ما أجمل قراءة العبارات في سياقها!
يقول المسيح الموعود عليه السلام في كتابه الاستفتاء الذي طُبع قبل وفاته عليه السلام بسنة واحدة متحدثا عن هلاك دوئي المفتري على الله: "اعلموا، رحمكم الله، أن من نموذج نصرته تعالى، ومن شهاداته على صدقي، آية أظهرها الله تعالى لتأييدي، بإهلاك رجل اسمه "دوئي". وتفصيل هذه الآية الجليلة، والمعجزة العظيمة، أنّ رجلاً مسمّى بـ "دوئي"، كان في أمريكة من النصارى المتموّلين، والقسيسين المتكبّرين. وكان معه زهاء مائةِ ألفٍ من المريدين، وكانوا يُطيعونه كالعباد والإماء على منهج اليسوعيّين. وكان كثير الشهرة في قومه وغير قومه، حتى طَبّق الآفاقَ ذكرُه، وسخّر فوجًا من النصارى سِحْرُه. وكان يدَّعي الرسالة والنبوّة، مع إقرار ألوهيّة ابن مريم، ويسبّ ويشتم رسولنا الأكرم، وكان يدَّعي مقامات فائقة ومراتب عالية، ويحسب نفسه من كلّ نفس أشرفَ وأعظم. وكان يزيد يومًا فيومًا في المالِ والشهرة والتابعين، وكان يعيش كالملوك بعدما كان كالشحّاذين. فالناظر من المسلمين في ترقّياته، مع افترائه وتقوُّله، إن كان ضعيفًا.. ضلّ وحارَ، وإن كان عَرِيفًا..لم يأمَن العثارَ. وذلك أنه كان عدوّ الإسلام، وكان يسبّ نبيَّنا خيرَ الأنام، ثمّ مع ذلك صعد في الشهرة والتموّل إلى أعلى المقام، وكان يقول إني سأقتل كلّ من كان من المسلمين، ولا أترك نفسًا من الموحّدين المؤمنين.
وكان من الذين يقولون ما لا يفعلون، وعلا في الأرض كفرعون ونسي المنون. وكان يجعل النهارَ لنهب أموال الناس، والليلَ للكاس، واجتمع إليه جهّال اليسوعيين، وسفهاء المسيحيين، فما زالوا يتعاطون أقداح الضلالة، ويصدّقون من جهلهم دعوى الرسالة. وكان هو عَبْدَ الدنيا لا كَحُرٍّ، وكصدفٍ بلا دُرٍّ، ومع ذلك كان شيطانَ زمانه، وقرينَ شيطانه، ولكن الله مهَّله إلى وقتٍ دعوتُه للمباهلة، ودعوتُ عليه في حضرة العزّة.
وكنتُ أجد فيه ريح الشيطان، ورأيت أنه صريع الطاغوت وعدوّ عباد الرحمن، نجّس الأرض ونجّس أنفاس أهلها من أنواع خباثة الهذيان، وما رأيتُ كمثله عِمِّيتًا ولا عِفريتًا في هذا الزمان. كان مجنونَ التثليث، وعدوَّ التوحيد، ومصرًّا على الدين الخبيث، وكان ينظر مضرّاتِه كحسنةٍ، ومعرّاتِه كأسباب راحةٍ.
واجتمع الجهّال عليه من الأُمراء وأهل الثروة، ونصروه بمالٍ لا يوجد إلا في خزائن الملوك وأرباب السلطنة. وكان يساق إليه قناطيرُ الدولة، حتى قيل إنّه ملك ويعيش كالملوك بالشأن والشوكة. ولما بلغت دولته منتهاها، تبع نفسَه الأمّارة وما زكَّاها. وادّعى الرسالة والنبوّة من إغواء الشيطان، وما تحامى عن الافتراء والكذب والبهتان. وظنّ أنه أمرٌ لا يُسأل عنه، ويُزجّي حياته في التنعّم والرفاهة، ويزيد في العظمة والنباهة، بل سلك معه طريقَ الكبر والنخوة، وما خاف عذاب حضرة العزّة. ولا شكّ أنّ المفتري يؤخذ في مآل أمره ويُمنع من الصعود، وتفترسه غيرة الله كالأُسُود، ويرى يوم الهلاك والدمار الموعود في كتاب الله العزيز الودُود. إن الذين يفترون على الله ويتقوّلون، لا يعيشون إلا قليلاً ثم يؤخذون، وتتبعهم لعنة الله في هذه وفي الآخرة، ويذوقون الهوان والخزي ولا يُكرَمون. ألم يبلغك ما كان مآل المفترين في الأوّلين؟ وإن الله لا يخاف عقبى المتقوّلين، ويهزّ لهم حُسامه، فيجعلهم من الممزَّقين.
ولما اقترب يوم هلاكه دعوتُه للمباهلة، وكتبتُ إليه أن دعواك باطلٌ ولستَ إلا كذّابًا مفتريًا لجِيفةِ الدنيا الدنيّة، وليس عيسى إلا نبيًّا، ولستَ إلا متقوّلاً، ومن العامّة والفِرق الضالّة المضلّة. فاخْشَ الذي يرى كذبك، وإني أدعوك إلى الإسلام والدين الحقّ والتوبة إلى الله ذي الجبروت والعزّة. فإن تولّيتَ وأَعْرضتَ عن هذه الدعوة، فتعالَ نباهلْ ونجعلْ لعنة الله على الذي ترك الحقّ، وادّعى الرسالة والنبوّة على طريق الفِرية. وإن الله يفتح بيني وبينك، ويهلك الكاذب في زمن حياة الصادق، ليعلم الناس مَنْ صدق ومَنْ كذب، ولينقطع النزاع بعد هذه الفيصلة.
ووالله، إني أنا المسيح الموعود الذي وُعد مجيئه في آخر الزمن وأيام شيوع الضلالة. وإنّ عيسى قد ماتَ، وإن مذهب التثليث باطل، وإنك تفتري على الله في دعوى النبوّة. والنبوّة قد انقطعت بعد نبيّنا- صلى الله عليه وسلم - ، ولا كتاب بعد الفرقان الذي هو خير الصحف السابقة، ولا شريعة بعد الشريعة المحمديّة، بَيْدَ أني سُمّيتُ نبيًّا على لسان خير البريّة، وذلك أمر ظلّي مِنْ بركات المتابعة، وما أرى في نفسي خيرًا، ووجدتُ كُلّ ما وجدت من هذه النفس المقدّسة. وما عنى الله من نبوّتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة، ولعنة الله على من أراد فوق ذلك، أو حسب نفسه شيئًا، أو أخرج عنقه من الرِّبْقة النبويّة. وإن رسولنا خاتم النبيين، وعليه انقطعتْ سلسلة المرسلين. فليس حقّ أحدٍ أَن يدّعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلّة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة، وهو بشرط الاتّباع لا بغير متابعة خير البريّة. ووالله، ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوار اتّباع الأشعّة المصطفوية، وسُمِّيتُ نبيّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرة الله ولا غيرة رسوله، فإني أُربَّى تحت جناح النبيّ، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة. ثم ما قلتُ من نفسي شيئًا، بل اتّبعتُ ما أُوحي إِليّ من ربّي. وما أخاف بعد ذلك تهديد الخليقة، وكلّ أحدٍ يُسأل عن عمله يوم القيامة، ولا يخفى على الله خافية.
وقُلتُ لذلك المفتري.. إن كنتَ لا تباهل بعد هذه الدَّعْوة، ومع ذلك لا تتوب مما تفتري على الله بادّعاء النبوّة، فلا تحسبْ أنك تنجو بهذه الحيلة، بل الله يهلكك بعذابٍ شديدٍ مع الذلّة الشديدة، ويخزيك ويذيقك جزاء الفرية.
وكان يراقب موتي وأراقب موته، وكنتُ أتوكّل على الله ناصر الحقّ وحامي هذه الملّة.
ثم أشعتُ ما كتبتُ إليه في ممالك أمريكة إشاعةً تامّةً كاملةً، حتى أُشيعَ ما كتبت إليه في أكثر جرائد أمريكة، وأظنّ أنّ ألوفا من الجرائد أشاعتْ هذا التبليغ، وبلغت الإشاعة إلى عِدّة ما أستطيع أن أُحصيها، وليس في القرطاس سعة أَنْ أُمْليها. وأمّا ما أُرْسِلَ إليّ من جرائد أمريكة التي فيها ذكرُ دعوتي وذكر المباهلة وذكر دعائي على "دوئي" لطلب الفيصلة، فرأيتُ أن أكتب في الحاشية أسماء بعضها، ليعلم الناس أنّ هذا الأمر ما كان مكتومًا مخفيًّا، بل أشيع في مشارق الأرض ومغاربها، وفي أقطار الدنيا وأعطافها كلّها، شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا. وكان سبب هذه الإشاعة أنّ "دوئي" كان كالملوك العظام في الشهرة، وما كان رجل في أمريكة ولا في يورُب من الأكابر والأصاغر إلا كان يعرفه بالمعرفة التامّة. وكانت له عظمة ونباهة كالسلاطين في أَعْيُن أهل تلك البلاد، ومع ذلك كان كثير السياحة، يصطاد الناس بوعظه كالصياد. فلذلك ما أبى أحدٌ من أهل الجرايد أن يطبع ما أُرْسل إليه في أمره من مسألة المباهلة، بل ساقهم حرص رؤية مآل المصارعة إلى الطبع والإشاعة. والجرائد التي طُبعتْ فيها مسألة مباهلتي ودُعائي على "دوئي" هي كثيرة من جرائد أمريكة، ولكنّا نذكر على طريق النموذج شيئًا منها في حاشيتنا هذه" (الاستفتاء)
ثم ذكر حضرته أسماء 32 جريدة ومجلة تحدثت عن المباهلة وكتب شيئا مما كتبتْه.
فالمحصلة أن نبوته عليه السلام ليست تشريعية، بل تابعة وخادمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتدل على عظمة فيوضه صلى الله عليه وسلم.
وللمزيد وللتفصيل يرجى مراجعة كتاب (النبوة والخلافة) على هذا الموقع، وخصوصا الجزء الأول من المقالة الأخيرة منه وهي على هذا الرابط
http://www.islamahmadiyya.net/pdf/lahori_last_article.pdf
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8