loader
 

السؤال: ورد سؤال من ملحد ما الغرض من خلق الانسان،والملحد بالطبع لن تكفيه اجابة يتخلق الإنسان بأخلاق الله. وبهذا يصل إلى درجة العبودية الكاملة لانه سيسأل السؤال التالي ولماذا يريد الله خلق بشر يتخلقون أخلاق الله. وبهذا يصلون إلى درجة العبودية الكاملة؟محاجة الله لبشر بهذه المواصفات؟

إن مناقشة فكرة وجود الله من عدمه هو في حد ذاته دليل على وجود الله عز وجل, وذلك لأن فكرة وجود الله عز وجل قد لازمت الإنسان منذ ظهوره على الأرض, منذ العصر النايلوليتي الأدني وحتى العصر البايلوتي وصولا إلى عصر الاستقرار في القرى الزراعية وحتى عصرنا الحالي. وهذا ما يجعلنا نقول بأن فكرة وجود الله عز وجل لا يمكن أن تكون من اختراع الإنسان.
وكذلك العلماء الذين درسوا تاريخ الأديان والانثروبولوجي من أمثال جيمس فريزر ومرسيا إلياد وهربرت سبنسر وماكس مولار وغيرهم من العلماء. وكذلك الفلاسفة من أمثال أفلاطون وديكارت, جميعا قد توصلوا إلى هذه النتيجة وهي أن وجود الله فكرة مغروسة في النفس الإنسانية ولا يمكن أن تكون من اختراع الإنسان.
وما قدموه من نظريات فهي تتعلق بنشأة الدين وأهميته في حياة الإنسان, أما الإسلام فإنه يُقدم الدين على أنه السعادة الأبدية لإنسان ووضح الطريق الذي يجب على الإنسان أن يسلكه للحصول على تلك السعادة الأبدية وهو التخلق بأخلاق الله عز وجل.
ولو اعترض هذا الملحد وقال إنه من الممكن الوصول إلى التخلق بأخلاق الله بعقله دون الحاجة إلى هذا الطريق الذي هو الدين, فما الداعي لتأدية الشعائر والطقوس والعبادة؟
قلنا إن العقل قد يرسم صورة ذهنية عن العالم القدسي أو عالم اللآهوت والملائكة, ولكن الأفكار وحدها لا تصنع تأثيراً كبيراً في عقول الناس وخاصة البسطاء منهم, ومثال على ذلك الفسلفة الافلاطونية التي جعلت موضوع الإلهيات محور اهتمامها, وكانت من الممكن أن تتحول إلى دين من أكبر الأديان على الأرض, ولكن ذلك لم يحدث, لماذا؟ لأنها تفتقر إلى الطقوس التي تترك أثرها في نفوس الناس, وبقيت الفلسفة الافلاطونية محصورة في عقول المفكرين والعلماء.
لأن الصورة الذهنية لا تخرج من حيز الفكر إلى حيز الفعل وهو صورة مجردة, ولو بقيت هكذا لتعرضت للزوال.
ومثال على ذلك فكرة الوطنية أوحب الوطن, فإمكاننا أن تتكلم ساعات ونكتب مجلدات في حب الوطن والانتماء إليه, ولكن ذلك لا يترك نفس الأثر الذي تتركه صورة الاحفتالات الوطنية عندما يصطف الجنود ويُعزف النشيد الوطني وتُرفع الأعلام ويقوم الحاكم بإلقاء كلمة حماسية. فإن هذه الصور المادية تترك أثرها الكبير في نفس الناس سواء كانوا علماء أو بسطاء.
ومن هنا تأتي أهمية الشعائر الدينية المادية, فإنها السياج الذي يحمي الروحانية من الزوال, ويعمق فكرة الإيمان والأخلاق.

هاني الزهيري
7-7-2012


 

خطب الجمعة الأخيرة