا إلى النبي صلَى الّله عليه وسلم ليخبره الخبر. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض الصحابة إِلَى حمزة ليلومه على فعلته هذه، فإِذا به يقول لِلنبي (صلَى الّله عليه وسلّم): هل أنتم إِلّا عبيد لأبي؟ فعرف النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لا يعي ما يقول بسَبَب السُّكر.
وبعد فترة من الزمن قُتل حمزة في معركة أُحد. نحن نريد منه القصاص لهذه المظالم التي ارتكبها والتي تُخالف الدين والإِنسانيّة. ورغم أنّه لم يكن قد نزل تحريم الخمر في ذلك الوقت، ولكن هذه الواقعة لا تقلّ أهميّة، لأنّها مظهر لقسوة القلب والظلم، وتمجُّه الفطرة الإنسانية، أيّاً كان مذهبه ومِلّته. فنحن نطالبُ بالقصاص."
فقَال الّله تعالَى: "لقد أخذنا منه القصاص علَى فعلته هذه سلفًا. إِنّ حمزة أسدُنا، والقصاص الذي أوقعنا عليه بيّنٌ، كما هو بيّنٌ المقام الذي أعطيناه. صحيح أن حمزة قتل النوق بتحريض من جارية، ولكن أفلم يُقتل في معركة أُحد علَى يد عبدٍ اسمه "وحشيّ"، الذي شقّ بطنه بخنجره كما شقّ هو من قبل بطن النّاقتين؟ وأدخلتْ هند زوجة أبي سفيان يدَها في بطنه وهو يُعاني من جروحه، وأخرجت كبِده كما أخرج هو كبد الناقتين من قبل، ثمّ مغضت هندُ كبده أمام الكل في ميدان المعركة.
أمّا مُقابل النّاقة الثانية فلقد مَثّلت به هذه المرأة حيث قطّعت أنفه وشفتيه وأُذنيه، وعلَّقتهما علَى عنُقها، وأخذت تَتجوّل مُتافخرة أمام الجميع.
أمّا قوله لِلنبيّ (صلَى الّله عليه وسلّم): "إِنكم عبيد لأبي" فقد نال عقابه عليه حيثُ قُتِل علَى يد عبدٍ ولم يُقتل علَى يد سيّد من قريش.
فقولوا، ما هو الشيئ الذي ما نال عليه القصاص؟ إِنّ آكلة كبِد النّاقتين كانت مُغنّية، كما كانت آكلة كبد حمزة أيضا مُغنيّة، حيثُ كانت تجول في ساحة أُحد وتُغنّي أغنيتها المشهورة التي مطلعها:
نحن بنات الطّارقْ نمشي علَى النَّمارقْ
ولكن حمزة محبوبنا، فجعلنا في قصاصه عزةً وشرفا له، حيث أصبح مشهورا بسيّد الشهداء لاستشهاده في أُحد، ولم يُعان ولم يتألّم من كل ما فُعل به في المعركة، لا من استخراج كبده ولا من التمثيل به. لقد ألقيتُ عليه رداء عزّة ومغفرة حيثُ رفعتُ درجاته، ونِلتُم القصاص علَى كل دعاويكم. خذوه إِلَى الجنّة وجهّزوا له مقامه فيها مع ابن عمّه. رضيتُ عنه ورضي عنّي!"
33: بعد سماع هذا الحكم، تقدّمنا في تجوالنا، فرأيتُ مسلما كانت كل أعماله معيبة، وكان قد اقترف كل الذنوب، إِلّا أنّه لم يقع في الشرك. فأوشك ملائكة النّار أن يأخذوه إِذ علَا في الجو صوت ذو شوكةٍ ورُعب: "مَن عَلِم أنّي ذو قدرة علَى مغفرة الذنوب غفرتُ له ولا أُبالي، ما لم يُشرك بي".
كان يقف بجانبه شخص آخر وكان كتابه كلّه من أوّله إِلَى آخره مليئا بالمعصية والغفلة، ولكن كان مكتوبًا علَى كل صفحة منه الاستغفار مرة أو مرتين، يتوسّل به إِلَى المولَى (عزّ وجلّ). فقال الّله تعالَى: "لقد محوتُ كل ذنوبه بسَبَب استغفاره."
34: ثمّ بدأ الشجار حول شخص كفيف. فجاء الحُكم من الحضرة الإِلهيّة: "لقد أخذت عينيه العزيزتين، والآن إِنّه يستحقّ أن أغفر له."
35: ثمّ تقدّمنا فوصلنا عند جمع غفير فيه عدَد لا مُتناه من المرضَى والمُبتلين بالمصائب والمُفلسين، وقد صدر الحكم فيهم: "لا أُخرج أحدا من الدنيا أريد أغفر له حتَى أستوفي كلّ خطيئةٍ في عنُقه بسُقم في بَدنه وإِقتار في رزقه."
ولأنّني أنا العبد الضعيف كنت دائم المرض في صغري، فعندما سمعتُ هذا الحُكم فرحتُ فرحة شديدة، وأصبحت كل الآلام التي عانيتُها راحةً في نظري.
ثمّ بعد قليل قلت لـِ'غفران': أخي، لقد أريتني نماذج كثيرة لِلمغفرة الإِلهيّة، والوضع هنا كبحر لا شاطئ له. لقد شعُرتُ بالتَّعب وأريد العودة".
وفي الطريق حين رأى 'غفران' تعبي أراد أن يُلهيني، فبدأ يُكلّمني ويخبرني عن بعض أسباب المغفرة التي أقدّمها هنا باختصار:
١- مهما كان إِيمان الإِنسان، ومهما عظمت أعماله، فلن يرث الجنّة الأبديّة والمغفرة الدّائمة بجُهده، بل إِنّ كل هذه الأشياء تعمل علَى جذب فضل الّله تعالَى، وأنّ نجاة كل إِنسان لا تُبنَى علَى عمله، بل هي موقوفة علَى فضل الّله (سبحانه وتعالَى).
٢- إِنّ الّله واسع الجزاء۔
٣- إنّه تعالَى غفور ورحيم بإِرادته. يفعلُ ما يشاء، يغفرُ لمن يشاء بغير حساب، ويحاسب من يشاء حسابًا يسيرًا، ويوفي الحساب لمن يشاء.
٤- إِنّ رحمته تغلبُ دائما غضبه۔
٥- إِنّ كل عقابه مبنيٌّ علَى حكمة لإِصلاح أو مصلحة ما، وليس علَى الغضب والاِنتقام، حتى إن النار دارٌ مُؤقّتَة لِلعلاج، وليست أبديّة.
٦- ليس هناك مخلوق أو شخص واحد يستطيع أن يغفر ذنوب أحد من العباد، بل الّله وحده المخصوص بمغفرة ذبوب عباده: إِنّه لا يغفر الذنوب إِلّا الّله.
٧- إِنّه مُنزّه عن عيب الظلم. ليس عنده إلا رحمة أو إِنصاف أو عقاب مناسب.
٨- يجزي علَى الحسنة بالحسنة، بل يزيدُ عليها، ولا يزيد علَى السيّئة بل يجزي بمثلها. يُثاب عنده المرء علَى النيّة الصالحة، وإِن نوَى أحد عمل سيّئة ولم يأتها فلا يُعاقب عليها. وإِذا أراد اقتراف سيّئة ثمّ لم يقترفها يجزيه الّله عنها بحسنة.
٩- دعاء الاستغفار الذي يُقدّمه المرءُ بين يدي الّله، يأخذه تعالَى بيده.
١٠- من يطلبُ المغفرة لشخص آخر يُقبَل دعاءه وينال مثل ثوابه، وأفضل دُعاءِ الأحياء لِلأموات الاستغفارُ.
١١- وضعَ الّله الغفور الرحيم كثيرا من الملائكة في كل ناحية وركن ووضَع حول عرشه ملائكة مقرّبين ومُكرمين لكي يشفعوا ويستغفروا لِلناس. إِنّه تعالَى لا يتردَّدُ في أن يغفرَ لِلمُؤمنين وإِن كانت ذنوبهم تبلغ الجبال أو تعلو السماء، وهو تعالَى يغفر كل يوم بفضله ذنوبًا لا مُتناهية.
١٢- في يوم الآخرة سينال الأنبياء كلهّم وعلَى رأسهم تاج النبيين محمّد (صلَى الّله عليه وسلّم) إِذنَ الشفاعة، وسيُغفر لعدَد غفير من النّاس بفضل شفاعتهم. وسينالون المغفرة بسَبَب الصالحين والأولياء بل القرآن أيضًا وسوره ستشفع لهم.
١٣- في آخر الأمر سيُدخِل الّله الغفور الرحيم يدَه في جهّنم ويقول: "لقد شفع كل الشفعاء، والآن جاء دور شفاعتي. أنا الرحمن المنّان". فيعفو عن كل أهل جهنّم، وتصبح النار خالية، ويهب نسيم مغفرة الّله علَى أبوابها حتَى أنّ أبو جهل وفرعون سيُغفرُ لهما بعد مُدّة محدودة وسيحظيان برداء مغفرته تعالَى.
سيبقَى العُصاة في جهنّم إِلَى أن يتمّ إِصلاحهم كما قال النبي (صلَى الّله عليه وسلّم): حتَى إِذا هُذّبوا واتّقوا. أيّ أنّهم متَى تمّ تهذيب أخلاقهم وتنقية قلوبهم وأصبحوا مُؤهّلين للالتحاق بأهل الجنّة لقضاءِ حياتهم هناك بكامل الأمن، فسوف يُدخَلون الجنّة.
١٤- تتناب بعضَ النّاس وسوسة ويقولون: إِذا كان الّله أرحمَ بعباده من الأم والأب، فلماذا يُدخلهم النّار؟ الحقيقة أنّ جهنّم لِلمشركين المُعاندين ولِكبار المفسدين ولأعداء الّله ورسوله (صلَى الّله عليه وسلّم)، فالأم والأب أيضا يزجران ويعاديان أولادهما المُتمرّدين والمُعتدين.
إِنّ الّله لا يُعذّبُ من عباده إِلّا المارد المُتمرّد الذي يتمرّد علَى الّله ويأبَى أن يقول: لا اِله اِلّا الّله.
فباستثناء هؤلاء، إِنّ المذنبيبن يتمّ معاملتهم هنا كما أريتك اليوم.
فـ{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } (المؤمنون 92)
الأعمال الصالحة:
علاوة علَى كل ما رأيتَه، هناك آلاف الوسائل لِنيل المغفرة الإِلهية وملايين الأعمال التي يُحبّها الّله الغفور الرحيم ويُلقي علَى فاعلها نور مغفرته. منها:
الصلاة، الصوم، الأخلاق الحسنة، رِضا الصالحين، طاعة الوالدين، طاعة الزوج، كفالة اليتامَى، الصدقات، التوبة، الاستغفار، التبليغ، الذكر الإِلهي، الخشية الإِلهية، التقوَى، حسن الظن بالّله، تجنّب الكبائر، التأدّب مع الكبار، العفو عن أخطاء الآخرين، محبّة الّله تعالَى، الإِحسان، الصلاةُ علَى النبي بكثرة ومحبّة، الإِخلاص، الجهاد، التضحيات، تلاوة القرآن وغيرها،
وقبل أن يُكمل 'غفران' كلامَه، بدأتُ أرَى ذلك الباب العظيم الذي دخلنا من خلاله لميدان الحشر. وبينما أرَى الباب إِذ بدأت تذهبُ عنّي تلك الكيفيّة من الغفوة والنشوة التي كنتُ أشعر بها أِثر المغفرة الإِلهيّة واستيقظت. ولكن عندما استرجعتُ كامل وعيِي كتبتُ هذه الكلمات التالية فقط:
آخر دعوانا أنِ الحمد لِلّه ربّ العالمين.
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.