لماذا لا يفرح المسلمون أنْ جعل الله لهم مسيحاً منهم، فلا يكون في بني إسرائيل ما ينعدم في أمة خاتم النبيين ؟
لماذا لا يفرح المسلمون أنْ جعل الله لهم مسيحاً منهم يمحو أسطورة المسيح ابن مريم الذي يحيي موتى القبور فلا يكون الله وحده هو المحيي، ويخلق الطيور التي تطير في جو السماء فلا يكون الله وحده خالقاً، وينطق بكلام فصيح مُعجز وهو وليدٌ في حجر أمه لم يبلغ من العمر إلا ساعةً أو ساعتين، فلا يكون له نظير من الناس، وليس لذلك كله في أمة خاتم النبيين مثيل ولا شبيه ؟
لماذا لا يفرح المسلمون أن جعل الله لهم مسيحاً كالمسيح، يبيّن على وجه الحقيقة كيف كان المسيح الناصريّ يحيي الموتى، عندما يحيي أمام العالم كله أموات القلوب وينقلهم من قبور الكفر والتنصير والإلحاد إلى حياة الإيمان والتوحيد، يريهم بأعين رؤوسهم كيف كان المسيح يخلق من الطين طيراً عندما يحوِّل بدعائه الجهلاء الذين لم يتلقوا علماً، ولم يجلسوا أمام معلم، ولم ينالوا شهادات، ولم ينتظموا في مدارس إلى علماء يخشى نزالهم الجامعيون وحاملوا الشهادات الكبرى، وحينما يجعل الغرباء والنزاع من القبائل والمغمورين من أولياء الله الصالحين الصادقين، فيُحلَّقون في سماء القرب، ويكونون طيراً يسمو في سماوات الروحانية تاركين الدنيا وزخارفها لمن اختاروا أن يخلدوا إلى الأرض ويرافقوا أصحاب القبور؟
لماذا لا يفرح المسلمون بمسيح يعيد لهم أمجاد محمد صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم أجمعين، ليَمُنَّ الله به على الذين استُضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمةً ويجعلهم الوارثين؟
لماذا لا يفرح المسلمون بمسيح منهم ويُكذَّبونه، ويعادونه، ويكفّرونه، وينفقون أموالهم لإفشال دعوته، ويوقفون أبناءهم لمعارضته وسفك دمه ويعتبرون من قُتل منهم في أعمالٍ انتحاريةٍ شهداءَ في سبيل الله ينالون بها القربى والمغفرة؟
لماذا يفرح المسلمون بمسيح ليس منهم، ولم يكن مرسَلاً لهم، ولن يكون يوماً من الأيام منهم، إنما قال فيه كتاب الله العزيز ( ورسولاً إلى بني إسرائيل )، أإلى هذه الدرجة تملّكتم روح بني إسرائيل حتى شُبّه لكم أنكم هم؟!
لماذا تنتظرون مسيحاً من بني إسرائيل؟ وهم الذين يفاخرون عليكم دائماً أنهم شعب الله المختار وأبناء الله وأحباؤه، وكأنكم بانتظاركم مسيحهم تبرهنون على صدق ادعاءاتهم وحتمية سيادتهم وحقيقة اصطفاء الله لهم على العالمين، وأن الله ما وصفهم يوماً بالمغضوب عليهم، ولا قال عنهم أنهم الضالون، وأن ذلك كله لم يكن من الله إنما كان من تلبيس الشياطين، وأن الله كان راضياً دائماً عنهم، وما انتزع منهم البركات والنبوات، وأن تلك البيانات الواردة في القرآن الكريم في حقهم لم تكن يوماً من الأيام من كلام الله القدوس، حتى أننا لم نعد صالحين ليكون منا مصلح لنا فجلبه الله منهم وحفظه من أجلنا آلاف السنين، وحاشا لله!
أليس ذلك كله قدحاً فينا وفي إلهنا وفي نبينا وفي كتابنا وفي شريعتنا وفي صدق كون نبينا خاتم المبيين، وكتابنا خاتم الكتب، وشريعتنا خاتمة الشرائع ؟
أليس ذلك مدحاً لهم واعترافاً صريحاً منا أنهم هم الأصلح والأصدق والأطهر وأنهم إلى الله أقرب وببركاته أوْلى؟
لماذا لا يفرح المسلمون بما ينفعهم، ويفرحون أشد الفرح بما يضرهم، وإليه يسعون لاهثين، وبه يلوذون ويتمسكون؟
لماذا لا يفرح المسلمون بمجيء مجدد لدينهم رغم اعترافهم جميعاً أن الدين في حالة ماسة إلى مجدد، وهل يُظن أن الدعوة لتجديد الخطاب الدينيّ التي باتت مطلباً عالمياً مُلحاً ليست إشارة بل علامة صريحة أن المجدد موجود وقد أنزله الله بالفعل وأنتم لا تشعرون؟ لأنه من سنة الله القديمة أنه ينزل المطر عندما تكون الأرض في حالة جفاف وجدب.
العالم كله يبحث عن مجدد للدين، والمجدد يقول بأعلى صوته : ها أنا الذي أرسلني ربي لأجدد الدين وأنوّر وجه المِلة، ولكنْ أنتم عنه معرِضون، ولكن اعلموا أنه ما دام الله تعالى قد أرسله مجدداً فسوف تقتلون أنفسكم حتى تعثروا على التجديد من سواه، ولن تعثروا عليه!
فيا أيها الباحثون عن التجديد لن تعثروا على تجديدكم المفقود إلا عند من أرسله الله مجدداً، فاقبلوا به ولا تكونوا كمن يفقأ عينيه ويخرق أذنيه ويقطع لسانه ويقول : ما ليَ أعمى وأصم وأبكم ؟!
يا أيها المسلمون الذين جعلهم الله خير أُمةٍ أُخرِجت للناس لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لماذا لا تأمرون بالمعروف الذي قال به كتاب الله وأوصى به رسوله وكشف عنه اللثام المسيحُ الموعود عليه السلام؟ لماذا أمسيتم تأمرون بما هو منكر، وتنهون عمّا هو معروف؟
خير المعروفٍ هو الإيمان بالإمام المهديّ والمسيح الموعود عليه السلام، وأنكر المنكر أن تتخذوه عدواً حسداً من عند أنفسكم، أو اتباعاً لعلماء ومشايخ لن يغنوا عنكم من الله شيئاً
أنتم لا تفرحون بمسيحكم، ومجدد دينكم، ومبعوث الله لكم، لأنكم اخترتم أن تستنوا بسُنن من كانوا قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، فلم يفرحوا يوماً بمبعوث الله فيهم.
أنتم لا تفرحون بمسيحكم كما لم يفرحوا بمسيحهم، فكذبوه وعابوه وسفَّهوه واتهموه وعادوه وأرادوا أن يقتلوه ويصلبوه حتى يثبتوا أنه مُجدِّفٌ على الله متقولٌ عليه، فقالوا إن كنت مسيحاً فأين إيليا الموعود أن ينزل من السماء كما صعد فيها، فقلتم إن كنت أنت الإمام المهديّ فأين المسيح الذي ينزل من السماء كما صعد فيها، وإن كنت أنت المسيح فمن يكون ابن مريم الذي علمنا مشايخنا أنه نازل لنا من السماء بين ملكيْن؟
إن كنتم تريدون أن تفرحوا بمسيحكم، فتخلوا عن سنن من كانوا قبلكم تفرحوا بفضل الله عليكم ورحمته!!!
زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.