loader
 

من براهين وجود الخالق عزّ وجلّ..5

البرهان السادس

برهان وجود الله بدليل تحقق نبوءة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حول كسوف القمر والشمس كآيتين لظهور الإمام المهدي عليه السلام

من البراهين الحية على وجود الله عز وجل وأنه حيّ يكلم أنبياءه ويُطلعهم على الغيب، هو نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعلقة ببرهان ظهور الإمام المهدي عليه السلام، وهي من علم الغيب، حيث قال عليه الصلاة والسلام:

(إنّ لِمهدينا آيتين لَم تكونا منذ خَلْقِ السموات والأرض، ينكسف القمر لأوّل ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه).  وقد أخرج هذا الحديث الشريف الحافظ علي بن عمر البغدادي الدارقطني عن الإمام الباقر محمد بن علي بن الإمام زين العابدين رضي الله عنهم جميعاً. وقد ورد أيضاً في كتب الحديث لدى السنّة والشيعة كليهما. وذكره كثير من مشاهير العلماء في تصانيفهم، وجاء في العديد من الكتب، نذكر منها:

* (الفتاوى الحديثة) للحافظ بن حجر المكّي طبعة مصر ص 31

* (بحار الأنوار) ج 13 ص 85 محمد باقر المجلسي

* (إكمال الدين) ص 368 محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

* (عقائد الإسلام) عبد الحق المحدّث الدهلوي ص 182 طبعة 1292هـ

* (حجج الكرامة) صديق حسن خان ص 106 طبعة 1301 هـ

وغيرهم من علماء المسلمين وأئمتهم.

والآن ماذا يعني هذا الحديث!

تَتبيّن لدارسِ هذا الحديث مجموعةُ عناصرَ لا بدّ من توافرها لتصديق دعوة من يدّعي أنه الإمام المهدي المنتظر. ما هي هذه العناصر؟

1) إنّ لفظة مهدينا (بإضافة الضمير -نا- إلى لفظة المهدي) في الحديث الشريف، تُشير إلى حقيقة أنه سيخرج ـ قبل ظهور الإمام المهدي الحق، عددٌ من الرجال يزعم كلّ منهم أنه الإمام المهدي ولكن لا يُظهر اللهُ عزّ وجلّ الآيتين، اللتين ذكرهما الرسول صلى اللـه عليه وآله وسلّم في هذا الحديث، كبرهان على صدق أيّ منهم، بل يكون المهدي الحقيقي هو فقط الرجل الذي يُظهر اللـهُ له في السماء آيتي كسوف القمر وكسوف الشمس في شهر رمضان في التاريخين اللذين حدّدهما رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلّم، وبذلك تكون هاتان الآيتان شاهدَي صدقٍ، ليس للإمام المهدي فحسب، بل وللرسول الكريم صلى اللـه عليه وآله وسلّم، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى.

2) لا بدّ من ظهور رجل يزعم أنّ اللـه قد بعثه ليكون الإمامَ المهدي الموعود والمنتظر، وأنه قد جاء مصداقاً لنبوءة الرسول الكريم صلى اللـه عليه وآله وسلّم وشاهداً منه وله. ويجب ألاّ يُعلِن في حياته رجلٌ آخر الإعلانَ نفسَه، وذلك لكي تكون الآيتان شاهدتين على صدقه وحده، ولا يصحّ أن يشترك معه فيهما رجل آخَر.

3) إنّ كسوف القمر يجب أن يتمّ بعد إعلان الإمام المهدي الصادق لدعوته، وليس قبله؛ ويجب أن يكون في 13 من شهر رمضان، وذلك لأن القمر ينكسف فقط في الليالي الثلاث 13 أو 14 أو 15 من الشهر العربي. ولهذا فإن أوّل ليلة من ليالي كسوف القمر هي 13 حصراً. ويجب أن يكون ذلك في شهر رمضان، كما هو واضح من الحديث الشريف.

4) إنّ كسوف الشمس يحدث في 27 و 28 و 29 من أيام الشهر العربي، وهذا يعني أن كسوف الشمس الشاهد للإمام المهدي في نبوءة رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلّم يجب أن يحدث في 28 من شهر رمضان ذاته الذي يكون فيه القمر قد كُسف في 13 منه.

5) وطبعاً يجب أن يتمّ كسوف القمر وكسوف الشمس في شهر واحد وهو رمضان، كما هو واضح من الحديث الشريف.

إذن الأمر، بحسب بيان سيدنا خاتم النبيين محمد صلى اللـه عليه وآله وسلّم هو غاية في الوضوح. فإذا ما ظهر رجلٌ يزعم أنّه الإمام المهدي ثم أظهر اللـهُ له في السماء شاهدين، آيتين تَشهدان على صدقه، وهما كسوف القمر وكسوف الشمس في شهر رمضان في التاريخين اللذين حدّدهما الرسول المصطفى محمد صلى اللـه عليه وآله وسلّم في حديثه الشريف منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً، فإنّ هذا الرجل بحسب بيان سيدنا رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلّم يكون هو المهدي الصادق ونكون مُلزمين بتصديقه، كائناً من كان، ونكون بذلك قد أدّينا حق الله علينا في  تصديق شهادته التي هي أكبر شهادة، عملاً وتصديقاً بقول ربنا عزّ وجلّ في كتابه المجيد:

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} (الأَنعام 20)

لقد ظهر هذا الرجل وأعلن في نهاية 1890 أنه الإمام المهدي الذي بعثه الله مصدقا بظهوره ودعوته لما جاء في نبوءة سيد العالمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ثم، بعد بضع سنين، أظهر اللهُ ذلك البرهان وحقق النبوءة، إذ رأى العالم كلّه آيات اللـه تظهر في السماء شاهدات بيّنات، تؤيّد صدق دعوى حضرته بأنه حقاً الإمام المهدي الموعود؛ إذ كَسف اللـهُ القمرَ وكسفَ الشمس في رمضان تماماً في التاريخين اللذين حدّدهما خاتم النبيين محمد صلى اللـه عليه وآله وسلّم  في حديثه الشريف الذي ذكرناه آنفاً، وجاء الحدث العالمي المشهود كما يلي:

في أول ليالي كسوف القمر الواقع في (13) رمضان من عام (1311هـ) الموافق لـ (21) آذار من عام (1894م) شاهد الناس في أفق القارة الهندية كسوف القمر واضحاً جليّاً في أوّل الليل.

وفي (28) من شهر رمضان ذاته تمّ النبأ العظيم، إذ شاهد الناس آيةَ كسوف الشمس ما بين الساعة التاسعة إلى الساعة الحادية عشرة صباحاً، وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق لـ 6 نيسان من عام (1894م). وتمّت بذلك شهادةُ اللـه ورسوله الكريم لصدق دعوى الإمام المهدي المنتظر—الذي اسمه ميرزا غلام أحمد القادياني—بأنّ اللـه عزّ وجلّ قد بعثه ليكون الإمام الموعود الذي يملأ اللـهُ به الأرضَ عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

إنّ كسوف القمر وكسوف الشمس في التاريخين اللذين حددهما سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يبرهنان على صدق محمد صلى الله عليه وسلم بأنه رسول الله إلى العالمين، وكذلك يبرهنان على وجود الله الذي يعلم الغيب ويظهره لأنبيائه من خلال وحيه الشريف المسجل في الكتب، ومن خلال تحقق نبوءاته التي شهد عليها وتحقق منها العلماء والعارفون. وبذلك نجد، لدى العالم كله، برهانا حيّا ودائما، وحتى قيام الساعة، على وجود الله تعال، وذلك من خلال تحقق نبوءة ظهور الإمام المهدي عليه السلام في الحديث الشريف:

(إنّ لِمهدينا آيتين لَم تكونا منذ خَلْقِ السموات والأرض، ينكسف القمر لأوّل ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه). /سبق تخريجه/

 


زاوية المقالات والمدونة والردود الفردية هي منصة لعرض مقالات المساهمين. من خلالها يسعى الكاتب قدر استطاعته للتوافق مع فكر الجماعة الإسلامية الأحمدية والتعبير عنها بناء على ما يُوفّق به من البحث والتمحيص، كما تسعى إدارة الموقع للتأكد من ذلك؛ إلا أن أي خطأ قد يصدر من الكاتب فهو على مسؤولية الكاتب الشخصية ولا تتحمل الجماعة الإسلامية الأحمدية أو إدارة الموقع أي مسؤولية تجاهه.
 

خطب الجمعة الأخيرة