أشراط السّاعة وعلاماتها
قَسَّمَ علماؤنا من السلف الصالح علامات الساعة إلى قسمين: علامات صغرى وعلامات كبرى، والعلامات الصغرى كثيرة جداً منثورة في كتب الصحاح وإليك أخي القارئ بعضاً منها:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إنّ من أشراط الساعة أن يقلَّ العلم، ويكثر الجهل، ويفشو الزنا، ويشرب الخمر، ويقلَّ الرجال، ويكثر النساء، حتى يكونَ لخمسين امرأة القيِّمُ الواحد). [ رواه البخاري ].
وعبارة: أن يقلَّ العلم: يُقصد به العلم الديني الحقيقي.
وعبارة: يقلّ الرجال، ويكثر النساء: من جراء الحروب العالمية التي حدثت بين أقوام يأجوج ومأجوج في أوربا وآسيا منذ خمسين عاماً، حيث قضت على الملايين من الرجال.
عن أنس أيضاً أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أشراط الساعة أن يتباهى الناسُ في المساجد) أي يتباهون في عمارتها ونقشها وتزويقها، كما يحدث اليوم ونرى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " بينما النبي صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ إذ جاء أعرابي فقال: متى الساعة ؟ قال: (إذا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظر الساعة). [ رواه البخاري ).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يُمَرَّ بقبرِ الرجل فيقول: يا ليتني مكانه).(رواه البخاري). وذلك بسبب تكاليف الحياة والمعيشة وتعقيداتها، انطلاقاً من كون الرجل هو ربُّ الأسرة والمسؤول عن الإنفاق عليها ورعايتها، وبسبب الفِتن الدُنيوية التي تشدُّ الناس إليها بقوّة.
عن زياد بن لبيد رضي الله عنه قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فقال: (ذاك عند أوان ذهاب العلم، قلتُ: يا رسول الله كيف يَذهَبُ العلم ونحن نقرأ القرآن ونُقرِئُهُ أبناءنا إلى يوم القيامة ؟ قال: ثَكِلَتكَ أمّك يا زياد إنْ كنتُ لأراك من أفقه رجال المدينة، أوليس اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيءٍ مِمّا فيه).
(إبن ماجة ـ كتاب الفتن)
ابن ماجة والحاكم عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عن الدجّال: (يُصيب الناس في زمنه جفاف، فقيل يا رسول الله فمِمَا يعيش الناس إذا كان ذلك ؟ قال: التسبيح والتكبير، يجري ذلك منهم مجرى الطعام).
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُحشَرُ الناس على ثلاث طرق: راغبين وراهبين، اثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، ويُحشر بقيتهم النار، تُقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتُمسي معهم حيث أمسوا). ألفاظ هذا الحديث الشريف تتعلق بأمرين الأول اختراع وسائل نقل تتسع لأكثر من راكب واحد وتكون بديلاً عن وسائل النقل المعروفة قديماً كالجمال والخيل، وفي هذا تأكيد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليتركن القلاص فلا يسعى إليها) أي الجمال فلا يستعملنها، والأمر الثاني يتعلق باختراع الكهرباء لأنّ الكهرباء شكلٌ من أشكال النار، وهي التي يجتمع عليها الناس في منازلهم وأماكن عملهم بالليل والنهار، كما نشاهد اليوم، وممّا جاء في علامات الساعة أيضاً حديث: تَشَبَّهَتِ النساء بالرجال والرجال بالنساء، وأنّ الدول الحديثة تستعين بأعداد كبيرة من رجال الشرطة والأمن السرّي من أجل استتباب الأمن في بلادها كما نرى اليوم.
لك من علامات الساعة: كثرة المغنّين والمطربين واهتمام الناس بالغناء والطرب والاستمتاع إليه والانشغال به وتعظيم أعلامه التَّشبُّه بهم وتقليدهم، ومن علاماتها أيضاً: إنشاء حدائق للحيوانات في بلاد شَتّى من أنحاء العالم، مصداقاً لقوله تعالى في سورة التكوير: {وإذا الوحوشُ حُشِرَت} أي جُمِعَت في حدائق خاصة بها.
وقوله تعالى أيضاً: {وإذا الصُّحُفُ نُشِرَت} إشارة إلى انتشار الصُّحف والمجلاّت بكثرة في أنحاء العالم كما نشاهد اليوم.
وقوله تعالى أيضاً: {وإذا المَوؤودةُُ سُئِلت. بأيِّ ذنبٍ قُتِلَتْ}. وهنا إشارة إلى الصيحات والنداءات التي سوف يُطلِقها أصحاب الفكر وأصحاب الأقلام من أجل تحرير المرأة المُكَبَّلة والمُقَيَّدة بقيود الماضي المليء بالجهل والتخلّف، لذلك قال الله تعالى: {وإذا المَوؤودةُُ سُئِلَت} لأنَّ قتلها معنوي وليس حقيقياً، ولو كان قتلها حقيقياً لكان الله سأل قاتلها لماذا قَتَلها، لأنّ الأصل في سؤال القاتل وليس سؤال المقتول إذا كان القتل حقيقياً مادّياً.
وأمّا العلامات الكبرى فهي على الشكل الآتي:
عن حذيفة بن أُسَيْدٍ الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال: (ما تَذاكَرون ؟ قالوا: نَذْكُر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تَرَوا قَبْلَها عَشْرَ آيات، فذَكَر الدُّخانَ، والدَّجّالَ، والدّابَّةَ وطلوع الّشمس من مغربها، ونزولَ عيسى بن مريم، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خُسوفٍ: خسْف بالمشرق، وخَسْف بالمغرب، وخَسْف بجزيرة العرب، وآخِرُ ذلك نارٌ تَخْرُجُ من اليَمَن، تَطْرُدُ الناسَ إلى محشرهم).
(رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة)
قال الطيبي رحمه الله نقلاً عن الحافـظ بن حجر في فتـح الباري: " هـذه أماراتٌ وعلاماتٌ للساعة إمّا على حصولها وقيامها، فمن أمارات قربها: الدَّجال، ونزول عيسى عليه السلام، ويأجوج ومأجوج، والخسف، ومن أمارات قيامها: الدُّخان، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدّابة، والنار التي تحشرُ الناس ".
والحقيقة أنّ هذه الآيات العشر علامات على قرب موعد الساعة واقتراب وقوعها، منها ما ظهر وشاهدناه عياناً كالدّخان، والدّجّال والدّابة، ويأجوج ومأجوج ومنها ما يزال في عالم الغيب لا يعلم وقت ظهوره سوى الله جلّ شأنه.
فالدخان هو إشارة إلى ظهور صناعات جديدة ومعامل كبيرة ينطلق من أبراجها الدخان بكثرة، وكذلك ظهور اختراعات حديثة تعتمد أساساً في تشغيلها على موادّ قابلة للاشتعال كالبترول والفحم الحجري ينتج عن احتراقها الدّخان أيضاً. ويشير أيضاً إلى تطوير القديمة واختراع أسلحة جديدة ينتج الدّخان عن استعمالها، وآخر هذه الأسلحة الفتّاكة القنابل الذّرّية. فالدخان هو ميزة هذا العصر فلذلك يمكن تسمية عصرنا هذا بعصر الدخان.
والدّجّال: هو الأمة المسيحية وما جاءت به من الاستعمار الغربي لبلادنا الإسلامية –وبالأخص القساوسة، والفلاسفة والمفكرون المتعصبون - التي ستسعى لترويج المسيحية المحرفة المزورة، وهي التي ستحمل عقيدة الصليب الفاسدة، وستروج للخنزيرية والإباحية، وهي التي ستشن عدوانا على الإسلام بالشبهات والحجج المزورة والتي يريدون بها إبطال الإسلام والإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه الأمة ستعمل على الدجل والتحريف والتزوير وطمس الحقائق، ومحاولة إظهار المسيحية المحرفة وكأنها هي الحق رغم ما تحتويه من فساد وتناقضات، ومحاولة إظهار الإسلام وكأنه الشرُّ بعينه.
والدّابّة: هي وسائط النقل الحديثة كالطّائرات والقطارات والسيارات والبواخر التي حلَّت بدلاً عن وسائل النقل القديمة مصداقاً لقوله تعالى في سورة التكوير: {وإذا العِشارُ عُطِّلَتْ} أي استغناء الناس عن الاعتماد على الجِمال وغيرها من الحيوانات في ركوبهم وسفرهم وتنقّلاتهم، واستبدالها بمخترعات حديثة أقوى وأسرع، كما يقول تعالى {وَخَلَقْنا لَهُم منِ مثلِهِ ما يركبون}
والحقيقة أن الأحاديث الشريفة التي تتضمَّن أنباء غيبية عن المستقبل لا يمكن لأيّ إنسان مهما كانت درجة علمه أن يعرف كيفية وقوعها قبل أن تقع وتظهر حقائقها للناس، خاصة تلك الأحاديث التي عَلَّمنا إيّاها المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، وكانت تتعلق بكشوف أو رؤى رآها صلى الله عليه وسلم في منامه ومنها أحاديث الدَّجّال ويأجوج ومأجوج.
فمثلاً: رأى الرسول صلى الله عليه وسلم مرّةً في منامه أبا جهل في الجنّة، فقال عليه السلام: [ ما لأبي جهل والجنّة ] فلمّا أسلم ولدُه عكرمة بن أبي جهل أوَّل بذلك وعرف حقيقة الرؤيا بأنّ المقصود بالرؤيا عكرمة وليس أبو جهل.
وأكبر مثال على ذلك ما ذكره جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن ابن صيّاد وقصّته مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اللذين اعتقدا أنَّه المسيح الدَّجّال وقال عمر رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم: ائذَنْ لي فأقتله يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن يكن هو فلستَ صاحبه).
وهذا ما لم ينتبه إليه الكثير من علمائنا الأكارم فقاموا يشرحون هذه الأحاديث متمسِّكين بظاهر ألفاظها معتقدين أنَّها لا تقبل التأويل، فكانت النتيجة أنهم وضعوا شروحاً وتفاسير بعيدة عن الحقيقة قريبة من الخيال، غير قابلة التَّحقُّق والظهور.