loader
 

من أعمال السير ظفر الله خان الخالدة من أجل استقلال دولة المغرب

دور السير ظفر الله خان الإبن البار للجماعة الإسلامية الأحمدية في إستقلال المغرب وقصته مع الوزير الأول المغربي أحمد بلافريج

لا يخفى على قارئ منصف للتاريخ ذلك الدور العظيم الذي قام به السير ظفر الله خان أول وزير خارجية باكستان ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدفاع عن مصالح الدول الإسلامية و المنافحة عن حقوق مواطنيها في مختلف المنابر الدولية، و لعل أهم أعماله و أشهرها في هذا الباب ذلك الخطاب التاريخي الذي ألقاه في مجلس الأمم المتحدة و الذي دافع فيه لأزيد من ثلاث ساعات عن حقوق الشعب الفلسطيني رافضا قرار تقسيم فلسطين.

في هذا المقال، سوف أتطرق إلى عمل تاريخي عظيم قام به السير ظفر الله خان رحمه الله تعالى ساهم بشكل قوي في تقوية موقع المغرب في المنتظم الدولي والدفع بمطالبه في الحصول على استقلاله.

 

لقد كان تأسيس دولة باكستان حدثا تاريخيا بالنسبة للمسلمين من حيث أنها حققت أخيرا حلم ملايين المسلمين المضطهدين في الهند بتأسيس دولة تمثلهم، تتحدث بإسمهم و ترعى مصالحهم. لكن مهندسي هذه الدولة لم يرغبوا في أن تبقى الدولة الحديثة مجرد بيدق في دبلوماسية القوى الدولية لهذه المنطقة، بل أرادوا إنشاء دولة يمكنها الدفاع عن حقوق المسلمين وحمايتها في الأمم المتحدة وخارجها. وهذا ما برر تركيز باكستان على تقوية سياستها الخارجية لتكون متحدثة رسمية باسم المسلمين المضطهدين عبر العالم. ولم يكن هذا المتحدث الناطق باسم هذه الدولة الفتية إلا ذلك الإبن البار للجماعة الإسلامية الأحمدية السير ظفر الله خان الحقوقي البارع و الخطيب المفوه و السياسي الحكيم.

 

إلى حدود خمسينيات القرن الماضي، كانت دول المغرب العربي المغرب والجزائر وتونس لا تزال تناضل من أجل استقلالها عن النفوذ الفرنسي. ولم يكن لهذه الدول آنذاك من صوت يدافع عنها في المؤتمرات والمنابر الدولية إلا تلك الحنجرة الذهبية الممثلة في السير ظفر الله خان، وكان الدفاع المستميت لهذا الرجل عن حق المسلمين في تقرير مصيرهم سببا في الكثير من المعارضة الدولية التي تعرضت لها باكستان في تلك الفترة.

 

لقد حاولت باكستان طرح مسألة  تقرير المصير للمغرب مرتين في الجمعية العامة في الفترة الممتدة بين 1950 و 1954 لكنها فشلت، وفي النهاية نجحت هذه الدولة في وضع مسألة المغرب ضمن جدول أعمال الجمعية العامة التاسعة سنة 1954 بدعم من المجموعات الأفروآسيوية.  كان أحمد بلافريج سياسيا قويا ومن زعماء الحركة الوطنية في المغرب. وفي سنة 1952 بعثه ملك المغرب محمد الخامس لتمثيل المغرب في أطوار الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل الدفاع عن حق المغرب في استقلاله عن النفوذ الفرنسي.

عندما حاول بلافريج أخذ الكلمة والتحدث بإسم المغرب، قاطعه المسؤولون الفرنسيون رافضين السماح له بالتحدث بحجة أن المغرب كانت تحت النفوذ الفرنسي، وأنه يحمل جواز سفر فرنسي و هو الجواز الذي تم إلغاؤه بعد ذلك من قبل الفرنسيين.

 

أمام هذا المشهد المهين والمسيء لصورة المغرب بصفته بلدا إسلاميا، لم يكن من السير ظفر الله خان الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير خارجية باكستان ومتحدثا بإسم باكستان في الأمم المتحدة، إلا أن قام بالترتيبات بشكل طارئ لإصدار جواز سفر باكستاني لأحمد بلافريج. حيث أمر بفتح السفارة الباكستانية في الولايات المتحدة ليلاً وعرض على أحمد بلافريج الجنسية الباكستانية وأصدر له جواز سفر باكستانيًا تمكن عن طريقه في اليوم التالي من مخاطبة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والدفاع عن مصالح المغرب وحقه في الإستقلال عن النفوذ الفرنسي.

لم يكن هذا العمل البطولي الذي قام به السير ظفر الله خان مجرد حركة تقنية لحفظ ماء وجه المغرب أمام الإذلال الفرنسي، بل قد شكل دفعة قوية لملف الإستقلال المغربي على المستوى الدولي وفي الداخل أيضا، بل خلق ضغطا كبيرا على فرنسا أجبرها على فتح مفاوضات مباشرة مع المغرب إنتهت بحصوله على استقلاله عام 1956، وهي التي كانت ترفض حتى السماح لممثله بالتحدث في الأمم المتحدة قبل سنة من ذلك.

 

بعد الإستقلال، قام سلطان المغرب محمد الخامس بتعيين أحمد بلافريج وزيرا لخارجية المغرب ثم رئيساً لوزراء المغرب في ثاني حكومة بعد الإستقلال. وكان هذا الأخير يعلق جواز سفره الباكستاني في إطار خشبي في مكتبه بالرباط، وكان يخبر زواره بفخر واعتزاز عن الدور الذي لعبه جواز السفر هذا في استقلال المغرب.

 

(الصورة الأولى للسير ظفر الله خان، الملك فيصل آل سعود وأحمد بلافريج، والصورة الثانية لجواز السفر الباكستاني).

 

د. إلياس هميش
25 غشت 2023

  

 


زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.
 

خطب الجمعة الأخيرة