فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (البقرة: 231)
التفسير: سبق أن ذكر الله الخيارين في قوله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وهنا يذكر الخيار الثاني منهما وهو الطلاق فيقول: إذا تمت التطليقة الثالثة فلا تحل هذه السيدة لهذا الرجل أبدا بعد ذلك..اللهم إلا إذا حدث أن تزوجت من رجل آخر، ثم انفصل عنها بالطلاق أو الوفاة مثلا، عندئذ يجوز للزوج السابق أن يتزوج منها.. إذا كانا على يقين أنهما سوف يقيمان حدود الله. فعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا طلق زوجته ثلاثا، ثم تزوجها غيرُه وطلقها من قبل أن يمسها، فرأى زوجها الأول أن يتزوجها، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (لا ينكحها الأول حَتَّى تَذُوق عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَها (مسلم، الطلاق).. أي حتى يتم جماع بينها وبين الزوج الثاني، ثم يحدث الطلاق بينهما لسبب ما، عندئذ تحل هذه للزوج الأول.
وللأسف أن المسلمين في زمن انحطاطهم ابتدعوا –إلى جانب البدع الكثيرة الأخرى –بدعة التحليل الشنيعة.. أي أن بعد حصول الطلاق البات احتالوا حيلة يمكِّنون بها الزوج الأول من الزواج من مطلقته مرة أخرى.. وذلك بأن يعقدوا لهذه السيدة على رجل آخر ليبيت معها ليلة ويجامعها، وفي الصباح يطلقها لتعود إلى زوجها الأول. ولكن الإسلام حرَّم هذا الطريق ولعن من يقوم بهذه البدعة.. بدعة التحليل. وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لعَن الله المحلِّل والمحلَّل له) (الترمذي، النكاح). فلا مكان لبدعة التحليل في الإسلام. إنما يقضي الشرع الإسلامي أنه إذا تم الطلاق الثالث بين الزوج وزوجته فلا تحل له مطلقا إلا في حالة معينة: أن تتزوج هذه السيدة زواجا شرعيا مع زوج جديد، وتعيش معه في بيته، ثم إذا طلقها هذا الزوج أو مات عنها فللزوج الأول أن يتزوجها زواجا جديدا بمهر جديد وبرضاء أوليائها.. وبدون ذلك لا يجوز أن يتزوجها.
(نقلا عن التفسير الكبير للمصلح الموعود رضي الله عنه)
إن الطلاق إنهاء لعقد زواج قال الله عنه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 22)..
ولما كان الله تعالى لا يريد للزواج أن ينفك بسهولة، فقد أعطى الزوجان إمكانية العودة حتى بعد هذا الطلاق، ولكن شرع الله ليس ألعوبة، فلا يجوز التلاعب في هذه المسألة، لذا حدد الله عدد التطليقات باثنتين فقط، فقال تعالى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } (البقرة: 230)..
فإذا طلق الرجل زوجته وندم على ذلك خلال فترة العدة، وهي ثلاثة أشهر تقريبا، فيمكنه أن يعيدها بدون أي إجراءات، وإلا فلا بد من عقد جديد. ثم إذا طلقها ثانية بعد فترة، فيمكنه أن يعيدها بالطريقة ذاتها. ولكن إذا طلقها مرة ثالثة فإنها تحرم عليه، ولا يمكنه أن يعيدها.
وفي هذه الحالة يجوز لها أن تتزوج زوجا آخر، أو تبقى بلا زواج إلى الأبد إن شاءت. فإذا تزوجت زوجا آخر بنية الزواج الحقيقي وليس التلاعب، ثم اختلفا وطلقها ولم يُرجعها خلال فترة العدة، فيمكنها أن تتزوج زوجا آخر غيره، وفي هذه الحالة يُسمح لها أن تتزوج من الزوج الأول، ذلك أنها إن لم تستطع العيش مع الزوج الثاني فستكتشف أنها هي من سبّب الخلاف، وحينذاك يمكن أن تنصلح..
فالإسلام لا يريد أن يجعل من الطلاق ألعوبة، وفي الوقت نفسه يريد أن يمنح المخطئين فُرصًا.
أما إن أساء الناس التطبيق، وصاروا يبحثون عن زوج مستعار ليحلل للزوجة العودة إلى زوجها الذي طلقها ثلاثا، فهذا يعود إلى استهتارهم بالدين وحدوده، وهذه كبيرة من الكبائر. وقد لعن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحِلَّ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ.. يعني أنه صلى الله عليه وسلم لعن الرجل المستعار ليتزوج زواجا شكليا، كما لعن الزوج الذي طلق ثلاث مرات ثم أراد أن يعيد زوجته بهذه الحيلة. وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أخبركم بالتيس المستعار؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : « هو المحلّ، فلعن الله المحل ، والمحلل له ».. فهنا سمّاه تيسا مستعارا.
وسام البراقي
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8