loader
 

السؤال: هناك حديث يقول ان الرسول والذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد ..هل يتعارض ذلك مع قول الله ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ..وماهو المقصود بلحديث

الحديث أخرجه البخاري ومسلم ومالك وأحمد وغيرهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ (البخاري)
هذا الحديث يؤكد على أهمية صلاة الجماعة وعلى ضخامة جريمة تركها، وقد استخدم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوبا مؤثرا، حيث يقول: إنّ عليكم أن تُبلّغوا هؤلاء أن لهم النّار، ولقد هممتُ أن أريهم إياها عمليا من شدّة استهجاني لاستخفافهم بالصلاة.
ولكن هذا لا يعني أنه صلى الله عليه وسلم فكّر بذلك وقرّره، بل هذا مجرد أسلوب مؤثر. ويشبه الكلام الذي يصدر مَصدَر المبالغة، ولا يراد لذاته.
فالمبالغة أن لا تتقيد في وصف الشيء بما هو عليه، بل تزيد ذلك أضعافا مضاعفة بغرض التأثير في السامع؛ والسامع يعرف أنك تبالغ، ولكنه يتأثر بوصفك. وقد استخدم القرآن الكريم أسلوب المبالغة، فقال الله تعالى {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} (يوسف 32).. فلا يمكن أن تكون هذه النساء قد قطعن أيديهن حرفيا، بل يمكن أن يكون المقصود أنّ بعضهن جرحن أيديهن بالسكاكين. أو بمعنى عضضنَ أناملهن ندمًا. وفي الحالتين هذه مبالغة، فالأيدي لم يتم تقطيعها. ولكنه لو قال ما حدث بالضبط لما أحدث تأثيرا قويا في السامع أو القارئ.
وهكذا هنا، فلو قال صلى الله عليه وسلم إنّ تارك الصلاة جماعةً له النار فلن يؤثر كما أثَّر كلامه هنا الذي يريد من صحابته أن يوصلوه لهؤلاء المنافقين ليشعروا بخطورة الأمر عمليا وليس نظريا فقط.
ولو كان الأمر على حقيقته لفعله صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل لاستغرب السامعون وقالوا: يا رسول الله، كيف يجوز تحريق الناس وقد نهيتَ عن ذلك؟ أو لقالوا: كيف يجوز إكراه الناس على الصلاة وقد قال الله تعالى (لا إكراه في الدين).. فالصحابة فهموا المقصود من هذه الرسالة.
بينما حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، تساءل الصحابة فورا: كيف ننصره ظالما؟ فشرح لهم صلى الله عليه وسلم المقصود بذلك، وهو أن تمنعه من الظلم. مما يؤكد أن الصحابة كانوا يسألون عن أي أمر يجدون فيه غرابة وخروجا عن المألوف في ظاهر الأمر. وهذا كله يعني أنهم فهموا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا في سياقه، وأنه من باب التأثير.



 

خطب الجمعة الأخيرة