(فتوى دار الإفتاء)
جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ. (صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب ثمن الكلب)
وقد كان مذهب أكثر الفقهاء بناءً على هذا الحديث الشريف أنه لا يجوز شراء الكلب أو قبول ثمنه. إلا أنّ الأحناف ذهبوا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب في البداية ثم نهى عن ذلك وسمح بالاحتفاظ بها، ولذا فقد نُسِخت الأحاديث القائلة بقتل الكلاب، وعليه فإن تجارة الكلاب أمر جائز.
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ تَقْدَمُ مِنْ الْبَادِيَةِ بِكَلْبِهَا فَنَقْتُلُهُ ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا. (صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه)
هذا وقد أجاز الله الصيد بحيوانات الصيد المُدرَّبةِ إذ قال:
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ} (المائدة 5)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أو صيد. (صحيح البخاري، كتاب المزارعة، باب اقتناء الكلب للحرث)
إن النهي عن التجارة بالكلاب يعود إلى الزمن الذي أمر فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقتلها، ولاحقًا عندما سمح بالاحتفاظ بها للحراسة والصيد، نسخت أحاديثُ إجازةِ الاحتفاظ بالكلاب تلك التي تنهى عن التجارة بها، ولما كان الاحتفاظ بالكلاب لبعض المقاصد جائزًا فإن شراءها وبيعها والربح عليها جائز لا محالة، وذلك لأن البائع ينفق ماله ووقته على إطعامها وعلاجها وتدريبها.
وقد ورد في الحديث الشريف:
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ السِّنَّوْرِ وَالْكَلْبِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ. (سنن النسائي، كتاب الصيد والذبائح)
في رأيي المتواضع موقف الأحناف هو الصحيح.