loader
 

السؤال: ( صرح الميرزاء غلام أحمد في بعض كتاباته بأنه : « غرس غرستة الحكومة الانجليزية » ، كتب ذلك في التماسه الذي قدمه الى حاكم مقاطعة البنجاب الانجليزي في 14 شباط 1898 م ) . ما مدى صحة هذه المقولة ؟؟

هذا من الكذب المجرد. لقد كتب عليه السلام أنه غراس غرسته يد الله تعالى الذي لا يقدر أحد على قلعه. فقد قال عليه السلام: "الدنيا لا تعرفني، ولكن يعرفني من بعثني. إنهم بسبب خطئهم وشقاوتهم الشديدة يريدون إبادتي. إنني ذلك الغراس الذي غرسه المالك الحقيقي بيده... أيها الناس، تأكدوا أن معي يدًا لن تزال وفيَّةً معي إلى آخر الأمر. ولئن اجتمع رجالكم ونساؤكم، وشبابكم وشيوخكم، وصغاركم وكباركم كلهم، وابتَهَلُوا إلى الله تعالى ودَعَوا لهلاكي في اضطرار وابتهال حتى تسقط أنوفهم وتشل أيديهم، فلن يستجيب الله لهم، ولن يبرح حتى يُتمَّ ما أراد... فلا تظلموا أنفسكم. إن للكاذبين وجوهًا غير وجوه الصادقين. والله تعالى لا يترك أمرًا دون أن يحسمه... فكما أن الله حكم بين أنبيائه ومكذبيهم في الماضي، فإنه تعالى سوف يحكم الآن أيضًا. إن لمجيء أنبياء الله موسمًا ولرحيلهم موسمًا كذلك. فتأكدوا أنني لم آتِ بدون موسم، ولن أذهب بدون موسم. فلا تختصموا مع الله، فلن تستطيعوا إبادتي." (ضميمة التحفة الجولروية، الخزائن الروحانية ج17 ص49-50)
أما غراس الإنجليز المشار إليه في السؤال فهذه قصته وسياقه حسب ما أورده الخليفة الرابع رحمه الله في خطبة جمعة، حيث قال: "
الواقع أن الحاكم الإنجليزي السير وليم ميكورث نيغ كان مسيحيًا شديد التعصب، وكان يكِّن ضد سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود - عليه السلام - بغضًا شديدًا بسبب الهجوم العنيف الذي شنه حضرته على عقائد المسيحيين الباطلة، فسعى المشايخ إليه بأن الميرزا غلام أحمد القادياني يعادي حكومة الإنجليز ودينهم عداء شديدًا، فعليكم بالقضاء عليه. ولما بلغ ذلك حضرته - عليه السلام - صرّح للحكام الإنجليز قائلا: "لقد وصلتني أخبار متتابعة بأن بعضًا من الحساد الذين يعادونني وأصدقائي لاختلاف في العقيدة، أو لأي سبب آخر، يبلغون الحكام الكرام ضدي أو ضد أصدقائي أمورًا لا تمت إلى الحقيقة بصلة. فأخشى أن تنطلي على المسؤولين الحكوميين افتراءاتهم وِشاياتهم اليومية، ويسيئوا بنا الظن... فتضيع جميع تضحياتنا.
... لذا أرجو من الحكومة أن تعامل هذه الأسرة التي اختبرت ولاءَها وخدماتِها لها لحوالي خمسين عاما متتالية، والتي اعترف الموظفون الحكوميون الكرام في مراسلاتهم لها اعترافًا أكيدًا بأنها أسرة وفيَّة ومخلصة في ولائها منذ أمد طويل.. أرجو من الحكومة أن تعامل هذا الغراس الذي غرسته بيدها، بكل حزم واحتياط وعناية وبعد تحقيق." (كتاب البرية، الخزائن الروحانية ج13 ص349-350)
لاحِظوا أن حضرته - عليه السلام - لا يتحدث هنا عن جماعته وإنما عن أسرته التي ساعدت الإنجليز في حروبهم ضد السيخ وغيرهم، حيث أمدّتهم بكتائب من الجنود وعلى نفقاتها. فيقول حضرته كيف يمكن أن تتناسَوا هذه الخدمات وتظنوا أن هذه الأسرة تحيك مؤامرات تهدف إلى إبادتكم.
هذا، وهناك خلفية أخرى فَرضت على حضرته إدلاءَ هذا البيان، ذلك أن أعداء حضرته - عليه السلام - عندما سَعَوا به إلى الحكام الإنجليز.. ثار أفراد أسرته الذين لم يكونوا غير مصدقين بدعواه فحسب، وإنما كانوا من المعارضين له، فقالوا لحضرته: إنك خلقت لنا مشكلتين، فمن ناحية تشوه سمعتنا على الصعيد الديني بادعائك بما لا نصدقه، ومن ناحية أخرى تجلب علينا سخط الحكومة وعداوتها. فاضطر حضرته - عليه السلام - للدفاع عن أسرته ملفتًا أنظار الحكومة إلى ما اعترف به موظفوها في الماضي من خدمة وولاء هذه الأسرة لها.
الواقع أن الأحمدية بدأت بدعوى سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود - عليه السلام -. أما الأسرة التي يحاول حضرته براءتها فكانت موجودة قبل قيام الأحمدية، بل إن خدماتها للحكومة الإنجليزية كانت سبقت وجود الأحمدية بزمن طويل، ولا علاقة لها بالأحمدية. وكانت هذه الأسرة قد صارت معادية لحضرته بسبب دعواه. وهذه الأسرة التي سماها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود - عليه السلام - "غراس الحكومة" كانت من "أهل السنة" حسب المصطلح السائد اليوم، وإن كنا، نحن المسلمين الأحمديين، "أهل السنة" في الحقيقة بعون الله. وكان حضرته قد قطع صلته بهذه الأسرة بسبب عداوتها له. فإذا كانت هذه الأسرة "السنية" غراس الإنجليز فلتكن، ولا علاقة للأحمدية بها.




 

خطب الجمعة الأخيرة