المسلم المعتدى عليه إما أن يكون حاكما أو محكوما؛ فإن كان حاكما فواجبه الدفاع عن رعيته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...)
وهذا الدفاع يستلزم إعداد الجيش وتسليحه بأقوى الأسلحة.
أما إن كان المسلم المعتدى عليه محكومًا، أي مواطنًا في دولة، فإنه لا بد أن يكون خاضعًا لهذه الدولة ونظامها، وهذا يتضمن أن يتصرف بناء على القانون في دولته، والقانون يقضي بأن يشتكي أي مظلوم إلى المحكمة لا أن يأخذ القانون بيده.
وبالتالي بات مفهوما أن جماعتنا إن تعرضت لعدوان في أي بلد، فإنها تلجأ إلى المحاكم لتشتكي إن شاءت أو تصبر على هذا الظلم، مصداقا لقوله تعالى {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ }.
وأما إن كان المعتدي على الجماعة هي الدولة نفسها، أي هو النظام الحاكم نفسُه، فإن الجماعة تسير في مراحل ثلاث في مواجهة هذا الاضطهاد الديني:
أولا: تصبر على الظلم قدر المستطاع، وثانيا: يهاجر أفرادها إن استطاعوا الهجرة، وثالثا: إن مُنعوا من الهجرة فقد صار جائزا لهم أن يخرجوا على هذه الدولة الظالمة المخلة بأمن مواطنيها المسالمين ويقاتلوها. والذي يقرر الخروج من عدمه هو أمير المؤمنين وليس أي فرد منهم، فلا يجوز الخروج بناء على قرار فردي. وأمير المؤمنين يلجأ إلى الدعاء في هذه المسألة إلى الله الذي يهديه إلى خير قرار، ثم هو يقوم بالتشاور مع الجماعة، فإن قرر الخروج فلا بدّ من إعلان هذا الخروج قبل القيام بأي عمل ضد الحكومة، وإلا فإن هذا غدر وخيانة وكذب.
يقول الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام في التفسير الكبير: "إن الإسلام يمنح الإنسان حق المقاومة للحكومة التي تضطهده، وتمنعه من الهجرة إلى بلد آخر.. ويسمح له أن يثور عليها ثورة سرية أو علنية. يصرح الإسلام بأنه إذا غضب عليكم الحاكم ظلمًا واضطهدكم فانتظروا واصبروا حتى يأتي فرج الله تعالى. وإذا اشتد الاضطهاد بحيث لم تعودوا تستطيعون الصبر فاهجروا تلك الأرض إلى أخرى. فإذا منعكم من الهجرة ولم ينفك عن الاضطهاد فلكم أن تقاوموه وأنتم في بلده.... إن المؤمنين يصبرون على ما يستطيعون عليه صبرا، أما إذا رأوا أنهم لا يستطيعون الصبر صرّحوا بأننا لا نستطيع صبرا.. فخذوا أموالنا وأرضنا وديارنا وخلّوا سبيلنا. ولكن إذا منعتهم الحكومة من ذلك أيضًا فلهم الحق في مقاومتها.. لأنهم ضحّوا بأموالهم وديارهم ولم يخلّوا بالأمن، ولكن الحاكم هو الذي يخلّ بالأمن إذ يمنعهم من الهجرة، ويدفعهم لمقاومته." (التفسير الكبير عند الآية 103 من سورة البقرة)
لا بد من التأكيد أن المرحلة الثالثة تجيز الخروج ولا توجبه، والأولى أن يختار المسلم الصبر أو الهجرة، لأن الصبر جزء من الدعوة، جزء من القدوة، ولأنه بالصبر والتحمل يُصنع الرجال الروحانيون، وهذا هو هدف الدين.
وباختصار، فإن ردّ عدوان الحاكم الظالم –إذا اقتضى الأمر ذلك كخيار أخير-لا يكون بقرار فردي، وإنما يكون بقرار الخليفة، فهو يقود الجماعة على ضوء هدي رباني، وبناء على شورى المؤمنين، فهو أدرى بالقرار المناسب.
ولكن لا بد من التنبيه إلى أننا نتحدث عن الخيار الثالث من باب التأصيل النظري، وإلا فإن هذا غير حاصل الآن. وهكذا حين تحدث الخليفة الثاني رضي الله عنه، فقد أجاب على ذلك من باب احتمالية حصول ذلك، وليس من باب أنه لا بدّ أن يقع.
لقد تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسيح الموعود عليه السلام سيضع الحربَ (صحيح البخاري)، أي أن الحروب الدينية ستنتهي في عهد المسيح الموعود عليه السلام. ففي هذا العصر انتهى القتال الديني، ولن تقوم حروب حقيقية بين الشعوب بسبب الدين.
إن القتال الدائر هذه الأيام ليس ضد الإسلام، بل هو ضد حكومات إسلامية، ولا شك أنه يجب على هذه الحكومات أن تدافع عن نفسها وبلدها وأرضها.. وهذا ليس قتالا دينيًّا.
ورغم أن الحكومة الباكستانية قد سنّت قانونا ظالما ضد جماعتنا، لكن هذه الحكومة لم تدعُ إلى قتل الأحمديين. كما أننا لم نجبن قط، بل أعلنّا أنهم لا يمكن أن يمنعونا من نطق الشهادة وأداء الصلاة أبدًا. لقد ملأ الأحمديون السجون، ولكن لم نقبل قرارهم.
إن من واجب المسلم أن يقاتل دفاعا عن بلده كلما خاضت حكومته حربًا ضد حكومات أخرى. وإن تضحيات الجنود الأحمديين في حروب باكستان ضد الهند لمعروفة، وقد استشهد عدد منهم في هذه الحروب. بل إن الخليفة الثاني رضي الله عنه قد شكّل فرقة أحمدية "باسم كتيبة الفرقان"، فخاضت الحرب تحت قيادة الجيش الباكستاني لتحرير كشمير عند انقسام الهند وباكستان، وسرعان ما قام بحلّها فور انتهاء الحرب.
ثم إنه لا بدّ من التذكير أن القتال من مهمات الحكومات وليس التنظيمات، وإن ما تفعله كثير من التنظيمات هذه الأيام ليس إلا فسادًا في الأرض إذ يقتلون الأبرياء بل يقتل المسلم المسلمَ، والقرآن الكريم يأمر الحكومات الإسلامية أن تجتمع ضد هؤلاء المفسدين لإيقاف هذا الفساد والظلم، قال تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}.
وللمزيد لا بد من مراجعة كتاب (الجهاد المفهوم الإسلامي الصحيح) على هذا الرابط
http://www.islamahmadiyya.net/pdf/jihad.pdf
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8