يتبيّن من خلال القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم- كما سنرى- بأن ظهور الإمام المهدي عليه السلام سيكون قبل نهاية القرن الهجري الرابع عشر على أبعد تقدير، وهذه عقيدة متأصلة في قلوب المسلمين. وبناءً على هذه العقيدة ففي الأول من محرم 1400هـ الموافق 20 نوفمبر 1979م قامت جماعة إسلامية يقودها الداعية السَّلَفي جُهيمان العُتيبي باحتلال المسجد الحرام، وبرّر قيامه بذلك نصرةً للمهدي المنتظر، إذ قام بالدعوة إلى مبايعة أحدهم (محمد بن عبد الله القحطاني) على أنه المهدي المنتظر.. فتلك الجماعة ما عادت تطيق صبرًا على ظهور المهدي، وحيث أن تلك الجماعة ترى بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، كبُر عليها أن ترى القرن الهجري الرابع عشر يمضى ولم يظهر المهدي، فقامت في الفجر الأول من القرن الهجري الخامس عشر باحتلال المسجد الحرام كأفضل وسيلة دعائية لإعلان ظهور المهدي.
وتفاصيل هذه الحادثة في المنشور على الرابط:
https://drive.google.com/file/d/1j74xPAh_AUJ1D4SGcP_ux1bLI59FEZEt/view?usp=sharing
أهم العلامات البارزة المميِّزة لظهور المهدي المذكورة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1- خسوف القمر مرتين في شهر رمضان.
2- كسوف الشمس مرتين في شهر رمضان.
3- اجتماع خسوف القمر وكسوف الشمس في شهر رمضان.
والجدير بالذكر هنا هو أن الله عز وجل قد ذكر هذا الاجتماع بقوله: ]فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ[ (القيامة: 7-10)
يقول معظم المفسِّرين بأن هذه الآيات تتحدث عن يوم القيامة (قيام الساعة) وهذا غير صحيح؛ فالحقيقة هي أنه عند قيام الساعة يختلف نظام الكون كلّه، فلا شمس ولا قمر ولا أرض.. لقوله تعالى بخصوص قيام الساعة: ]يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ[ وأما عن شمسنا وقمرنا، فقد بيّن الله تعالى بأنهما لن يجتمعا أبدًا، حيث قال: ]لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ[. كما بيّن تعالى بأن الشمس والقمر لن يجتمعا طالما توجد حياة للبشر على الأرض، حيث قال: ]وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ[.
إن اجتماع الشمس والقمر المادّيين معًا يعني فساد النظام الكوني لمجموعتنا الشمسية، وبالتالي دمار هذه المجموعة ومَن عليها. وبالتالي لن يكون هناك إنسانٌ يقول: أين المفر؟... وهكذا فإن قوله تعالى
]يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ[ لا يتعلق بيوم قيام الساعة، بل بيوم قيامة أُخرى.
إن خسوف القمر وكسوف الشمس ظاهرتان تحدثان مرارا وتكرارا، وقد تحدثان في العام الواحد أكثر من مرة، وهكذا نفهم أن قوله تعالى ]وَخَسَفَ الْقَمَرُ[ يشير إلى خسوف محدّد دلَّ عليه القول بعده ]وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ[ وبالتالي فإن هذين القولين يُشيران إلى اجتماع خسوف الشمس والقمر في شهر محدّد كعلامتين لحدوث قيامة (ظهور) حدث عظيم، ولا مانع أن تكون كمثل ما يُقال "قيامة المسيح" على سبيل المثال.
وهكذا فلا مانع من القول بأن القيامة المشار إليها في سورة القيامة هي "قيامة المهدي المنتظر" أو بتعبير آخر: ظهور المهدي.
إن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكرت خسوف القمر وكسوف الشمس في رمضان وردت في كتب الحديث لأهل السنّة والشيعة كليهما، ووردت في الكثير من الكتب الإسلامية.. وأذكر هنا فقط الأحاديث المتعلقة بهذه العلامات حسب أهم وأقدم مراجعها.
أولًا: عن الوليد قال: وَحُدِّثْتُ عَنْ شَرِيكٍ أَنَّهُ قَالَ: "بَلَغَنِي أَنَّهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَّتَيْنِ." (كتاب الفتن لنعيم بن حمّاد - ت 228 هـ: ج3/ ما يُذكر من علامات من السماء. رقم الحديث: 642 / مكتبة التوحيد- القاهرة)
ثانيًا: أخرج نعيم عن شَريكٍ قال: بلغني أنه قبل خُروج المهديّ ينكسِفُ القمرُ في شهر رمضان مرتين. (الحاوي للفتاوي للإمام السيوطي- ت911 هـ: ص 243)
ثالثًا: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: "إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، يَنْخَسِفُ الْقَمَرُ لَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِي النِّصْفِ مِنْهُ، وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ." (سنن الدارقطني - ت 385 هـ : كتاب العيدين، باب صفة صلاة الخسوف والكسوف)
(الفتاوى الحديثيّة لابن حجر الهيتمي المكّي - ت 973 هـ: طبعة دار الفكر/ ص 30)
إن هذه الروايات الثلاث تتفق مع بعضها، غير أن الرواية الأخيرة هي الأكثر دِقّة؛ حيث تبيّن الأيام التي سيتم فيها خسوف القمر وكسوف الشمس.
وأُشير هنا إلى أن نسبة حديث الخسوف والكسوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب عدم الشك فيه - رغم أنه منسوب إلى محمد بن علي (الباقر) - لأن هذه الأمور الغيبية ليست اجتهادية، فلا بد أن يكون الباقر قد سمعه من أبيه زين العابدين الذي سمعه من أبيه الحسين والذي سمعه من عليّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى الرغم من طعن أكثر علماء المسلمين في هذا القرن وسابقه بصحة هذا الحديث وأسانيده، إلا أن وجود هذا الحديث في المراجع الإسلامية يكفي وحده للدلالة على صحته، خاصة وأن هذا الحديث قد تحقّق بحرفيته على أرض الواقع كما سأبيّن لاحقًا.
وأشير إلى أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا آيَتَيْنِ"، يشير إلى أن المهدي سوف يظهر في زمن يكثر فيه أدعياء المهدية. ولكن هاتين الآيتين لن تظهرا للمدّعين الكذبة، بل سوف تظهر كعلامة لتصديق الإمام المهدي الحق الذي يقصده رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبَهُ إلى نفسه بقوله: "إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا".
وعلى ما تقدّم فإنه لتصديق هذا المهدي – وحسب الحديث الأخير – يجب أن يتحقق ما يلي:
1- خسوف القمر في رمضان، في أول ليلة من ليالي الخسوف وهي الأيام: 13، 14، 15
2- كسوف الشمس في رمضان، في وسط أيام الكسوف، وهي الأيام: 27، 28، 29
3- حدوث خسوف القمر وكسوف الشمس في شهر واحد، وهو شهر رمضان.
4- الإعلان عن ظهور المهدي قبل وقوع هاتين الآيتين حتى تكونا دليلا على ظهوره.
والآن.. فمن الواجب الاطلاع على وثائق علم الفلك فيما يختص بخسوف القمر وكسوف الشمس، لمعرفة فيما إذا كانت قد حدثت سابقًا تلك العلامات السابقة الذكر أم لا؟
لو بحثنا في الانترنت عن خسوفات القمر في القرن التاسع عشر، فإننا نجد - حسب وكالة ناسا- أن القمر قد انخسف في ذلك القرن 249 مرة، ولو بحثنا في هذه الخسوفات لوجدنا أنه حدث خسوف للقمر بتاريخ 21 مارس 1894 ، كما حدث خسوف بتاريخ 11 مارس 1895.
انظر ذلك على الرابط:
http://eclipse.gsfc.nasa.gov/LEcat5/LE1801-1900.html
إن هذين التاريخين يقابلهما بالتاريخ الهجري: 13 رمضان 1311 و13 رمضان 1312. أي أن القمر في ذلك القرن انخسف مرتين في رمضان، وفي أول ليالي الخسوف الممكنة.
ولو بحثنا في الانترنت عن "قائمة كسوفات الشمس في القرن التاسع عشر" لوجدنا أن الشمس انكسفت في ذلك القرن 242 مرة، ولو بحثنا في هذه الكسوفات لوجدنا أنه حدث كسوف للشمس بتاريخ 6 أبريل 1894، وحدث كسوف بتاريخ 26 مارس 1895.
إن هذين التاريخين يقابلهما بالتاريخ الهجري: 28 رمضان 1311 و28 رمضان 1312. أي أن الشمس في ذلك القرن انكسفت مرتين في رمضان، وفي وسط أيام الكسوف الممكنة.
وهكذا من خلال نتائج البحث هذه، يتبين لنا أن الأحاديث التي ذكرت خسوف القمر وكسوف الشمس في رمضان قد تحققت بحرفيتها. ومن اللافت للانتباه أن خسوف القمر وكسوف الشمس في رمضان عام 1311هـ قد تم فوق وسط قارة آسيا، ثم تكرر ذلك في رمضان عام 1312هـ في الجهة المقابلة من الأرض، حيث تم فوق قارة أمريكا. ويبدو أن الحكمة من ذلك هي أن يرى العالم كله هاتين الآيتين العظيمتين.
وانطلاقا مما تقدم فإن التاريخ 21 مارس 1894 هو العلامة المميزة الأولى التي تؤكد بأن الإمام المهدي عليه السلام قد ظهر. وأما العلامة المميزة الأخيرة فكانت بتاريخ 26 مارس 1895.
وفيما يلي سأبين كيف أشار القرآن الكريم إلى هذين العامين:
سبق أن ذكرت بأنه لا مانع من القول بأن القيامة المشار إليها في سورة القيامة هي "قيامة المهدي المنتظر" أو بتعبير آخر: ظهور المهدي. وفي قوله تعالى:
]فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ* وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنسـٰـنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ[
ونجد في هذه الآيات أن قوله تعالى الذي سبق كلمة ]يَوْمَئِذٍ[ في حساب الجُمّل يساوي (3789)
ونجد أن (3789) = (1894+1895)
أي يساوي مجموع العامين اللذين جُمع فيهما الشمس والقمر للدلالة على ظهور المهدي عليه السلام.
وبناء على ما تقدّم، فما على المؤمن إلا أن يبحث عما إذا كان هناك – قبل اجتماع خسوف القمر وكسوف الشمس في رمضان للمرة الأولى في (1311هـ) (1894م) - من ادعى بأنه هو الإمام المهدي؟
لو بحثنا في الانترنت عن " قائمة مدّعي المهدية" نجد أن المدّعي الوحيد- الذي كان على قيد الحياة آنذاك- هو حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني u 1250 - 1326 هـ / 1835 - 1908م.
وقبل التاريخ المذكور ببضع سنوات، سبق أن أعلن بأنه هو الإمام المهدي المنتظر، وأنه المسيح الموعود، وقد اتّبعه الكثيرون، وقام بتأسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية. وبعد ظهور الآيتين اللتين وردتا في الحديث المذكور" إِنَّ لَمَهْدِيِّنَا آيَتَيْنِ.." قال علماء المسلمين بأن هذا الحديث- مع أنه تحقّق بحرفيته- غير صحيح أو موضوع أو ضعيف.
بعض الدلائل الرقمية على زمن ظهور المهدي:
لقد وُصف الإمام المهدي في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه "خليفة الله". ويتبيّن من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الخلافة على منهاج النبوّة ستعود ثانية. هذا وإن عودة الخلافة على منهاج النبوة جاء ذكرها في القرآن الكريم في آية الاستخلاف: ]وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ[
إن حساب الجُمَّل لقوله تعالى: ]ليستخلفنهم[ = 1305
ونجد في مقدمة ابن خلدون بخصوص الإمام المهدي:
)مقدمة ابن خلدون – الجزء الثاني/ تتمة الباب الثالث من الكتاب الاول: القسم الثاني من الفصل الثالث والخمسون: في أمر الفاطمي..)
وكما هو واضح فيما نُقل عن ابن العربي:
في حساب الجُمّل نجد: خ ف ج = 600 + 80 + 3 = 683
والمعروف أن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في العام 622م
فإذا أضفنا إلى هذا التاريخ حساب (خ ف ج) نجد: 622 + 683 = 1305
وحيث إن حساب ]ليستخلفنهم[ يساوي حساب "خ ف ج" بعد الهجرة.. أي يساوي 1305
وحيث إنه يتبيّن من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) سيكون في القرن الهجري الرابع عشر فيُمكن القول بأن الحساب (1305) يمثل العام الهجري 1305- ويقابله السنة الميلادية 1888م - هو الزمن المقدر لظهور الإمام المهدي الذي سيعيد الخلافة على منهاج النبوة.
وحيث أنه يتبيّن من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) سيكون في القرن الهجري الرابع عشر فيُمكن القول بأن الحساب (1305) يمثل العام الهجري 1305 هو الزمن المقدر لظهور الإمام المهدي الذي سيعيد الخلافة على منهاج النبوة.
ملاحظة: فيما ذكره ابن خلدون من القول بأن ظهور المهدي "يكون من بعد مضي خ ف ج" يمكن أن يُفهم منه أن ظهور المهدي سيكون بعد مضي 1305هـ أي سيكون في 1306هـ تحديدا. والملفت للانتباه أنه في يوم السبت 20 رجب 1306 الهجري (23/3/1889م) تمت البيعة الأولى لحضرة ميرزا غلام أحمد القادياني u على أنه هو الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام. (التذكرة / النسخة المترجمة للعربية – الصفحة (170) / الحاشية)
من الدلائل القرآنية والحديثية على زمن بعثة الإمام المهدي:
عندما أُنزِلت سورة الجمعة فهِم الصحابة من قوله تعالى: ]هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ[ أنه ستكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة ثانية، وستكون في آخرين. ولهذا سأله أحد الصحابة عن أولئك الآخرين. فقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ ]وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ[ قال رجل: مَن هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثُّريّا، لناله رجال، أو رجل، من هؤلاء".
وفي صحيح مسلم روي أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان الدين عند الثُّريّا لذهب به رجل من فارس - أو قال - من أبناء فارس، حتى يتناوله."
عندما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولئك الآخرين لم يُجب إلا بعدما تكرر السؤال للمرة الثالثة، ويبدو أن تأخُّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإجابة كان سببه هو أنه لم يكن يعلم الجواب يقينًا، فهو لا ينطق عن الهوى، ويبدو أنه كان ينتظر وحيًا من الله بهذا الخصوص.
لقد ورد في تفاسير القرآن الكريم عموما بأن أكثر الصحابة قالوا بأن المراد من ]وَآخَرِينَ مِنْهُمْ[ هم الأعاجم عموما- حيث أن الصحابي سلمان رضي الله عنه كان الوحيد من غير العرب ممن كانوا يجلسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أُنزلت عليه سورة الجمعة.
يُفهم أن البعثة الثانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لن تكون بشخصه، بل ببعثة شخص يكون مظهرًا (مثيلًا) له صلى الله عليه وسلم، أي ببعثة شخص يكون كظلٍّ وخادم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهو الإمام المهدي عليه السلام.
إن حساب الجُمَّل لقوله تعالى ]وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ[ يساوي (1276)
وإن وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأميين كانت سنة 632م.
وبالحساب نجد أن: 632 + 1276 = 1908
واللافت أن وفاة ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام - الذي ادّعى بأنه الإمام المهدي - كانت سنة 1908م.
فيمكن القول بناء على ما تقدّم بأن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعثته الأولى كانت سنة 632م، وأن قوله تعالى ]وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ[ يُنبئ بزمن وفاته في بعثته الثانية - بصفة الإمام المهدي - والذي قُدّر له أن يكون في سنة 1908م.
والملاحظ أنه لو اعتبرنا الحساب (1276) مقابلا للعام الهجري (1276) فنجد أن هذا العام هو في زمن وجود الآخرين الذين ستكون فيهم البعثة الثانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي هذا العام كان الميرزا غلام أحمد القادياني يبلغ من العمر نحو (25) سنة.
◄ في الفقرة السابقة ذكرتُ الحديث: "لو كان الإيمان عند الثُّريّا، لناله رجال، أو رجل، من هؤلاء".
والسؤال هنا: متى سيكون هذا الزمان؟
يبين القرآن الكريم أنه سوف يأتي على الناس زمان يتخلون فيه تدريجيا عن العمل بالقرآن الكريم إلى أن ينصرفوا عن حقيقة العمل به كليا بعد ألف سنة.
يقول تعالى عن القرآن الكريم بأنه أمر من الله أوحى به إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ]وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا[ وقال تعالى بأنه أنزل القرآن في ليلة القدر، وقال عنها: ]تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر[ ففي القرآن من الله كل أمر.
ويقول الله تعالى بأن هذا الأمر الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم من السماء إلى الأرض، سوف يعود ويعرج إليه خلال ألف سنة من سنيّ أهل الأرض، حيث قال تعالى:
]يُدَبِّـرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّـمَّا تَعُدُّونَ[
أي من المقدر في علم الله أن يرتفع القرآن وما فيه من دين وإيمان إلى السماء خلال ألف سنة من سنيّ الناس. وثمة شهادة من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن المسلمين يظلون قائمين بخير الدين والإيمان ويعملون به لمدة ثلاثة قرون قبل أن يبدؤوا بالاعوجاج والانحراف عنه، أي قبل أن يبدأ بالارتفاع من بينهم إلى السماء؛ حيث روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله:
"خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم." (الصحيحان)
فهذه القرون الثلاثة هي خير القرون، وبعدها - كما يتبين من كتب الحديث - نهج (فيج) أعوج، ليسوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا هو منهم. وهكذا نفهم أنه كان من المقدر في علم الله أن تأخذ فترة انحراف المسلمين عن دين الله الإسلام والإيمان الصحيح به والعمل بالقرآن الكريم مدة (13) قرنا، يغدو بعدها الدين والإيمان بعيدا وكأنه ابتعد إلى أن بلغ الثريا، ويكون الناس بعدها بلا دين صحيح، أو إسلام سليم، ولا قرآن حقّ إلا بالشكل والصورة مصداقا لما روي عن رسول الله r بخصوص هذا الزمان:
"يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا اسْمُهُ، وَلَا يَبْقَى مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا رَسْمُهُ، مَسَاجِدُهُمْ عَامِرَةٌ وَهِيَ خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، عُلَمَاؤُهُمْ شَرُّ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مَنْ عِنْدَهُمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ وَفِيهِمْ تَعُودُ." (شعب الإيمان للبيهقي: ج3/ (18) باب في نشر العلم- الحديث 1763)
◄ لقد بيّن الله تعالى التشابه بين الأمتين الموسوية والمحمدية، وذلك في قوله ]إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا[ وبخصوص هذا التشابه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لَتَتّبِعُنّ سَنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ. حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبَ لاَتّبَعْتُمُوهُمْ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ آلْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟". (الصحيحان)
ومن دلائل هذا التشابه هو أن النصارى رفعوا عيسى بن مريم إلى السماء، وهو في عقيدتهم (صراطهم) ما زال حيًّا فيها، وبعد نزول القرآن الكريم بثلاثة قرون على الأقل حذا علماء المسلمين حذوهم في هذا الصراط، مع أنهم يدعون الله أن يهديهم صراط الذين أنعم عليهم، لا صراط ]الـمَغضُوبِ عَلَيهِمْ[ اليهود، ولا صراط ]الضَّالِّينَ[ النصارى.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "..وَلاَ الْمَهْدِيُّ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ." (سُنن ابن ماجه، والمستدرك)
ومن الدلائل على زمن الإمام المهدي هو أنه لُقّب بذي القرنين:
في تفسير القرطبي، ورد في تفسير الآية: ]وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ..[ (الكهف: 83)
"إن الله تعالى مكّنه وملّكه ودانت له الملوك... وهو المهدي وقد قيل: إنما سمي ذا القرنين لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت شريف من قِبل أبيه وأمه وقيل: لأنه أنقرض في وقته قرنان من الناس وهو حيّ."
ونفهم من هذا أن المهدي سيعاصر قرنين من الزمان.
وبالنظر إلى الأحاديث المتعلقة بالإمام المهدي عليه السلام نفهم أنه سيعاصر القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، ويقابلهما القرنان التاسع عشر والعشرين بالتقويم الميلادي.
ونجد أن ميرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام الذي ادعى أنه الإمام المهدي.
كانت حياته من العام 1250 إلى 1326بالتقويم الهجري.
ويقابلها 1835 إلى 1908 بالتقويم الميلادي؛ أي أنه عاصر قرنين هجريين، وكذلك قرنين ميلاديين
*****
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.