loader
 

السؤال: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .ارجو الرد عل سؤالي بارك الله بكم. لدي سؤال بخصوص الزنا ورمي المحصنات. أولا يقول الله سبحانه وتعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} (النور 3) .. إلخ.... ثم {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور 5)... ثم يقول تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (النور 6) .. سؤالي التوبه عائده فقط على الذين يرمون النساءن أو مجملة التوبه عل الزاني وعلى الذي يرمي المحصنات وكيف التوبه، تقبل له وما هي شروطها

الآية الأخيرة وهي قوله تعالى:
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (النور 6)
تعود على الذين يرمون المحصنات، وتعود على حُكْم عدم قبول شهادتهم في أي أمر في المستقبل باعتبارهم فاسقين فقط، فيبين الله تعالى هنا أن هؤلاء لو أظهروا التوبة وانتهوا عن قذفهم للمحصنات وبدأت تظهر منهم بوادر الصلاح فيمكن أن تعفوا عنهم وتتناسوا جريمتهم وتقبلوا شهادتهم لاحقا. أما عند ثبوت الجرم عليهم فلا بد من معاقبتهم، ولا يجوز عدم إقامة الحد عليهم بدعوى أنهم قرروا التوبة.

ولكن يجدر هنا توضيح أن هذه الآيات قد ذكرت عقوبة الزانية والزاني اللذين يضبطان بالجرم المشهود بشهادة أربعة شهداء يشهدون أن الزنا قد تمَّ قطعا، وهذه شروط صعبة للغاية لا يمكن تحققها إلا إذا كان الزناة يجاهرون بالزنا، كممثلي الأفلام الإباحية والفسقة والفاجرين الذين لا حياء عندهم، فهؤلاء يأمر الإسلام بمعاقبتهم صيانة لأخلاق المجتمع وعقوبة على خدش الحياء وإشاعة الرذيلة. وهذا لا ينطبق على كل زان وزانية. فالذين يقومون بذلك سرا فيمكن أن ينتهوا ويتركوا هذه الفاحشة ويتوبوا ويستغفروا الله تعالى ويقلعوا عن هذه الفاحشة تماما، فيقبل الله توبتهم. فهؤلاء لن يطالهم القانون إذا استمد القانون هذا الحكم من الشريعة، ويكون أمرهم بينهم وبين الله تعالى.

وبالطبع يستثنى من ذلك، بنصِّ القرآن الكريم، ضبط الزوج لزوجته بواقعة الزنا، ولم يكن هذا الزنا جهريا يشهد عليه الشهود، فعند ذلك يقسم الزوج أربعا بأنه شاهد ذلك والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان كاذبا، فإن أنكرت الزوجة الأمر بأربعة أيمان والخامسة أن غضب الله عليها سيحل إن كان صادقا فلا عقوبة عليها. وهذا لأن الزوجة اعتدت على حق الزوج وعرضه، وأصبحت العقوبة هنا ليست على الإباحية والفساد كما في الفئة الأولى.

كذلك، ولأجل ضبط مسألة الاتهام بالزنا التي يمكن أن يقوم بها الفاسقون لتدمير سمعة الآخرين، فقد غلَّظ الإسلام العقوبة على الذين يقذفون المحصنات، واعتبرهم فاسقين، وهذا لكي لا يستسهل الناس اتهام بعضهم بالزنا، حتى ولو رأوا بوادره، ما داموا لم يشهدوا بأم أعينهم، بل لو لم يشاركهم في ذلك آخرون أيضا بصورة قطعية يقينية حتى وإن كانوا صادقين. فلو توفر ثلاثة شهود ولم يتوفر الرابع، وكانوا قد شهدوا الزنا بأم أعينهم، فإن هؤلاء سيجلدون بتهمة القذف أيضا. وقد أقرت الشريعة ذلك من باب أخذ أعلى درجات الحيطة في هذه المسألة الحساسة، لكي لا يعبث الناس بأعراض الناس وسمعتهم.


 

خطب الجمعة الأخيرة