loader
 

السؤال: لماذا كل معجزات الأنبياء أصبحت في طرحكم مأوّلة، وليست بظاهرها المادي المعجز؟

هذا انطباع خاطئ عن جماعتنا؛ فنحن نؤمن بالمعجزات عامة ومعجزات الأنبياء خاصة وبقدرة الله تعالى غير المحدودة. ولكن هنالك بعض الأفهام الخاطئة التي ننكرها لبعض الآيات ولمعجزات الأنبياء قد تسربت إلى الفكر التقليدي بسبب ميل بعض المفسرين إلى التفاسير العجائبية مع أن النصوص لا تقول بذلك.
فنحن نأخذ بالنص كما هو، ونؤوّله حين يصطدم ظاهرُه بآيات أخرى، أو بسنن الله تعالى التي نصَّ عليها القرآن الكريم.
فإذا كان المقصود معجزات المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؛ فالله لا يحيي أحدا قبل يوم القيامة لقوله تعالى: { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ } (يس 32)، وقد أكَّد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حديثه مستشهدا بهذه الآية كما جاء في حديث جابر بن عبد الله: {عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا جَابِرُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحْيَا أَبَاكَ فَقَالَ لَهُ تَمَنَّ عَلَيَّ فَقَالَ أُرَدُّ إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلُ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ إِنِّي قَضَيْتُ الْحُكْمَ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ} (مسند أحمد, كتاب باقي مسند المكثرين).
كذلك يعلن القرآن الكريم أن الخلق والإحياء هي من صفات الله تعالى التي لا يشترك فيها معه أحد، كما جاء في قوله تعالى: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } (الرعد 17)، وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (الحج 7)؛
لذا لا بد من تأويل النصوص التي يُفهم منها أن المسيح عليه السلام كان يخلق خلقا حقيقيا ويحيي الموتى إحياء حقيقيا.
أما إذا كان المقصود تفسير قصة النمل والهدهد بطريقة تخالف الفكر التقليدي فإنما سبب ذلك أنّ هذا ما يقوله النص القرآني، وأن التفسير التقليدي ابتعد عن النص. ولم يكن سبب ذلك أننا نستبعد المعجزات، أو أننا نرى أنها محدودة، أو أن الله تعالى عاجز عن تزويد أنبيائه أو أنه مقيَّد. والعياذ بالله.

المكتب العربي


 

خطب الجمعة الأخيرة