جاء في التفسير الكبير:
عِفريت: العفريت: النافذ في الأمر المُبالِغُ فيه مع دهاء؛ الخبيث المنكر. (الأقرب)
التفسير: ثم قال سليمان عليه السلام لرجاله يا أيها الملأ مَن منكم يأتيني بعرش الملكة قبل أن يأتوني مطيعين؟ فقال رئيس من فرقة الحرس الخاص: سآتيك بعرشها قبل أن تخرج للهجوم عليهم. لقد كان أحد قادة الجيش فكان يعلم المدة التي سيقيم فيها الجيش في ذلك المكان، ففكر في نفسه أنه سيرعب الملكة ويأتي بعرشها في تلك المدة، وأضاف أنه ذو قوة ولا يقدر جيش الملكة الصغير على مقاومته. ثم إنه مطيع له فلن يخون عند نقل هذه الثروة إليه.
فنهض شخص آخر عنده عِلمُ الدين وقال لسليمان: سآتيك بعرشها { قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } .. وهو كناية عن السرعة، حيث يقول الرجل إذا أراد التعبير عن فعل شيء بسرعة: سأقوم به بلمح البصر. وعليه فالمراد أن ذلك العالم اليهودي وعد سليمان عليه السلام بإحضار عرش الملكة قبل أن يُحضره الشخص الآخر الذي كان رئيسًا يهوديًا أو أدوميًا أو عربيًا.. وكان يعني أنه سيصنع عرشًا جديدًا فخمًا مثل عرش الملكة ويُحضره إلى سليمان عليه السلام بسرعة. ذلك لأن البلد بلد اليهود، فكان هذا العالم اليهودي موقنًا أنه سيصنع العرش بسرعة بمساعدة الحِرفيين اليهود، فوعد بإحضاره قبل أن يُحضره هذا العفريت. فلما جيء سليمان عليه السلام بالعرش ورآه قال: إن هذا من فضل ربي.. أي أنه تعالى أعطاني مسؤولين نشيطين أذكياء وحقق لي كل ما أتمناه، لينظر أأكون عبدًا شاكرًا له أم ناكرًا لنعمه؟ (التفسير الكبير)
أما الجن فقد جاء في التفسير الكبير ما ملخصه:
تسمية الجن قد أُطلقت في القرآن على عدة أشياء:
أوّلها: الأرواح الشريرة التي تُعتبر مصدرًا للأفكار الخبيثة مثلما تُعتبر الملائكة مصدرًا للأفكار الطيبة، وكأن هذه الأرواح الشريرة أظلال وأعوان للشيطان الذي يحض على الشر. وهذا المعنى مستنبَط من قول الله تعالى: { الَّذِي يُوَسْوِسُ في صدورِ الناسِ.. مِنَ الْجِنّةِ والنّاسِ } (الناس: 7,6).
وثانيها: الأشياء التي يتوهم الكفار وجودَها ويعبدونها، مع أن الله تعالى لم ينص على وجودها، وإنما الكفار يتوهمون خطأً وجود هذه الأشياء التي لا حقيقة لها ولا وجود، ومع ذلك يشرعون في عبادتها. والدليل على ذلك هو قول الله عز وجل { وجعَلوا لِلّهِ شُركاءَ الجِنَّ وخَلَقَهم وخَرَقُوا له بَنِينَ وبَنات بغير علم } (الأنعام: 101).. أي أنه لا علمَ ولا دليلَ عندهم على اتخاذهم الجنَّ شركاءَ لله سبحانه وتعالى ولا على اعتقادهم أن لله بنينَ وبناتٍ.
وثالثها: شعوب البلاد الشمالية الباردة. فإن كلمة (الجن) تعني الشيء الخفي أيضًا، وقد أطلقها القرآن الكريم على شعوب البلدان الباردة أيضًا بحسب عادة العرب في إطلاقها على غيرهم من الأمم. وكانت لهذه التسمية الأسباب التالية: الأول: قلة اختلاط أهل الشمال بشعوب المناطق الأخرى، لأن أهل الجنوب من البلاد الحارة الآسيوية وغيرها ما كانوا يسافرون عمومًا إلى المناطق الشمالية خوفًا من البرد القارس، كما أن أهل الشمال ما كانوا يخرجون إلى الجنوب الحار خشية الحر الشديد. والثاني: كان أهل الشمال بيض الوجوه حمر الألوان بحكم عيشهم في الطقس البارد وتعاطيهم الخمر بكثرة. مما حدا بأهل الجنوب ليعتبروا أهل الشمال كائنات غريبة، وأطلقوا عليهم الجن والجنيات.
ورابعها: الغرباء من أهل الشعوب والبلاد الأجنبية؛ وهم المراد من الجن الذين كانوا في زمن سليمان والذين يقول القرآن إنهم كانوا { يعمَلون له ما يشاءُ مِن مَحاريبَ وتماثيلَ وجِفان كالجَوابِ وقُدورٍ راسِياتٍ } (سبأ: 14).. والجفان جمع الجَفْنة وهي القصْعة أو البئر الصغيرة، والجوابِ جمع الجابية وهي الحوض، والراسيات من القدور هي التي تبقى في مكانها ولا يحرّكها أحد لضخامتها.
وخامسها: البشر الأوائل الذين عاشوا في قديم الزمن، والذين قام منهم سيدنا آدم عليه السلام ، فأرسى الأساس لنظام جديد للحياة. كان البشر قبله غافلين عن أهمية العيش معًا على سطح الأرض منظَّمين متعاونين، حيث كانوا يعيشون كالحيوانات منفصلين بعضهم عن بعض، مختفين في الكهوف والمغارات وأصول الشجر، إذ كانوا لا يستطيعون السير بحريةٍ على سطح الأرض خوفًا من وحوش الغاب؛ فلذلك كله سُمُّوا بـ (الجن)، وهم الذين يطلق عليهم العلماء اليوم "سكّان الغار" (الموسوعة البريطانية كلمة: الغار). ولما تطور العقل البشري وصار الإنسان جاهزًا لتلقّي نعمة الوحي، اختار الله عز وجل أحدًا منهم ليشرّفَه بوحيه، وسماه "آدم" لأنه أصبح صالحًا للعيش على أديم الأرض، كما أطلق عليه اسم "إنسان"(1) لأنه صار جديرًا بحب الله عز وجل من جهة، ومن جهة أخرى أصبح أهلاً للشفقة على البشر والتضحية من أجلهم (راجِعْ للمزيد كتابي: السير الروحاني). فالذين اتبعوا آدم وخضعوا لنظامه الجديد، فخرجوا من الكهوف واتخذوا لهم المساكن على سطح الأرض، ورضُوا بالعيش خاضعين للقوانين المَدَنية.. فأولئك الذين سُمُّوا بالآدميين. وأما الذين أبَوا الالتزام بقيود المدَنية والتخلي عن حياة الهمجية والوحشية، معتبرين حياة الكهوف هي الحرية.. فأولئك الذين أُطلق عليهم (الجن) نظرًا إلى نمط عيشتهم.
وسادسها: الجن الذين زاروا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به، وهم وفد من اليهود كما هو ثابت من القرآن الكريم، لأنهم يؤكدون إيمانهم بكتاب موسى عليه السلام (الأحقاف: 30 و31). لقد سماهم الله عز وجل الجنَّ لأنهم جاءوا من بلد أجنبي، ولأنهم قابلوا النبي صلى الله عليه وسلم في الخفاء؛ إذ يتضح من بعض الأحاديث أن وطنهم نصيبين، وأنهم زاروا النبي صلى الله عليه وسلم تحت ستر الليل (البخاري: المناقب). يبدو أنهم قابلوه صلى الله عليه وسلم في الخفاء خوفًا من كفار العرب، ولما استمعوا منه صلى الله عليه وسلم القرآن شهدت قلوبهم بصدقه، فلما رجعوا إلى قومهم بدؤوا في تبليغ الإسلام. هذه الأمور كلها مسجلة في القرآن الكريم. وإليكم البراهين الدالة على كون هؤلاء الجن من البشر:
الدليل الأول: لقاؤهم بالنبي صلى الله عليه وسلم سرًّا. لو كان هؤلاء جنًّا في الحقيقة فما الداعي أن يقابلوه في ظلمة الليل؛ لأنهم لو زاروه علنًا في وضح النهار لما كان باستطاعة أحد أن يضرهم شيئًا، بل ما كان لأحد أن يراهم، وذلك وفق ما يُعزى إلى الجن من غرائب الصفات. (التفسير الكبير)
ثم ذكر حضرته سبعة أدلة أخرى على أنهم كانوا من البشر.
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8