بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود
الرد على فتوى مفتي ليبيا التي بعث بها إلى النائب العام في ليبيا والمنشورة على موقع دار الإفتاء الليبية
نستهجن أن ينسب لنا مفتي ليبيا هذه المفتريات بينما تصدح فضائياتنا بعقائدنا في أهم لغات العالم، وتملأ مواقعنا الانترنت بكل اللغات، وينتشر الأحمديون في كل بقاع الأرض يدعون إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
ادعاء الإسلام
يقول المفتي: إن الأحمديين "سموا أنفسهم في أفريقيا وغيرها من البلاد التي انتشر فيها مذهبهم "بالأحمدية"؛ تمويهاً على المسلمين أنهم ينتسبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم"
الرد: هذا القول يعني أنه شقّ عن صدور الأحمديين جميعا، وأجاز لنفسه أن يكفِّر بناء على الظنون، وهو بهذا خالف بشكل سافر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لأسامة حين قتل من قال لا إله إلا الله: هلا شققت عن قلبه.
أما الجماعة الإسلامية الأحمدية فهي تتبع مؤسسها المسيح الموعود عليه السلام الذي قال:
"لا دينَ لنا إلا دين الإسلام، ولا كتاب لنا إلا الفرقان كتاب الله العلاّم، ولا نبيّ لنا إلا محمدٌ خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وبارَكَ وجعل أعداءه من الملعونين. اشهدوا أنّا نتمسّك بكتاب الله القرآن، ونتّبع أقوال رسول الله منبعِ الحق والعرفان، ونقبَل ما انعقد عليه الإجماع بذلك الزمان، لا نزيد عليها ولا ننقص منها، وعليها نحيا وعليها نموت، ومن زاد على هذه الشريعة مثقال ذرّة أو نقص منها، أو كفر بعقيدة إجماعيّة، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. (مكتوب أحمد، ص 39)
إنكار ختم النبوة
يقول المفتي: "تعتقد هذه الطائفة العديد من العقائد الفاسدة التي تخرجها عن دائرة الإسلام، كدعواهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاتم الأنبياء"
الردّ: كل فرد في الجماعة الإسلامية الأحمدية يؤمن أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء. يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"إن ملخَّص ديننا ولُبَّه هو "لا إله إلا الله محمد رسول الله". إن اعتقادنا الذي نتمسك به في هذه الحياة الدنيا، وسوف نرحل من عالم الفناء بفضل الله وتوفيقه هو: أن سيدنا ومولانا محمدا المصطفى صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين وخير المرسلين الذي على يده قد اكتمل الدينُ، وتمت النعمة التي بواسطتها يستطيع الإنسان أن يصل إلى الله سبحانه وتعالى سالكًا الصراط المستقيم." (إزالة أوهام، الخزائن الروحانية ج3 ص169-170)
إن نبيّنا خاتمُ الأنبياء، لا نبيّ بعده، إلا الذي ينوَّر بنوره، ويكون ظهوره ظِلَّ ظهوره. فالوحي لنا حقٌّ ومِلْكٌ بعد الاتّباع، وهو ضالّةُ فطرتنا وجدناه من هذا النبيّ المطاع، فأُعطينا مجّانًا من غير الاشتراء. والمؤمن الكامل هو الذي رُزق من هذه النعمة على سبيل الموهبة، والذي لم يُرزَق منه شيئًا يُخاف عليه سوء الخاتمة. (الاستفتاء، ص 30)
ونعتقد أن رسولنا خير الرسل، وأفضل المرسلين، وخاتم النبيين، وأفضل من كل من يأتي وخلا. هو سلكني بنفسه المباركة، وربّاني بيده الطاهرة المُطهرة، وأراني عظمته وملكوته، وعرّفني بأسراره العُليا.... والله يعلم إني عاشق الإسلام، وفداء حضرة خير الأنام، وغلام أحمد المصطفى. (التبليغ، ص 14)
"الآن لا كتابَ لبني نوع الإنسان على ظهر البسيطة إلا القرآن، ولا رسولَ ولا شفيعَ لبني آدم إلا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، لذلك فاجتهِدوا أن تصِلوا نبيَّ الجاه والجلال هذا بآصرة الحبّ الصادق، ولا تفضّلوا عليه سواه بأيّ شكل، لكي تُعَدّوا في السماء من زمرة الناجين". (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، مجلد19، ص 13-14)
"يجب أن تتذكروا هنا جيدا أن التهمة التي تُلصَق بي وبجماعتي أننا لا نؤمن بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتَم النبيين، إنما هي افتراء عظيم علينا. إن القوة واليقين والمعرفة والبصيرة التي نؤمن بها ونتيقن منها بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، لا يؤمن الآخرون بجزء واحد من المائة ألف جزء منها، لأن ذلك ليس بوسعهم. إنهم لا يفهمون الحقيقة والسر الكامن في مفهوم ختم النبوة لخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم . لقد سمعوا هذه الكلمة من الآباء والأجداد ولا يعرفون حقيقتها ولا يعرفون ما هو ختم النبوة وما المراد من الإيمان به. ولكننا نؤمن بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالبصيرة التامة (التي يعلمها الله). والله تعالى قد كشف علينا حقيقة ختم النبوة بحيث نجد من شراب المعرفة الذي سُقينا إياه لذة لا يتصورها أحد إلا الذين سُقُوا من هذا النبع." (الملفوظات ج1 ص342)
إنكار الغيبيات
ومن الأمور التي نسبها مفتي ليبيا للجماعة الإسلامية الأحمدية إنكار الغيبيات؛ كيوم القيامة على الحقيقة التي يعتقدها المسلمون.
الردّ: يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"ونؤمن بأن حشر الأجساد حق، والجنة حق، والنار حق، وكل ما جاء في القرآن حق، وكلّ ما علّمَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، وهو خير الأنبياء وختم المرسلين. ومن عزا إلينا ما يُخالف الشرع والفرقان مثقال ذرة فقد افترى علينا وأتى ببهتان صريح كالمفترين. ألا إنّا بريئون من كل أمرٍ يُنافي قول رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وإنّا مؤمنون بجميع أمورٍ أخبر بها سيّدنا ونبيُّنا، وإن لم نعلم حقيقتها أو نُودَع معارفها بإلهام مبين. وإنّا بريئون من كل حقيقة لا يشهدها الشرع، واعتصمنا بحبل الله بجميع قلبنا، وجميع قوتنا، وجميع فهمنا، وأسلمنا الوجهَ لك ربَّنا فاجعلْنا من المحسنين. ربنا أفرِغْ علينا صبرًا على ما نُؤذَى وتوفَّنا مسلمين. (تحفة بغداد، 38-39)
"ونعتقد أن الجنّة حق، والنار حق، وحشر الأجساد حق". (التبليغ، ص 14)
عدم تنزيه الله
ينسب مفتي ليبيا للأحمديين أنهم يعتقدون أن الله يخطئ ويصيب، ويأكل وينام، ويتكلم بالإنجليزية.
الردّ:
الحقّ الواضح أن المسيح الموعود عليه السلام ومن بعده كل أحمدي يؤمن بأن الله تعالى منزّه عن أي نقص أو مشابهة المخلوقات، فهو لا يخطئ ولا يأكل ولا يشرب ولا تأخذه سنة ولا نوم، لكن الاستعارات ضرورية في البلاغة، وقد تلقى المسيح الموعود عليه السلام وحيا كثيرا باللغة العربية، وكان يحمل معاني استعارية، كما في الوحي التالي: "إني مع الأفواج آتيك بغتة، إني مع الرسول أجيب، أخطي وأصيب"؟ والمقصود من هذا الوحي أن الله سبحانه وتعالى سوف يؤيد المسيح الموعود ، وأنه سوف ينصره بالأفواج السماوية التي تأتي لنصرته، وأن هذه النصرة سوف تأتي بغتة وتُفاجئ أعداءه ومعارضيه، تماما كما يؤيد الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله وينصرهم على أعدائهم في الوقت الذي يظن فيه هؤلاء أنهم قد نجحوا في محاصرة الدعوة الجديدة للقضاء عليها.
والمقصود من كلمة "أخطي" التي أصلها كلمة "أخطئ" هو أن الله تعالى لا ينفذ عقابه على الناس، بل يُمهلهم ويمدّ لهم، فكأن قدره وعذابه وعقابه أخطأهم، بمعنى أنه لم يصبهم. وتعني كلمة "أصيب" أنه تعالى ينفذ حكمه وإرادته، ويقضي بتنفيذ عقابه وظهور جلاله وتجلّي جبروته على الناس.
وقد شرح المسيح الموعود عليه وسلم هذا الإلهام فقال: "سبحانه وتعالى من أن يخطي، فقوله أخطي قد ورد على سبيل الاستعارة كمثل لفظ التردد المنسوب إلى الله تعالى في الأحاديث" (الخزائن الروحانية: ج22-كتاب حقيقة الوحي، ص714). ومن المعروف أنه قد ورد في الحديث القدسي الشريف قوله تعالى: "وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن" (البخاري؛ كتاب الرقاق، باب التواضع). وفي هذا الحديث يقول تعالى أنه يتردد في قبض روح المؤمن، ولكن هذا القول وارد بأسلوب الاستعارة؛ إذ تعالى الله عن أن يأخذه التردد وكأنه لا يعرف ماذا يريد أن يفعل، كشأن الإنسان الذي يتردد في فعل أمر لأنه لا يأمن عواقبه ولا يدري نتائجه.
كذلك فقد ورد نفس أسلوب استعمال الاستعارة في القرآن الكريم، إذ نسب الله تعالى لنفسه النسيان حيث قال:
فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَذَا (الأعراف:52)
وبالطبع فإن كلمة نَنْسَاهُمْ في هذه الآية لا تؤخذ بحرفيتها، وإنما هي استعارة تفيد بأن الله تعالى سوف يتجاهلهم، كما تجاهلوا هم لقاء ذلك اليوم. فالله تعالى منـزّه عن النسيان والتردد والخطأ، ولكنها كلها كلمات ذكرت على سبيل الاستعارة ولا اعتراض عليها.
كما تلقى المسيح الموعود عليه السلام الوحي التالي بالعربية: "إني مع الرسول أقوم، ومن يلومه ألوم، أفطر وأصوم" وقد أراد الله سبحانه وتعالى من هذا الإلهام أن يؤكد للمسيح الموعود عليه وسلم أنه معه، ويقوم معه ضد أعدائه، وينصره على من يخالفه، ويلوم ويعاقب من يلومه. ثم قال: "أفطر وأصوم"، وقد شرح المسيح الموعود عليه وسلم بنفسه هذا الإلهام كما يلي:
"... ومن البديهي أن الله سبحانه وتعالى مُنـزّه عن الصوم والإفطار، وهذه الكلمات لم تُنسب إليه حرفيا على ظاهرها، بل استُعمِلت على سبيل الاستعارة، ومقصدها أن الله هو القهّار والجبّار، وأنه أحيانا يُنـزل قهره على الناس، وأحيانا يمهلهم إمهالا (للتوبة)..... ومثل هذه الكلمات وردت في الحديث القدسي أيضا...". (حقيقة الوحي، ص104)
والحديث القدسي الذي أشار إليه المسيح الموعود عليه وسلم هو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم! مرضتُ فلم تعُدني. قال: يا رب! كيف أعودك؟ وأنت رب العالمين. قال: أما علمتَ أن عبدي فلانًا مرض فلم تعُده. أما علمتَ أنك لو عُدْتَه لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب! وكيف أطعمك؟ وأنت رب العالمين. قال: أما علمتَ أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمتَ أنكَ لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي؟ يا ابن آدم! استسقيتك فلم تُسقني. قال: يا رب! كيف أسقيك؟ وأنت رب العالمين. قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته وجدتَ ذلك عندي". (مسلم، كتاب البر والصلة)
وفي هذا الحديث القدسي ذكر الله سبحانه ثلاث كلمات هي: "مرضتُ"، "استطعمتك"، "استسقيتك". ولكن من الواضح أن استعمال هذه الكلمات قد جاء على سبيل الاستعارة، فتعالى الله عن أن يصيبه المرض أو الجوع أو العطش. وكذلك في الوحي الذي نحن بصدده.. إن الله لا يفطر ولا يصوم بالمعنى الحرفي، ولكن هذه أيضا استعارة؛ وذلك كما يُقال أن النار تأكل الكافرين، وهي لا تأكلهم بالمعنى الحرفي ولكن يصيبهم عذاب النار في جهنم. وفي هذا الوحي يقول سبحانه أنه يصيب بعقابه الكافرين فكأنه يفطر بهم، وأحيانا يؤخر وقوع عقابه فكأنه يصوم عنهم. وفي الأمثلة الشائعة: "أفطر به قبل أن يتغدّى بي"، أي أعاجله باتخاذ الإجراء الحاسم ضده قبل أن يتخذه هو ضدي.
أما الأكل والنوم فحاشا لله أن يُنسب هذا لله.
وأما أن يكون الله يكلمه بالإنجليزية، فالله تعالى منزه عن مشابهة المخلوقات، لكن الله تعالى يوحي بأي لغة يريدها، فهل معنى هذا أنه يتكلم هذه اللغة؟ وإن النسبة العظمى من وحي المسيح الموعود عليه السلام كان بالعربية. ولعل ربعه بالأردية، وهناك وحي قليل بلغات أخرى.
التناسخ:
نسب المفتي للجماعة الإسلامية الأحمدية قولهم بالتناسخ.
الردّ: لقد ألّف المسيح الموعود عليه السلام كتبا للردّ على هذه العقيدة وغيرها من عقائد الهندوس، ونكتفي هنا بهذا القول لحضرته عليه السلام:
"تنكشف على أصحاب المكاشفات أمور يعجز العقل تمامًا عن إدراك كُنْهها. فيرى صاحب الكشف في بعض الأحيان شيئًا رؤية واضحة وهو على بُعد مئات الأميال وبينهما شتى الحجب، بل أحيانًا يسمع صوته أيضا في حالة اليقظة بإذن الله تعالى. والأعجب من ذلك أن الشخص الآخر الذي يراه صاحب الكشف أيضا يسمع صوته في بعض المرات. يلقى صاحب الكشف أحيانا أرواح السابقين في حالة كشفه الذي يماثل حالة اليقظة إلى حد كبير. وعلى العموم يتم اللقاء بالأرواح السعيدة أو الأرواح الشقيّة أيضًا فيما يُسمّى "كشف القبور"، وإن صاحب هذا المقال لذو خبرة في هذا المجال. وهذه الظاهرة تقضي على عقيدة التناسخ الهندوسية قضاءً مبرمًا. والأعجب من كل هذا أن صاحب الكشف يظهر أحيانًا لشخص آخر من خلال تركيزه عليه بإذن الله سبحانه وتعالى في حالة اليقظة، مع أنه يكون بينهما مسافة مئات الأميال بدون أن يتحرك جسد صاحب الكشف من مكانه. ووجود شيء في مكانين في وقت واحد محال عند العقل، ولكن هذا المستحيل ممكن الوقوع في هذا العالم الآخر." (سرمه چشم آريا، الخزائن الروحانية مجلد 2 ص 131 الهامش)
إباحة الخمر والمخدرات:
نسب المفتي أيضا للجماعة الإسلامية الأحمدية أنهم يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات.
الردّ:
يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"إن الإثم سمٌّ فلا تأكلوه، وإن معصية الله موتٌ قذِرٌ فاجتنِبوه، وادعوا لكي توهَبوا القوة. إن الذي لا يوقن وقت الدعاء بأن الله قادر على كل شيء، إلا ما استثناه في وعده، فليس من جماعتي. والذي لا يترك الكذبَ والخداع، فليس من جماعتي. والذي هو منغمس في مطامع الدنيا، ولا يكاد يرفع بصره إلى الآخرة، فليس من جماعتي. والذي لا يتوب توبةً نصوحًا عن كل معصية وكل عمل سيئ مثل شرب الخمر والميسر والنظر إلى الحرمات والخيانة وكل تصرف غير مشروع، فليس من جماعتي. والذي لا يلتزم بالصلوات الخمس فليس من جماعتي. والذي لا يداوم على الدعاء ولا يذكر الله بتواضع فليس من جماعتي. والذي لا يهجر رفيق سوءٍ ينفث فيه الأثر السيّء فليس من جماعتي. والذي لا يحترم أبويه ولا يطيعهما في الأمور المعروفة غير المخالِفة للقرآن الكريم، ومَن هو غير مكترث بعهد خدمتهما فليس من جماعتي. وإن الذي لا يعاشر زوجته وأقاربها بالرفق والإحسان فليس من جماعتي. والذي يحرم جاره حتى من النزْر اليسير من الخير فليس من جماعتي. والذي لا يريد أن يعفو عن مذنب في حقّه، وكان حقوداً فليس من جماعتي. وكل امرئ يخون زوجته أو امرأة تخون زوجها، فليس من جماعتي. ومن ينقض، بشكل من الأشكال، العهدَ الذي قطعه معي عند البيعة فليس من جماعتي. ومن لا يؤمن بي مسيحاً موعوداً ومهدياً معهوداً في الواقع فليس من جماعتي. والذي هو غير مستعد لطاعتي في الأمور المعروفة فليس من جماعتي. والذي يجالس زمرة المعارضين ويوافقهم الرأي فليس من جماعتي. وكلّ من هو زانٍ وفاسق وشارب خمر وسفّاك وسارق ومقامر وخائن ومرتش وغاصب وظالم وكاذب ومزوّر وجليسهم، وكل من يتّهم إخوانَه وأخواتِه، وكل من لا يتوب عن أفعاله الشنيعة ولا يهجر مجالس السوء، فليس من جماعتي. وهذه الخصال كلّها سمومٌ لا يمكنكم النجاة ُ قطعاً بعد تناولها". (سفينة نوح الخزائن الروحانية المجلد 19 ص18-19)
ويقول المسيح الموعود عليه السلام: يا حسرة على هذا الزمان! إن الأمراء رغبوا في الخمر والزَمْر والنساء والقَمْر، والعلماءَ إلى الكذب والسَمْر، وتركوا الحكمة اليمانية ورضوا بالنواة من التمر، وما بقي فيهم مِن دون الكبر والشمر، والوثب والطَمْر. يبغون صِرْمةً من الجِمال، وعُرْمةً من الحنطة والأرز والحمّص وفراغَ البال، وما بقي لهم رغبة في إعلاء الدين ونبشِ حشائش الضلال. (لجة النور)
ويقول المسيح الموعود عليه السلام: أيها العقلاء، الدنيا ليست خالدة، فانتبهوا وعودوا إلى الصواب، واتركوا كل طريق أعوج، واتركوا كل مسكر. ليست الخمر وحدها تدمر الإنسان، بل إن الإفيون والغنجا والجرس والبنج والتاري، وكل مسكر الذي يعتاده الإنسان.. كلها تخرب العقل وتدمره في النهاية، فعليكم أن تتجنبوها. إني لا أعرف لماذا تتعاطون هذه الأشياء التي تموت بسببها آلاف الآلاف أمثالكم ممن يتعاطونها سنويا. (فتاوى أحمدية، مجلد 2 ص71)
فتوى المجمع الفقهي
استدل المفتي بفتوى المجمع الفقهي الذي نسب للمسيح الموعود عليه السلام تكفير من لم يؤمن به
الردّ:
نحن لا نكفِّر أحدا، فمن ادعى أنه مسلم، فلا نصفه إلا بذلك، ولا نقول له: بل أنت كافر.
ولكن في الوقت نفسه قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا" (البخاري).. أي أنّ مَن كفّر مسلما فقد حكم على نفسه هو بالكفر، وقد بين المسيح الموعود عليه وسلم أنه لا يكفِّر أحدا، لكن الذي يكفِّر مسلما يصبح كافرا بحسب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
من ناحية ثانية ورغم أننا لا نحكم بكفر أحد، لكن هذا لا علاقة له بالجزاء في الآخرة، فالذي يكفُر بالمسيح الموعود عليه السلام بعد أن أُقيمت عليه الحجة فقد نقض ركنا من أركان الإيمان، والله هو الذي يحاسبه على ذلك، لا نحن.
الحج إلى قاديان
استدل المفتي بفتوى المجمع الفقهي الذي نسب للمسيح الموعود عليه السلام أن على المسلمين الحج إلى قاديان؛ لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة؟
الردّ:
هذا ليس صحيحا البتة، وليس هنالك أي حج إلى قاديان، بل الحج إلى مكة المكرمة بما فيها من مشاعر وشعائر معروفة لكل مسلم. وقد أكد المسيح الموعود عليه السلام على الحج مرارا، فكان مما قاله حضرته:
"ونعتقد بأن الصلاة والصوم والزكاة والحج من فرائض الله الجليل، فمن ترَكها متعمدا غيرَ معتذر عند الله فقد ضل سواء السبيل." (مواهب الرحمن)
ويقول المسيح الموعود عليه السلام:
"وهنالك نوع آخر من العبادة وهو الحج. ولكن يجب ألا يكون الحج حجًّا ظاهريا فقط؛ بأن يأخذ الإنسان ما جمع من حلال وحرام من المال، ويتجه إلى بيت الله الحرام بالباخرة أو غيرها، ويردد بلسانه فقط ما يردد الناس هنالك، ثم يرجع ويفتخر بأنه الحاج. كلا، فليس الغرض الذي من أجله وضع الله الحج أن يحصل هكذا، والحق أنه من آخر مراحل العبادة والسلوك أن ينقطع الإنسان عن نفسه، ويعشق ربه، ويغرق في بحر حبه. فالمحب الصادق يضحى بقلبه ومهجته. والطواف ببيت الله الحرام رمز لهذه التضحية وهذا الفداء. وكما أن هناك بيتا لله تعالى على الأرض فكذلك هنالك بيت لله في السماء، وما لم يطف به الإنسان لا يصح طوافه". (خطبات الاجتماع السنوي سنة 1906)
ويقول المسيح الموعود عليه السلام:
"فيا جميع أولئك الذين تحسبون أنفسكم جماعتي لن تُعدّوا جماعتي في السماء إِلاّ حين تسلكون سبل التقوى بالحق، لذلك فأقيموا صلواتكم الخمس بالخشوع وحضور القلب كأنكم ترون الله، وأتمّوا صيامكم لله بالصدق، وكل من وجبت عليه الزكاة فلْيؤدّها، ومن فُرض عليه الحج ولا مانع له فليحجّ". (سفينة نوح، الخزائن الروحانية مجلد 19 ص 15)
ويقول المسيح الموعود عليه السلام:
"الكعبة المشرفة.. هي بلا شك مهبط التجليات والأنوار والبركات الربانية، وهي بلا مراء ذات شأن عظيم، لقد تحدثت الأسفار القديمة عن عظمتها وقداستها. ولكن هذه التجليات والأنوار والبركات لا تدركها الأبصار الظاهرية، وإنما تُرى بعين روحانية، ولو كانت تلك العين في الإنسان مبصرة لعرف ما هي تلك البركات التي تتنزل عند الكعبة". (الملفوظات ج 8، ص 74)
وإذا كنا نحج إلى قاديان بدلا من مكة، فلماذا فرضوا علينا قيودًا وحظرًا قانونيا في باكستان والسعودية حتى لا نستطيع الحج في مكة؟ ما الحاجة إلى هذا الحظر إذا كنا نحج إلى قاديان بدلا من مكة؟ إنهم يمنعون الأحمديين في كل مكان من الحج، ويقولون يجب أن تخبروا المسؤولين بأن الأحمديين قادمون للحج فامنعوهم، أليس يدل هذا على كذب هذه التهمة؟
لقد كان حضرة المسيح الموعود عليه السلام يتوق للحج وقد بين سبب عدم قيامه بالحج، وقال أيها المعارضون إن الفتاوى بقتلي هي التي تحول دون أن أحج.
التكفير
استدل المفتي بفتوى المجمع الفقهي الذي نسب ميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني قوله "أن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود سواء سمع باسمه، أو لم يسمع هو كافر وخارج عن الإسلام "
الردّ: هذا اقتطاع للعبارة من سياقها، والمهم معرفته هو أننا لا نكفِّر أحدا ولا نحكم على أحد إلا بما يحكم به على نفسه، فمن سمّى نفسه مسلما سمّيناه مسلما. أما الحساب عند الله فشيء آخر ولا نتدخل فيه.
مخالفة المسلمين في كل شيء
استدل المفتي بفتوى المجمع الفقهي الذي نسب ميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني قوله: "إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، في الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة، وبيننا وبينهم خلاف جوهري في كل ذلك "صحيفة ( الفضل ) في 30 من تموز ( يوليو ) 1931.
الردّ:
هذه العبارة قيلت في سياق الردّ على أحمدي قال بأنه لا فرق كبيرًا بيننا وبين غيرنا من المسلمين، فما دمنا جميعا نؤمن بالله ورسوله وكتابه، وما دمنا نصلي الصلوات ذاتها ونصوم رمضان نفسه ونحج الكعبة نفسها ونزكي بنفس الطريقة، فليس هنالك فرق كبير. وهذا الأحمدي يتحدث في سياق أن المسيح الموعود عليه وسلم لم يبتدع دينا جديدا، بل لم يأتِ بحكم جديد.
ورغم أن هذا القول صحيح من باب، لكنه ليس صحيحا من باب آخر، ذلك أن المسيح الموعود عليه وسلم قد فنّد كثيرا من الأخطاء التي وقع فيها المسلمون عبر تاريخهم، فكأن كل شيء قد صار عندهم خاطئا ولا علاقة له بالإسلام، وكأن المسيح الموعود عليه وسلم قد جاء بالإسلام مرة أخرى، وهذا هو التجديد.
فهنا صحّح الخليفة الثاني هذا الفهم الخاطئ، ذلك أن الخلاف بيننا وبين غيرنا من المسلمين كبير جدا، فتصورهم عن الله فيه خطأ كبير، فهو عندهم لم يعُد يوحي، ولم يعد يستجيب الدعاء، وفي عقائدهم تشبيه وتجسيم، ويظنون بالله ظن السوء، حيث يرى كثير منهم أنه يعمل على إضلال الناس، وإلا فكيف يعطي الدجال معجزات كبيرة، بحيث يحيي الموتى وينـزل المطر؟
ونحن نخالفهم في الرسول؛ فهو عندنا آخر نبي تشريعي، ولن يأتي أي نبي يستدرك عليه، بينما يؤمنون هم أن عيسى عليه وسلم سينـزل لينسخ الحرية الدينية.. وبينما نؤمن نحن أن فيوض النبي صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة، يرون هم أنه صلى الله عليه وسلم لم ينجح في ذلك، لذا سيبعث الله نبيا من أمة أخرى لإصلاح أمة القرآن.
ونحن نخالفهم في القرآن الكريم؛ فهو عندهم يحوي ثلاث أنواع من النسخ، بينما عندنا منـزه عن ذلك كله..
وجوهر صلاتنا هو الخشوع والدعاء والتذلل إلى الله تعالى، وليس مجرد حركات روتينية.
وصلاتنا وصيامنا ينهياننا عن الفحشاء والمنكر. فرغم أن الصلاة والصوم والحج والزكاة تتشابه مع صلاتهم وصيامهم وحجهم وزكاتهم من ناحية شكلية، لكن المضمون فيه اختلاف جوهري.
وجوب التصدي للدعوة بالقوة
أوجب المفتي على مؤسسات الدولة التصدي لنشر كتب الجماعة الإسلامية الأحمدية، وإيقاع أشد العقوبات لمن يضبط ينشر مثل الكتب.
الردّ: يقول الله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (النحل 126)، فالواجب دعوة المخالفين بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وهذا غير مخصص بأحد، بل بالجميع، فمن عنده شبهة وجب أن يُردّ عليها بالمواجهة الفكرية، وإلا فالذي يردّ على الحجة بالقوة فهو يعلن عجزه، وهو يسلك سنن أعداء الأنبياء عبر التاريخ.