loader
 

السؤال: السلام عليكم .هل صحيح ان موضوع الجن كان اجتهاد من الخليفة الثاني .وكان يخالف كتابات الامام .فقد جاء . في كتاب التبليغ ص 45 ( أيها الأعزّة ... إنّ حضرة الله تعالى حضرة عجيبة و في أفعال الله أسرار غريبة , لا يبلغ فهم الإنسان إلى دقائقها أصلا , فمن تلك الأسرار تمثل الملائكة و الجن

أولا نحن لا ننكر الجن من أصله، بل نرى أن للجن معاني عديدة تُفهم وفق السياق؛ فلا نقصره على الشياطين غير المرئية. وننكر التلبس وما يتعلق به من أفكار خرافية وبدع.
وهذا الفهم هو فهم المسيح الموعود عليه السلام، حيث كان المسيح الموعود عليه السلام قد أشار إلى أن جِنّ سليمان عليه السلام هم بَشَر من أعدائه الذين سُخِّروا للعمل عنده. وقد ورد قوله عليه السلام هذا في بيت شعر بالعربية.. ففي كتابه "سرّ الخلافة" نظَم المسيح الموعود عليه السلام قصيدة سمّاها: "القصيدة في مدح أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين".. قال فيها عن أبي بكر رضي الله عنه:
وإني أرى الصدّيقَ كالشمس في الضحى..... مآثرُه مقبولةٌ عندَ هوجرِ
ثم تحدث حضرته عن أبي بكر في عدد من الأبيات، ثم تحدث بعد ذلك عن عمر رضي الله عنه فقال:
وشابَهَهُ الفاروق في كل خطّةٍ.........وساسَ البرايا كالمليك المدبّرِ
ثم بعد عدد من الأبيات قال حضرته عليه السلام واصفا حكم الفاروق عمر:
وفي وقته أفراسُ خيلِ محمّدٍ.........أثرنَ غبارا في بلاد التنصّرِ
وكسَّر كسرى عسكرُ الدين شوكةً.........فلم يبق منهم غيرُ صُور التصوّرِ
وكان بشوكته سليمانَ وقتهِ......... وجُعلتْ له جِنُّ العِدا كالمسخَّرِ
أي أن مُلك عمر رضي الله عنه كان مثل ملك سليمان عليه السلام، حيث سُخِّرت له جنّ الأعداء. ومعلوم أن عمر رضي الله عنه لم تُسخَّر له أشباح الفرس، بل إن أعدادا كبيرة من الأعداء الغرباء صاروا عمالا عنده رضي الله عنه، كما صار أعداء غرباء عمالا عند سليمان عليه السلام.
فالحقّ أن حضرته يقصد بالجنّ في الفقرة السابقة الشيطان الذي يوسوس للناس. وهذا من علم الغيب كما هم الملائكة من علم الغيب. ولا يعني أنه عليه السلام يؤمن أن هناك كائنات مكلفة بالشريعة الإسلامية اسمها الجنّ، وأنها تتلبس بالناس كما هو في ذهن العامة؛ بل إن كلمة الجن تُطلق على الشيطان أيضا. ولا بد أن حضرته عليه السلام قد قصد بها الشياطين هنا، وهي مخلوقات غير مرئية، عملها الوسوسة والإيحاء بالأفكار الشريرة، وهذه المخلوقات مسيّرة غير مكلفة، وهي ضعيفة وليس لديها قوى للسيطرة على البشر أو غيرهم من المخلوقات. وهذه المخلوقات هي نقيض الملائكة؛ المسيّرة غير المكلفة، التي توحي بالأفكار الحسنة، والتي لديها قوى جبّارة، وموكول إليها عظيم الأعمال بأمر الله.
والملائكة والشياطين يتمثلون للناس في الكشف.


 

خطب الجمعة الأخيرة