ليس هنالك حديث بهذا النص، إنما هما حديثان منفصلان، فالأول اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ (مسند أحمد)
وهو حديث ردّ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم على المنافقين الحاسدين الذين يكثرون من التذمر ضد عليّ رضي الله عنه ويكثرون من انتقاده واتهامه بما ليس فيه، شأن الحاسدين في كل مكان وزمان حين يرون أحدا أفضل منهم وأكفأ وأقدر وأعلم وأشجع وأكثر قربا من الرسول صلى الله عليه وسلم... فقال الرسول صلى الله عليه وسلم قولا عاما أنّ من كان يعتبرني وليا له فلعتبر عليا كذلك، فعليّ فوق الشبهات والافتراءات والأكاذيب.
كما أن في الحديث نبوءة أن كثيرا من الناس سيخرجون على خلافة عليّ، فهذا الحديث يحذر من الخروج ويقول للجميع مسبقا: عليّ فوق الشبهات ولا مجال للشكّ في صحة خلافته مهما حدث، فالخارج على خلافته ليس على الحقّ في خروجه مهما كان سبب هذا الخروج.
وأما الحديث الثاني: خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي (مسلم).. ومعناه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف عليا على المسلمين كما استخلف موسى هارونَ عليهما السلام على قومه، فالاستخلاف يدل على عظمة المستخلَف وليس على جبنه. والفرق بينهما أن عليًّا ليس نبيا، فلا نبي خلال غيبة الرسول صلى الله عليه وسلم في تبوك.
أما إنْ كنتَ تقصد أن الحديث ينفي النبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا ما نقول به نحن، لذا ننفي عودة المسيح. ولكن في الوقت نفسه لا بد من الإيمان بنزول المسيح، والذي هو فرد من هذه الأمة، وقد حاز مقام النبوة الظلية التابعة، وهي نبوة جديدة لم تكن في الماضي.. وهي تدل على مقام النبي صلى الله عليه وسلم العظيم، والذي باتباعه والفناء فيه يصل المؤمنون هذه الدرجة.. فحديث لا نبي بعدي يقطع النبوة المستقلة التي كانت في الماضي، ويمنع عودة المسيح، لكنه لا ينفي نزول المسيح المحمدي ولا ينفي النبوة الظلية. فبهذا يتم التوفيق بين الأحاديث المتواترة التي تقول بنزول المسيح، وبين آية ختم النبوة وحديث لا نبي بعدي.