loader
 

السؤال: هل اوحى الله الى المرزا غلام احمد قائلا اني مع الرسول اجيب اخطئ واصيب اني مع الرسل محيط..... وهل اوحى الله اليه قائلا اني اصلي واصوم وافطر واصح وانام .

لم يوحِ الله عز وجل للمسيح الموعود عليه السلام بأنه يصلي ويصوم ويفطر وينام ويستيقظ من النوم, والنصوص التي ذكرتها أنت ليست صحيحة, والصحيح هو:
"إني مع الأفواج آتيك بغتة، إني مع الرسول أجيب، أخطي وأصيب"
المقصود من هذا الوحي أن الله  سوف يؤيد المسيح الموعود ، وأنه سوف ينصره بالأفواج السماوية التي تأتي لنصرته، وأن هذه النصرة سوف تأتي بغتة وتُفاجئ أعداءه ومعارضيه، تماما كما يؤيد الله  أنبياءه ورسله وينصرهم على أعدائهم في الوقت الذي يظن فيه هؤلاء أنهم قد نجحوا في محاصرة الدعوة الجديدة للقضاء عليها.
والمقصود من كلمة "أخطي" التي أصلها كلمة "أخطئ" هو أن الله تعالى لا ينفذ عقابه على الناس، بل يُمهلهم ويمدّ لهم، فكأن قدره وعذابه وعقابه أخطأهم، بمعنى أنه لم يصبهم. وتعني كلمة "أصيب" أنه تعالى ينفذ حكمه وإرادته، ويقضي بتنفيذ عقابه وظهور جلاله وتجلّي جبروته على الناس.
وقد شرح المسيح الموعود  هذا الإلهام فقال: "سبحانه وتعالى من أن يخطي، فقوله أخطي قد ورد على سبيل الاستعارة كمثل لفظ التردد المنسوب إلى الله تعالى في الأحاديث" (الخزائن الروحانية: ج22-كتاب حقيقة الوحي، ص714). ومن المعروف أنه قد ورد في الحديث القدسي الشريف قوله تعالى: "وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن" (صحيح البخاري؛ كتاب الرقاق، باب التواضع). وفي هذا الحديث يقول تعالى أنه يتردد في قبض روح المؤمن، ولكن هذا القول وارد بأسلوب الاستعارة؛ إذ تعالى الله عن أن يأخذه التردد وكأنه لا يعرف ماذا يريد أن يفعل، كشأن الإنسان الذي يتردد في فعل أمر لأنه لا يأمن عواقبه ولا يدري نتائجه.
كذلك فقد ورد نفس أسلوب استعمال الاستعارة في القرآن الكريم، إذ نسب الله تعالى لنفسه النسيان حيث قال:
 فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَذَا (الأعراف:52)
وبالطبع فإن كلمة نَنْسَاهُمْ في هذه الآية لا تؤخذ بحرفيتها، وإنما هي استعارة تفيد بأن الله تعالى سوف يتجاهلهم، كما تجاهلوا هم لقاء ذلك اليوم. فالله تعالى منـزّه عن النسيان والتردد والخطأ، ولكنها كلها كلمات ذكرت على سبيل الاستعارة ولا اعتراض عليها.
الإلهام "إني مع الرسول أقوم، ومن يلومه ألوم، أفطر وأصوم"
أراد الله  من هذا الإلهام أن يؤكد للمسيح الموعود  أنه معه، ويقوم معه ضد أعدائه، وينصره على من يخالفه، ويلوم ويعاقب من يلومه. ثم قال: "أفطر وأصوم"، وقد شرح المسيح الموعود  بنفسه هذا الإلهام كما يلي:
"... ومن البديهي أن الله  مُنـزّه عن الصوم والإفطار، وهذه الكلمات لم تُنسب إليه حرفيا على ظاهرها، بل استُعمِلت على سبيل الاستعارة، ومقصدها أن الله هو القهّار والجبّار، وأنه أحيانا يُنـزل قهره على الناس، وأحيانا يمهلهم إمهالا (للتوبة) ..... ومثل هذه الكلمات وردت في الحديث القدسي أيضا...". (حقيقة الوحي، ص104)
والحديث القدسي الذي أشار إليه المسيح الموعود  هو: قال رسول الله : "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم! مرضتُ فلم تعُدني. قال: يا رب! كيف أعودك؟ وأنت رب العالمين. قال: أما علمتَ أن عبدي فلانًا مرض فلم تعُده. أما علمتَ أنك لو عُدْتَه لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب! وكيف أطعمك؟ وأنت رب العالمين. قال: أما علمتَ أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمتَ أنكَ لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي؟ يا ابن آدم! استسقيتك فلم تُسقني. قال: يا رب! كيف أسقيك؟ وأنت رب العالمين. قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته وجدتَ ذلك عندي". (مسلم، كتاب البر والصلة)
وفي هذا الحديث القدسي ذكر الله سبحانه ثلاث كلمات هي: "مرضتُ"، "استطعمتك"، "استسقيتك". ولكن من الواضح أن استعمال هذه الكلمات قد جاء على سبيل الاستعارة، فتعالى الله عن أن يصيبه المرض أو الجوع أو العطش. وكذلك في الوحي الذي نحن بصدده.. إن الله لا يفطر ولا يصوم بالمعنى الحرفي، ولكن هذه أيضا استعارة؛ وذلك كما يُقال أن النار تأكل الكافرين، وهي لا تأكلهم بالمعنى الحرفي ولكن يصيبهم عذاب النار في جهنم. وفي هذا الوحي يقول سبحانه أنه يصيب بعقابه الكافرين فكأنه يفطر بهم، وأحيانا يؤخر وقوع عقابه فكأنه يصوم عنهم. وفي الأمثلة الشائعة: "أفطر به قبل أن يتغدّى بي"، أي أعاجله باتخاذ الإجراء الحاسم ضده قبل أن يتخذه هو ضدي. (نقلا عن كتاب شبهات وردود)

نقله هاني الزهيري


 

خطب الجمعة الأخيرة