loader
 

السؤال: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.ما رايكم في حديث الرسول (ص) لا تدخل الملائكة بية فيه صور او كلب. و ما رايكم فى حديث اخر خروج الدابة ما معن الدابة هل مجازي او معنوي

الإسلام لا يحرم الصورة لمجرد أنها صورة،ولا يحرم اقتناء الكلب دائما، بل يبيح اقتناءه للحراسة أو الصيد أو مساعدة راعي الأغنام أو ما شابه ذلك.
ولو راجعنا الأحاديث النبوية التي تبيّن السياق والمناسبة لعرفنا ذلك ولوجدنا فيها علة التحريم، وها هي بعضها:
الحديث الأول
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قال: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي (البخاري، كتاب الصلاة، 361، كتاب اللباس، 5502)
هذا الحديث يبيّن علة المنع من هذه التصاوير، وهو أن هذا الستر الذي فيه نقوش وصور كان يظهر أمامه في الصلاة..
الحديث الثاني
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (البخاري، كتاب الصلاة، 409، 416، الجنائز، 1255، المناقب، 3587)
لا بدّ أن التحريم قد وقع على عبادة هذه الصور وتقديسها، وهو ما يحصل هناك..
الحديث الثالث
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عَنْهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ (البخاري، كتاب اللباس، 5496)
يتضح هنا أن الصور التي تُنقض هي ما حوت شعارات لعقائد باطلة.
الحديث الرابع
أخرجه البخاري في صحيحه عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا فَقَالَ مَا لِي وَلِلدُّنْيَا فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ قَالَ تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلَانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ (البخاري، كتاب الهبة، 2421)
الكراهة هنا للستر الموشى- أي المزين بالصور- هو من باب الزهد.
فمن خلال هذه الأحاديث الأربعة يظهر لنا أربع أسباب للنهي عن التصوير والرسم والنحت.. ولا نعدم أسبابا أخرى، بيد أن التحريم ليس مطلقا.
وهكذا الكلاب، فقد قال الله تعالى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ } (المائدة).. فالكلب يستخدم للصيد وغيره مما فيه فوائد.. أما اقتناؤه للمباهاة، أو للعبث فلا يجوز.
أما دابة الأرض، فإليك بعض ما قاله المسيح الموعود عليه السلام عنها:
كتبتُ في كتبي غير مرة أن هذه كلها استعارات وما أراد الله بها إلا ابتلاء الناس ليعلم من يعرفها بنور القلب ومن يكون من الضالين. ولو فرضنا أنها تظهر بصورها الظاهرة فلا شك أن من ثمراتها الضرورية أن يرتفع الشك والشبهة والمِرية من قلوب الناس كلهم كما يرتفع في يوم القيامة، فإذا زالت الشكوك ورُفعت الحجب فأيُّ فرقٍ بقي بعد انكشاف هذه العلامات المهيبة الغريبة في تلك الأيام وفي يوم القيامة؟ انظر أيها العاقل.. أنه إذا رأى الناس رجلا نازلا من السماء وفي يده حربة ومعه ملائكة الذين كانوا غائبين من بدء الدنيا وكان الناس يشكّون في وجودهم، فنزلوا وشهدوا أن الرسول حق، وكذلك سمع الناس صوت الله من السماء أن المهدي خليفة الله، وقرأوا لفظ "الكافر" في جبهة الدجّال، ورأوا أن الشمس قد طلعت من المغرب، وانشقّت الأرض وخرجت منها دابة الأرض التي قدمه في الأرض ورأسه تمسّ السماء، ووسَمت المؤمن والكافر، وكتبتْ ما بين عينهم مؤمن أو كافر، وشهدت بأعلى صوتها بأن الإسلام حق، وحصحص الحق وبرق من كل جهة، وتبينت أنوار صدق الإسلام حتى شهد البهائم والسباع والعقارب على صدقه، فكيف يمكن أن يبقى كافر على وجه الأرض بعد رؤية هذه الآيات العظيمة، أو يبقى شك في الله وفي يوم الساعة؟ فإن العلوم الحسّية البديهة شيء يقبله كافر ومؤمن، ولا يختلف فيه أحد من الذين أُعطوا قوى الإنسانية؛ مثلًا إذا كان النهار موجودا والشمس طالعة والناس مستيقظين فلا يُنكره أحد من الكافرين والمؤمنين. فكذلك إذا رُفعت الحجب كلها، وتواترت الشهادات، وتظاهرت الآيات، وظهرت المخفيّات، وتنزلت الملائكة، وسُمعتْ أصوات السماء، فأي تفاوُت بقيت - بين تلك الأيام وبين يوم القيامة، وأي مفر بقي للمنكرين؟ فلزم من ذلك أن يُسلِم الكفار كلهم في تلك الأيام، ولا يبقى لهم شك في الساعة؛ ولكن القرآن قد قال غير مرة إن الكفار يبقون على كفرهم إلى يوم القيامة، ويبقون في مِريتهم وشكّهم في الساعة حتى تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون. ولفظ "البغتة" تدل بدلالة واضحة على أن العلامات القطعية التي لا يبقى شك بعدها على وقوع القيامة لا تظهر أبدا، ولا تجليها - الله بحيث تُرفع الحجب كلها وتكون تلك الأمارات مرآة يقينية لرؤية القيامة، بل يبقى الأمر نظريا إلى يوم القيامة، والأمارات تظهر كلها ولكن لا كالأمر البديهي الذي لا مفر من قبوله، بل كأمور ينتفع منها العاقلون، ولا يمسّها الجاهلون المتعصبون، فتدبَّرْ في هذا المقام فإنه تبصرة للمتدبرين. (حمامة البشرى، ص 175-176)


 

خطب الجمعة الأخيرة