ليس هنالك أي تناقض في كلام المسيح الموعود عليه السلام حول النبوة، لكن لا بد للقارئ أو السامع أن يتنبه إلى السياق، فإذا كان المسيح الموعود عليه السلام يتحدث عن النبوة المستقلة فيؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء، وأنّ من ادعى هذه النبوءة أو صدّق بها فليس من الإسلام في شيء. ولكن حين يكون السياق عن النبوة الظلية فيؤكد أنّ الله تعالى قد بعث حضرته في هذا المقام، وأنه مرسل من الله بهذا المعنى.
وقد وضح المسيح الموعود عليه السلام ذلك في كتاب إزالة الخطأ، حيث خصصه لتوضيح هذه المسألة، فيقول:
"حيثما أنكرت نبوتي ورسالتي فبمعنى أنني لست حامل شرع مستقل، كما أنني لست بنبي مستقل. ولكن حيث إني قد تلقيت علمَ الغيب من الله تعالى بواسطة رسولي المقتدى صلى الله عليه وسلم، مستفيضًا بفيوضه الباطنة، ونائلا اسمَه، فإنني رسول ونبي، ولكن بدون أي شرع جديد. ولم أنكر قط كوني نبيًّا من هذا المنطلق، بل إن الله تعالى قد ناداني نبيًّا ورسولاً بنفس هذا المعنى. لذلك لا أنكر الآن أيضا كوني نبيًّا ورسولاً بهذا المفهوم". (إزالة خطأ)
إذن، قُضي الأمر بقوله عليه السلام: "ولم أنكر قط كوني نبيًّا من هذا المنطلق".. أي أن حضرته لم ينكر نبوته هذه منذ البدايات.
وقال في أول صفحة من كتاب إزالة خطأ:
إن البعض من جماعتنا - ممن ليس لديهم معرفة كافية بدعوانا وأدلتنا، ولم تتيسر لهم قراءةُ كتبنا بإمعان، كما لم يستكملوا معلوماتِهم بالمكوث في صحبتنا لمدة كافية - يرُدّون أحيانًا على اعتراضات المعارضين ردًّا مخالفًا للواقع كليةً، فيتندمون رغم أنهم من أهل الحق؛ فقبل بضعة أيام وُجّه إلى أحد الإخوة اعتراضٌ بأن الذي بايعتَ على يده يدعي بأنه نبي ورسول؟! فأجاب عليه هذا الأخ بالنفي التام، مع أن هذا الجواب ليس بصحيح". (إزالة خطأ).
ولو كان حضرته لم يعلن أنه نبي ظليّ من قبل لما بدأ هذه البداية التي يلوم فيها هذا الأحمدي هذا اللوم، بل لقال: ولكني أعلن من الآن فصاعدا أنني نبي.
ثم إن حضرته عليه السلام ظلّ إلى آخر يوم يكتب ذلك، ويؤكد في الوقت نفسه أنه ليس نبيا على إطلاقه، فقد كتب في عام 1907:
إني لست نبيا فقط، بل نبي من ناحية وتابع للنبي صلى الله عليه وسلم ومِن أُمته من ناحية أخرى لكي تَثبُت قوةُ النبي صلى الله عليه وسلم القدسيةُ وكمالُ فيضه. ". (حقيقة الوحي)
أي أن حضرته ظلّ يوضح قصده، فكان يؤكد على نبوته التابعة، وفي الوقت نفسه يؤكد على نفي النبوة المستقلة المطلقة أو التشريعية، ولكل سياقه، فيحدث الخلط لدى الناس بسبب دقة المسألة.
فقد كتب أيضا في عام 1907:
"إن كثيرًا من الناس ينخدعون لدى سماع كلمة "نبي" في دعواي، ظانين وكأنني قد ادعيت تلك النبوة التي نالها الأنبياء في الأزمنة الخالية بشكل مباشر. إنهم على خطأ في هذا الظن. أنا لم أدّعِ بذلك قط، بل - تدليلا على كمال الفيوض الروحانية للنبي صلى الله عليه وسلم - قد وهبتْ لي الحكمةُ الإلهية هذه المرتبةَ، حيث أوصلتني إلى درجة النبوة ببركة فيوضه صلى الله عليه وسلم. لذلك لا يمكن أن أُدعى نبيًّا فقط، بل نبيًّا من جهة، وتابعا للنبي صلى الله عليه وسلم ومِن أُمته. وإن نبوتي ظلٌّ لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وليست بنبوة أصلية. ولذلك فكما أنني سُمِّيتُ - في الحديث الشريف وفي إلهاماتي - نبيًّا كذلك سُمِّيتُ تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم ومن أمته أيضًا، إيذانًا بأن كل ما يوجد فيّ من كمال إنما كان بسبب اتّباعي للنبي صلى الله عليه وسلم وبواسطته". (حقيقة الوحي)
فحضرته هنا ينفي النبوة التي ظلّ ينفيها سابقا. وأما ما هي النبوة، فنجد معناها في كتاب الاستفتاء وهو الذي كتبه المسيح الموعود عليه السلام سنة 1907:
ولا يقول هذا العبد إلا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُخرج قدمًا من الهُدى. ويقولُ إن الله سماني نبيًّا بوحيه، وكذلك سُمِّيتُ من قبل على لسان رسولنا المصطفى. وليس مُراده من النبوة إلا كثرةُ مكالمة الله وكثرة أنباءٍ من الله وكثرة ما يُوحَى. ويقول: ما نَعني من النبوة ما يُعْنَى في الصحف الأولى، بل هي درجةٌ لا تُعطَى إلا مِن اتّباع نبينا خير الوَرى. وكل مَنْ حَصُلَت له هذه الدرجة.. يُكلّم اللهُ ذلك الرجلَ بكلام أكثَرَ وأجلى، والشريعةُ تبقى بحالها.. لا يُنقَصُ منها حكم ولا تزيدُ هُدًى. (الاستفتاء)
وقد بيّن حضرته أن القضية ليست أكثر من اصطلاحات، فقال في عام 1907:
"لقد استخدم الله تعالى في وحيه كلمةَ النبوة والرسالة في حقي مئاتِ المرات، ولكن المراد من هذه الكلمات هو تلك المكالمات والمخاطبات الإلهية التي هي كثيرة ومشتملة على أنباء الغيب، لا أكثر من ذلك ولا أقل. لكل أن يختار في حديثه مصطلحًا، لقولهم: لكل أن يصطلح. فهذا مصطلَح إلهي حيث أطلق هو عز وجل كلمةَ النبوة على كثرة المكالمة والمخاطبة. أي تلك المكالمات التي تحتوي على أخبار غيبية كثيرة. واللعنة على من يدعي النبوة متخلّيًا عن فيض النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن نبوتي هذه ليست بنبوة جديدة، بل هي نبوة النبي صلى الله عليه وسلم في الحقيقة، وتهدف إلى نفس الهدف وهو إظهار صدق الإسلام على الدنيا". (جشمه معرفت (أي عين المعرفة)، الخزائن الروحانية ج 23 ص 341)
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8