loader
 

السؤال: السلا م عليكم ورحمة الله و بركاته الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات ورمي الجمرات اضفة الئ الغرانيق العلئ اليست من الطقوس الوثنية.،،،.ارجو التوضيح ولكم جزيل الشكر

لا يوجد في الإسلام ما يُسمى بالغرانيق العُلى، ولا أعرف ماذا تقصد بها.
أما الوثنية فلابد أن تعرف أولا ما هي الوثنية. نشأت الوثنية من اعتقاد الناس أن النجاة في الآخرة متوقفة على التقرب إلى الملائكة والصالحين الأموات، قال تعالى (وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا) آل عمران 81. وما تماثيل الآلهة والأوثان إلا صوراً للملائكة والصالحين. أما تقديس مكان معين فليس من الوثنية في شيء.
والأشياء التي تحيط بالإنسان بداية من أدواته اليومية أو المنزل والشوارع والمدن، تعكس صورة الإنسان عن نفسه وتذكره بنفسه وبماضيه وبأسلافه، لذلك حث الإسلام على نظافة البدن والثوب والمكان لأنها تعكس صورة الطهارة في نفسه، وحث على الوضوء عند كل صلاة. وجعل للمسلمين أماكن مقدسة كالكعبة والحجر الأسود والصفا والمروة، يشعر الإنسان بطهارة الروح عند زيارته لها.
العقل وحده قد يرسم صورة ذهنية عن العالم الروحاني والملكوت السماوي, ولكنّ الأفكار وحدها لا تصنع تأثيراً كبيراً في قلوب الناس وخاصة البسطاء منهم. ومثال على ذلك الفلسفة الأفلاطونية التي جعلت موضوع الإلهيات محور اهتمامها, وكانت من الممكن أن تتحول إلى دين من أكبر الأديان على الأرض, ولكنّ ذلك لم يحدث. لماذا؟ لأنها تفتقر إلى الطقوس التي تترك أثرها في نفوس البسطاء من الناس, وبقيت الفلسفة الأفلاطونية محصورة في عقول المفكرين والعلماء. وذلك لأن الصورة الذهنية لا تخرج من حيز الفكر إلى حيز الفعل وهي صورة مجردة, ولو بقيت هكذا لتعرضت للزوال.
والأمر ليس مقصورا على الطقوس، بل التزكية هي الأساس والتي تنشأ من مصاحبة النبي أو الصالحين من بعده، وهي التي تجعل الإنسان يفهم المعتقدات بشكل جيد وتجعله مندفعا للعمل الصالح الذي يتضمن العمل بالتعاليم والطقوس معا. وهذا غير متوافر في الفلسفات، فلا تزكية ولا شعائر.
ومثال على ذلك فكرة الوطنية أو حب الوطن, فبإمكاننا أن نتكلم ساعات ونكتب مجلدات في حب الوطن والانتماء إليه, ولكن ذلك لا يترك نفس الأثر الذي تتركه صورة الاحتفالات الوطنية, عندما يصطف الجنود ويُعزف النشيد الوطني وتُرفع الأعلام, ويقوم الحاكم بإلقاء كلمة حماسية. فإن هذه الصور المادية تترك أثرها العميق في قلوب الناس سواء أكانوا علماء أم بسطاء. ومن هنا تأتي أهمية الشعائر الدينية المادية, فإنها السياج الذي يحمي الروحانية من الزوال, ويُعمق فكرة الأخلاق. وكذلك حين يزكي القومَ رجلٌ تقيّ فعله يطابق قوله فإن أثره يكون عظيما.
هاني الزهيري


 

خطب الجمعة الأخيرة