loader
 

السؤال: السلام عليكم, كيف نفسر الاية (وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته) فهذه الاية دليل على عودة المسيح مرة ثانية لانه لم تكن اي كتب مقدسة خلال حياته وشكرا

الضمير في "ليؤمنن به" يعود على القتل والصلب وليس على المسيح. والآية تقول إن أهل الكتاب جميعا؛ أي اليهود والنصارى، يؤمنون بأنه قد قُتل وصلب، وهذه عقيدة أساسية بالنسبة للمسيحيين الذين يرون أن قتله على الصليب كان فداءً للبشرية من خطيئة آدم، وعقيدة أساسية بالنسبة لليهود الذين يرون أنه متنبئ كاذب ملعون - والعياذ بالله، وأن قتله على الصليب دليل على ذلك! وهكذا فقد أجمع اليهود والنصارى على عقيدة موت المسيح على الصليب وإن اختلفوا في نظرتهم إليها.
وتبدو هذه الآية وكأنها تتعجب من إجماع أهل الكتاب على هذه العقيدة التي هي في الواقع شبهة مبنية على الظن فقط، ولا يوجد بيدهم أي دليل قطعي تحققها، كما يقول تعالى سابقا: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} (النساء 158). وتقول الآية ومع أنهم جميعا يؤمنون بها، فإنه سيتبين لهم أنهم على الخطأ بعد موتهم (لأن ضمير الهاء في موته يعود على الكتابي)، كما أن المسيح سيكون عليهم شهيدا يوم القيامة ليبين لهم أنهم على الباطل.
أما الظن بأن الآية تقول إن المسيح سيعود وسيؤمن به أهل الكتاب جميعا فهو ظن باطل وتفسير خاطئ لسببين على الأقل؛ الأول إن منطوق الآية يفيد أنه يجب أن يؤمن به أهل الكتاب على الإطلاق، أي من مات منهم في السابق أيضا؛ وهذا مستحيل. والثاني هو أن القرآن الكريم يبين أنه ستبقى فئة لن تؤمن بالمسيح إلى يوم القيامة كما في قوله تعالى:
{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (آل عمران 56)!
هذا إضافة إلى الكثير جدا من الآيات التي تبين أنه لن يأتي يوم يؤمن فيه الناس جميعا، بل سيبقى الخلاف إلى يوم القيامة والله تعالى سيحكم فيه بينهم.
ويجدر الانتباه أيضا أن هذه الآية تنتهي بدليل إضافي صريح ينفي رجعة المسيح إلى الأرض قبل يوم القيامة، حيث إنه سيكون عليهم شهيدا يوم القيامة وليس قبله، كما يقول تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (النساء 160)!
تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة