التعليق ليس هو الصلب بل الصلب كما تنص قواميس اللغة هي القتلة المعروفة على الصليب وليس مجرد التعليق كما أن الذي ينجو من الغرق لا يقال بأنه غريق لأن صفة الغريق تطلق على الذي يموت غرقاً فقط، ولذلك فإن مجرد التعليق لا يعني الصلب.
فالله تعالى عندما ينفي الصلب خاصة بعد نفيه القتل عامة في قوله:
{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (النساء 158)
فإنما يقول إنه لم يُقتل بأي طريقة، ولم يُقتل بالصلب خاصة، بل ظنوا أنهم قتلوه بالصلب.
وهذه الصيغة تؤكد أن التعليق قد حدث، ولكن الموت على الصليب لم يحدث!
فلا نقول عن شخص أنه لم يغرق، إلا إذا كان بالفعل قد تعرض للغرق وتم إنقاذه، وربما ظن البعض أنه قد مات في هذه الحادثة، فعندما نقول "ما غرق" فكأننا نقول لهم إنه قد نجا من الغرق. أما لو لم يكن قد تعرض للغرق، فنفي الغرق عنه يصبح عبثا. ولهذا نفى الله تعالى الصلب بصفته وسيلة القتل، بعد أن نفى القتل عموما، ليؤكد أنه وإن تم تعليقه على الصليب إلا أنه لم يصلب؛ أي لم يمت صلبا.
كما لا نقول لشخص -إنه غرق- إلا إذا مات غرقا، وإن كان تعرض للغرق أي أوشك عليه وكاد أن يموت إلا أنه نجا في النهاية. فهذا الذي أوشك على الغرق ولم يمت غرقا، لا يصح القول عنه بانه غرق، بل نقول عنه رغم ما أصابه وحل به من خطر الموت ، إنه والحمد لله لم يغرق، رغم كونه قد وضع على "خشبة الغرق وعلق عليها"(مجازا). فالغرق والصلب يُعنى بها الموت غرقا والموت صلبا.