loader
 

السؤال: السلام عليكم ورحمه والله وبركاته الاخوة الاعزاء اريد ان اعرف ما قول الجماعه الاحمديه فى الجهاد ولكم جزيل الشكر

الجهاد فرض أمر به الله سبحانه وتعالى المؤمنين وهو بذل الجهد في سبيل الله وفي تنفيذ أوامره واجتناب نواهيه وتبليغ الإسلام بالحجة والموعظة الحسنة، ويشمل الدفاع عن الدين ضد المعتدين علينا بسبب ديننا، ويكون بالسيف ضد الذين يستخدمون السيف، ويكون بالقلم واللسان ضد الذين يستخدمون القلم واللسان.
وقد جاء في كتاب “إنجازات المسيح الموعود” للخليفة الثاني رضي الله عنه ما يلي، تحت بند “تقديم المفهوم الصحيح للجهاد”:
لقد انخدع الناس إذ ظنوا أنه عليه السلام قد منع الجهاد في حين أنه لم يمنعه قط بل أكد على أهميته وقال إن المسلمين نسوا حقيقة الجهاد فليس الجهاد عندهم سوى القتال بالسيف، وكانت النتيجة أنهم جلسوا مطمئنين عند إحراز الغلبة، فقد توطد الحكم الإسلامي في البلاد إلا أن الكفر ظل موجودًا في مكانه؛ إضافة إلى ذلك لم ينتبه المسلمون إلى نشر الإسلام في البلاد غير المحاربة للمسلمين لذلك ظل فيها حكم الكفار. لقد أسفر كل ذلك عن ازدياد قوة الكفار رويدًا رويدًا، وأدى ذلك إلى إلحاق الضرر بالإسلام ولا سيما عند إحراز بعض الشعوب تفوقًا سياسيًا. فلو كان المسلمون يعرفون تعريف الجهاد الذي قدمه المسيح الموعود عليه السلام لما رأينا هذا اليوم المشؤوم؛ والجهاد عنده اسمٌ لكل عملٍ يقوم به الإنسان من أجل إقامة الخير والتقوى، وكما إنه يتم بالسيف كذلك يتم بإصلاح النفس وبالتبليغ وببذل المال أيضا، وهناك وقت ومناسبة لكل نوع من الجهاد. فلو كانوا يعرفون هذا التعريف للجهاد لما حسبوا حكم الجهاد معطلا عند غلبتهم الظاهرية بل لأدركوا أنه لم يتوقف العمل إلا بنوع واحد من الجهاد أما أنواعه الأخرى فلا زالت قائمة بل يقتضي الوقت القيامَ بجهاد التبليغ، فلو فعلوا ذلك لكان الإسلام قد انتشر في جميع أرجاء البلاد الإسلامية بل لكانت أوروبا أيضا مسلمة اليوم ولَمَا واجه الإسلام انحطاطًا عند رقيها. باختصار، لقد بين المسيح الموعود عليه السلام مواقع الجهاد ومناسباته. فلم يقل بأن الجهاد بالسيف ممنوع بل أخبر عن نوع الجهاد الواجب في هذا العصر وفق الشريعة، ثم بدأ بنفسه هذا الجهاد بكل قوة، وفتح باب التبليغ في كل العالم. فإنها لخدمة إسلامية عظيمة لو يفهمها المسلمون لأنه بواسطتها قد فتح باب الرقي والازدهار لهم، كما أنقَذَهم من إثم عظيم لأن المسلمين رغم إيمانهم بوجوب الجهاد بالسيف لم يكونوا يعملون به، وهكذا كانوا يرتكبون إثمًا أو تلوثا نفسيا مبينًا، والآن كلما قبلوا شرح المسيح الموعود عليه السلام تخلصوا من صدأ شعورهم بالذنب، لأنهم قبل ذلك ما كانوا يعرفون المعنى الصحيح للجهاد.
ويقول المسيح الموعود عليه السلام:
"هدفي من تأليف هذا الكتاب هو أن أردّ على تلك الأفكار الخاطئة والخطيرة التي هي متفشية في معظم فِرق المسلمين والمسيحيـين حول أوائل حياة المسيح عليه السلام وأواخرها؛ وذلك ببيان الحوادث الصحيحة والشواهد التاريخية الكاملة المحقَّقة بمنتهى الدقة، بالإضافة إلى الوثائق الأجنبية القديمة.. أعني أن أردّ على تلك الأفكار التي من شأن نتائجها المروِّعة أن تهدم بناءَ التوحيد الإلهي؛ وليس ذلك فحسب، بل ما زال تأثيرها السيِّئ والسامُّ جدًّا ملحوظا في الحالة الخُلُقية للمسلمين في هذه البلاد. وبسبب الاعتقاد بهذه الأساطير الخرافية والقصص الواهية، فإن كثيرًا من الأمراض الروحانية، كسوءِ الخُلق وسوء الظن وقسوة القلب والجفاء، لآخذةٌ في الانتشار في معظم فِرق الإسلام؛ بينما أخذت الصفاتُ الإنسانية النبيلة، كالمؤاساة والتراحم والإنصاف والتواضع، تتلاشى فيهم يومًا بعد يوم، بحيث أوشكت أن تغادرهم نهائيًّا. وبسبب هذه القسوة والانحراف الخُلقي، نجد كثيرًا من المسلمين وكأنهم لا يختلفون عن السباع إلا قليلاً... ففي حين نرى ... أتباعِ البوذية يتجنبون حتى قَتْلَ بعوضة أو برغوث، نجد معظم المسلمين مع الأسف الشديد لا يخشون، عند سفكِ دمٍ بغير حق أو إزهاقِ نفسٍ بريئةٍ، أَخْذَ ذلك العزيزِ المقتدر الذي اعتبر نفسَ الإنسان أغلى بكثير من سائر حيوانات الأرض.
فما هو سبب هذه القسوة والهمجية والغلظة يا تُرى؟! إنما السبب هو أن مثل هذه القصص الخرافية والنظريات الخاطئة حول الجهاد تُصَبّ في مسامعهم وتُرسَّخ في قلوبهم منذ طفولتهم؛ الأمر الذي يجرفهم شيئًا فشيئًا إلى الانهيار الخُلقي، حتى إن قلوبهم لم تعد تشعر ببشاعة هذه الأعمال المنكرة؛ بل إن الذي يقتل شخصًا بريئًا على حين غفلة منه، دافعًا أهلَه وعيالَه إلى هوّة الويل والهلاك، يحسب أنه قد أتى عملاً عظيمًا يُثاب عليه، بل يظن أنه قد أحرز مفخرة عظيمة لقومه!
وبما أن المواعظ الرادعة عن هذه السيئات لا تُلقى في بلادنا، وإن حصل منها شيء فإنما يكون من باب المصادفة، فلذا نجد أفكار عامّة الناس مائلةً إلى هذه الأعمال المثيرة للفتن ميلاً شديدًا. وقد سبق أن ألَّفتُ، شفقةً على قومي، كتبًا عديدة باللغات الأردية والعربية والفارسية صرّحت فيها بأن فكرةَ الجهاد (العدواني) لدى المسلمين اليوم وانتظارَهم لإمام سفّاك للدماء، وبُغْضَهم للأمم الأخرى، كلّ ذلك ليس إلا بسبب خطأ وقع فيه بعض العلماء قليلي الفهم. أما الإسلام فلا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية، أو في محاربة الظالمين المعتدين عقابًا لهم، أو في الحرب التي تُشَنُّ حفاظًا على الحريات المشروعة. والحروبُ الدفاعية إنما هي تلك التي يُلجأ إليها لردّ عدوان العدو الذي يهدد حياة الناس. هذه هي الأنواع الثلاثة للجهاد المشروع، وإلا فإن الإسلام لا يُجيز شنَّ الحرب لنشر الدين، بأية صورة كانت.
وخلاصة القول إنني قد وزَّعتُ كثيرًا من الكتب بهذا الموضوع ببذل أموال كثيرة في هذه البلاد وفي بلاد العرب والشام وخراسان وغيرها. وبفضل الله تعالى قد وجدتُ الآن، لاستئصال مثل هذه العقائد الباطلة الزائفة من القلوب، أَدلّةً قويةً وشواهدَ بيِّنةً وقرائنَ يقينيةً وشهاداتٍ تاريخيةً، تُبشّرني أشعّةُ صدقِها بأن انتشارها سوف يؤدّي عن قريب إلى تغيّر مدهش في قلوب المسلمين ضد هذه العقائد الباطلة. وهناك أمل قوي أنه بعد تفهُّم هذه الحقائق سوف تنفجر من قلوب أبناء الإسلام السعداء عيون باهرة الجمال عذبة المياه من الحلم والتواضع والرأفة، وإن تغيُّرهم الروحاني هذا سوف يجلب لهذه البلاد سعادة وبركة كبيرتين. وكذلك فإنني على يقين بأن علماء المسيحية وغيرهم الذين يتطلّعون إلى الحق ويتعطّشون له، سيستفيدون جميعهم أيضًا من كتابي هذا.
....ومن السهل جدًّا أن يدرك كلُّ عاقل أن مثل هذه العقيدة مدعاة لطعن شديد، أعني أن نُكره الشعوب الأخرى على قبول الإسلام، وإلا فمصيرهم القتل! إن الضمير الإنساني ليدرك بسهولة أن إجبار إنسان وإكراهه على قبول عقيدة ما بتهديده بالقتل قبل أن يَعِيَ حقيقتَها ويتبيّنَ تعاليمَها الخيّرةَ ويطّلعَ على مزاياها الحسنة لهو أسلوبٌ مستنكَرٌ للغاية. وكيف يمكن لدين أن يزدهر بهذا الأسلوب، بل على العكس، فهو سيعرّضه للانتقاد من قِبل كل معارض. وإن مثل هذه المبادئ لتؤدي، في نهاية المطاف، إلى خلو القلوب من مؤاساة الإنسان نهائيًّا، كما أنها تقضي على الأخلاق الإنسانية العظيمة كالرحمة والعدل قضاءً تامًّا؛ وتحل محلَّها الضغينةُ والبغضاء المتزايدتان؛ وتنمحي الأخلاقُ الفاضلة، ولا تبقى إلا الهمجية. وحاشا أن تصدر مثل هذه التعاليم الظالمة عن الله الذي لا يؤاخذ أحدًا إلا بعد إقامة الحجّة عليه.
علينا أن نفكر هل من الحق في شيء أن نقتل، دون تروٍّ أو تريُّث، شخصًا لا يؤمن بدين حقّ بسبب عدم اطلاعه على دلائل صدقه وسمو تعاليمه ومزاياه؟ كلا، بل إن مثل هذا الشخص أحقُّ بالترحم، وأجدر أن نوضّح له بكل رفق ولين صدقَ ذلك الدين وفضائله ومنافعه الروحية، لا أن نُقابل إنكارَه بالسيف أو الرصاص. ولذلك فإن عقيدة الجهاد لدى هذه الفرق الإسلامية في عصرنا - بالإضافة إلى زعمهم بأنه يوشك أن يأتي زمان يُبعث فيه مهدي سفّاح باسم الإمام محمد وأن ينـزل المسيح من السماء لنصرته وأنهما سيقومان معًا بقتل الشعوب غير المسلمة جمعاء لكفرها بالإسلام - لأمرٌ يُنافي المقتضى الأخلاقي منافاةً شديدة. أفلا تعطّل هذه العقيدةُ في أصحابها جميعَ المواهب الإنسانية الطيبة، وتثير فيهم النـزعات الهمجيةَ السبُعيةَ، وتجعلهم يُعاشرون كلَّ شعب بالنفاق...." (الخزائن الدفينة) انتهى.
يرجى مراجعة كتاب الخزائن الدفينة فصل الجهاد

هاني الزهيري


 

خطب الجمعة الأخيرة