نكرر ما قلناه: إن الصلب هو الموت على الصليب.
والله تعالى لم ينفِ إلا الموت على الصليب في الآية الكريمة، ولم ينف مجرد التعليق. لأن التعليق على الصليب ليس قتلا ولا صلبا، بل تعليق. فالمسيح عُلّق على الصليب ولم يُصلب. أي لم يمت على الصليب.
إذا أصيب جنديان في معركة، فمات أحدهما بسبب الإصابة سمي شهيدا، وإذا شُفي الآخر لا يسمى شهيدا، بل جريح. وإذا عُلّق شخصان على حبل المشنقة، فمات أحدهما، وقُطع الحبل بالآخر فلم يمت، فالأول يسمى مشنوقا، والثاني لا يصح وصفه بالمشنوق. وهكذا إذا سقط رجلان في بحيرة، فمات أحدهما، وأُنقذ الآخر، فالأول غريق والثاني ليس غريقا. فلماذا يصرّ البعض على أن قضية التعليق على الصليب مختلفة عن هذا كله؟ إذا عُلّق شخصان على الصليب، فمات أحدهما ولم يمت الآخر، فالأول مصلوب، والثاني لم يصلب. كما لم يغرق ولم يشنق ولم يستشهد من سبقوه. فهذه كتلك.
وإذا أصرّ أحدٌ على أن عملية الصلب تختلف عن هذا كله، وأن مجرد التعليق هو صلب، فإننا نقول له: على فرض صحة قولك، فإن الآية قد نفت صلبًا خاصا من أنواع الصلب، وهو الصلب الذي يشمل الموت، ولم تنفِ الصلب كله. وهذا ليس بغريب لغةً؛ فقد يُطلق لفظ العموم ويراد به الخصوص، اي قد نذكر لفظا عاما ونقصد أقساما خاصة منه. ففي قوله تعالى (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) فإن كلمة الناس لا تشمل الناس جميعا، بل فئة مخصوصة، فهنا ذُكر لفظ عموم، وأريد به خصوص. ودليلنا على هذا التخريج هو سياق الآيات التي جاءت لتبرئ المسيح من ميتة اللعنة التي أرادها اليهود الماكرون، ولم تنـزل الآيات لتبرِّئه من مجرد التعليق، فالمعاناة على الصليب أو على غير الصليب شيء مشترك بين الأنبياء، فجميعهم من أولي العزم من الرسل، أي أن جميعهم قد تعرض للأذى، فلا بدّ أن يتعرض المسيح للأذى، أما الموت اللعين، فالله تعالى ينـزه أنبياءه عنه.
إن تفسيرنا ينسجم مع القرآن ومع التاريخ ومع العقل ومع المنطق، وأما التفسير الذي يتحدث عن قصة الشبيه فباطل قرآنًا ولغةً وعقلاً ومنطقًا وتاريخًا وخُلقًا وذوقًا.
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8