أيها المسلمون العرب، لقد قام كثير من المشايخ الهنود والباكستانيين بنقل صورة مشوّهة للمسيح الموعود -عليه السلام- إليكم، مستغلين عدم معرفتكم بلغة الأوردو. ولديّ أدلة لا تُحصى على كذبهم وتشويههم، ولعل مثالا يتضح الآن من خلال الإجابة على هذا السؤال، ويمكنكم أن تقيسوا عليه البقية. وهذا المثال يوجب عليكم أن لا تصدِّقوهم، أو على الأقل أن تتبيّنوا وتتثبتوا قبل أن تثقوا بأقوالهم.. فقد قال الله تعالى (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع.
كان المسيح الموعود عليه السلام يرد على اعتراضات القساوسة ضد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهنا يذكر اعتراضهم الخامس، وهو قولهم إن نبيكم قد وقع نظره على امرأة غير مُحْرمة عليه، فجاء إلى بيته فقضى حاجته مع زوجته سودة، فالإنسان الذي لا يستطيع أن يتمالك نفسه عند وقوع نظره على الغريبات عنه، ما لم يَقْضِ حاجته مع زوجته وما لم يشبع جَشَع شهوته، كيف يكون مثل هذا رجلا كاملا؟
وقد استدلوا بحديث على ذلك.. فأخذ سيدنا المسيح الموعود يردّ عليهم ردًّا مفحمًا مبكِّتًا ومطوّلا -استغرق أربع صفحات- منـزهًا نبينا صلى الله عليه وسلم عن مثل هذه التهم حتى قال كردّ إلزامي عليهم: "ولكن ماذا نكتب وماذا نقول عن يسوعكم؟ وإلى متى نبكي على حاله؟ هل كان مناسبا أن يهيئ فرصة لامرأة زانية أن تجلس ملتصقة معه في عز شبابها حاسرة الرأس، وتلمس قدميه بشعرها بكل غنج ودلال، وتدهن رأسه بعطر كسبته بالحرام؟ لو كان قلب يسوع بريئا من الأفكار الفاسدة أو السيئة لمنع مثل هذه المرأة المومسة من الاقتراب إليه حتما.. " فهنا يتحدث المسيح الموعود عليه السلام عن يسوع حسب ما جاء في الأناجيل، أي من باب المحاجّة، وليس عن المسيح الناصري الذي يكرمه القرآن الكريم باعتباره رسولا إلى بني إسرائيل.
ثم عرّج المسيح الموعود عليه السلام للحديث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: "ولكن، انظروا إلى تقوى سيدنا ومولانا أفضل الأنبياء خير الأصفياء محمد صلى الله عليه وسلم، حيث لا يصافح أي امرأة حتى الشريفة، بل حين كن يأتينه للبيعة كان يُجْلِسهن على بعد منه، ويعظهنّ بالتوبة."
ثم عاد عليه السلام إلى الحديث عن يسوع كما وصف في الأناجيل، فذكر الكلام الذي أشرتَ إليه في سؤالك، وإن كانت ترجمتك فيها بعض الخطأ.
باختصار، المسيح الموعود عليه السلام يردّ على القساوسة الذين يشوهون نبينا صلى الله عليه وسلم، ويهاجم يسوع الإنجيلي وليس المسيح الناصري عليه السلام.. فقام المشايخ الهنود بقصّ هذه العبارات متجاهلين خلفيتها، ومفترين بادعائهم أن المسيح الموعود عليه السلام يهاجم المسيحَ الناصري عليه السلام.
وكيف يهاجم المسيحُ الموعودُ عليه السلام المسيحَ الناصريَّ وهو شبيهه؟ وكيف يهاجمه وهو نبي الله؟ فلماذا الكذب؟
وللتفصيل في هذا الموضوع أنقل لك كتيّبا بعنوان (تكريم المسيح الناصري عليه السلام) فهو يوضح نظرتنا إلى المسيح الناصري عليه السلام.
تكريم المسيح الناصري عليه السلام
في
العقيدة الإسلامية الأحمدية
ردًّا على أن الأحمديين يهينون المسيح عليه السلام
بقلم: هادي علي شودري
ترجمة: مـحمد حميد كوثر
الشركة الإسلامية المحدودة
اسم الكتاب: تكريم المسيح الناصري عليه السلام في العقيدة الأحمدية
الطبعة الأولى: عام 1420 هـ - 1999م
الفهرس
زحف المسيحية على الهند 1
تطلعات القُسس 1
جرأتهم على النبي صلى الله عليه وسلم 3
أسلوب هجومي اضطر له المسلمون 5
أقوال كبار العلماء 7
سيدنا أحمد يدافع عن عِرض المصطفى صلى الله عليه وسلم 16
مؤسس الأحمدية يوضح موقفه 21
يسوع الإنجيلي أم عيسى نبي الله 25
تكريم مؤسس الأحمدية لعيسى عليه السلام 27
زحفُ المسيحية على الهند
بدأت النهضة بين الحركات الدينية في شبه القارة الهندية قبل حوالي 150 سنة أو قرنين. بدأت كل واحدة منها تسعى لتُثبت أن دينها أحسن من دين غيرها. ففي سنة 1800م سافر القسيس وليم كيري من بريطانيا إلى إقليم البنغال (الهند) لإنشاء "المملكة الربانية" في شبه القارة الهندية. واستمرت بعده سلسلة بعثات من القساوسة والأساقفة تفد إلى المناطق الهندية. وفي سنة 1888م استمد أحد الحكام الإنجليز بالهند من هذا الفوز حماسًا، وقال في أحد خطاباته بأنه كما يزداد سكان الهند في تعدادهم، كذلك تنتشر المسيحية بينهم أربعة أو خمسة أضعاف. وقد وصل عدد المسيحيين الهنود حوالي مليون نسمة حتى الآن.
تطلعات القُسس
وفي سنة 1897م دُعي القسيس الشهير الدكتور جان هنري بيروز من الولايات المتحدة إلى الهند، فألقى فيها محاضرات عديدة خلال جولته الشبيهة بالعاصفة، تحدث فيها بأسلوب مشوِّق عن المملكة المسيحية وهيمنتها وتقدمها خاصة في الدول الإسلامية ثم قال:
"أود أن أتحدث الآن عن انتصار المسيحية في الدول الإسلامية. بسبب هذا الانتصار، يبرق لبنان من بريق الصليب ولمعانه من جهة، ومن جهة ثانية تبرق من نوره القِممُ الفارسية وماءُ البوسفوروس. وهذا الوضع مقدمة لذلك الانقلاب حينما تصبح مدن القاهرة ودمشق وطهران معمورة من خدام الرب يسوع المسيح حتى يصل بريق الصليب بواسطة تلاميذ المسيح وخدامه قاطعًا صحراءَ العرب إلى مكة حتى يدخل حرم الكعبة! وفي نهاية المطاف سوف يعلن هنالك إعلان الحق: أن عليهم أن يعرفوك الإله الأحد، ويسوع المسيح المبعوث من قِبلك. وهذه هي الحياة الأبدية". (المرجع السابق ص 236).
وفي الحقيقة كانت شبه القارة الهندية وقتئذ ساحة للصراعات تتصارع فيها بكل حماس أديانُ العالم، وخاصة الديانات الهندوسية والمسيحية والإسلام، وكانت كل واحدة منها تحاول إثبات تفوقها الديني على غيرها. وكانت تخرج بعض الأحيان من نطاق الاحترام والشرف وتتهجم على مؤسسي الأديان هجومًا سافلاً. وعندما كان فريق يتألم من الهجوم السافل من فريق، فكان هذا الآخر يعتبره نجاحًا عظيمًا.
وكما أسلفتُ كانت شبه القارة الهندية وقتئذ تحت الحكم البريطاني، بحيث يمكن أن نُسمّيه السلطة المسيحية، وكانت تلك البيئة ملائمة للمسيحيين. والأوضاع بالنسبة للمسلمين كانت عسيرة جدًا. فقد فرضتْ عليهم شريعتُهم القرآن الكريم الإيمانَ بجميع الأنبياء والرسل المبعوثين إلى شعوبهم في الماضي وأمرتْهم باحترامهم، وأنهم كانوا معصومين من المعاصي. فلأجل ذلك كان من الصعب أن يتحملوا إهانة أي نبي ورسول، حتى إنهم كانوا يحسبون من المعصية لو تفوّه أحد بكلمة ولو خفيفة ضد أي نبي ورسول.
جرأتهم على النبي صلى الله عليه وسلم
ولكن الأمر بالنسبة للمسيحيين كان على العكس من ذلك، إذ ليس من الضروري لديهم أن يؤمنوا بنبي آخر بعد المسيح عليه السلام حسب كتابهم المقدس. فلأجل ذلك كانت للقساوسة حرية تامة أن يتهجموا ويطيلوا ألسنتهم على الإسلام وعلى مؤسسه سيد المرسلين وخاتم الأنبياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتجاوزوا الحدود، ولم يحترموه حتى كرجل عادي. ونُشِرت ووزِّعت مئات الألوف من الكتب والنشرات في شبه القارة الهندية، وكانت مليئة بانتقادات شنيعة وسافلة على سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويستطيع القارئ أن يدرك مدى سفالة تلك الكتب من أنه حينما نشر القسيس عماد الدين - وكان قبل تنصّره إمام مسجد "آغرا"- كتابَه المسمى "هداية المسلمين" المليء بالكلمات المهينة للنبي صلى الله عليه وسلم، لامه بعض المسيحيين أنفسهم بسبب البذاءة والطعن الذي استعمله في كتابه، حتى كتبت صحيفة "شمس الأخبار"، الصادرة في لكهنؤ تحت إشراف القسيس كريون، في عددها بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين أول) 1875 ما يلي:
“ليس هناك مثيل لمؤلفات القسيس عماد الدين التي لم يكتب فيها إلا الشتائم. وإذا انفجرت الآن ثورة مثل ثورة 1857 فسيكون سببها مطاعنه وبذاءته" (محاضرات بيروز ص 42).
علاوةً على الكتاب المذكور، كانت هنالك كتب عديدة تدل على السفالة التي خرجت من أقلام القساوسة ضد سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم منها:
1. "دافع البهتان"، للقسيس رانكلين.
2. "المسيح الدجال" لماستر رامجندر المسيحي.
3. "أندورنه بائيبل" لدبتي عبدالله آتم.
4. "محمد كي تواريخ كا اِجمال" للقسيس وليم.
5. "ريفيو براهين أحمدية" للقسيس تاكر داس.
6. "سوانح عمري محمد صاحب"، لأرونغ واشنطن.
7. جريدة "نور أفشان"، مطبعة البعثة الأمريكية في لودهيانة.
8. "تفتيش الإسلام"، للقسيس روجرس.
9. "نبي معصوم"، مطبعة البعثة الأمريكية في لودهيانة.
10. "سيرة المسيح ومحمد"، القسيس تاكر داس.
كان القساوسة يحسبون أن الحكومة الإنجليزية ما دامت قد منحتْهم الحماية والحرية عن التعبير فليستغِلّوها كما يشاءون، وهذا الزعم شحّذ أقلامَهم وجَرَّأَ ألسنتهم للطعن على سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. وبإمكان القارئ أن يدرك مدى آلام المسلمين في تلك الظروف الحرجة، بالنظر إلى ما جاء في كتاب "سلمان رشدي" مؤخرًا، الذي أصاب المسلمين بجراحٍ عميقة وأثار حميتهم أيَّما إثارة.
كان المسلم يشاهد تلك الأوضاع والمطاعن على النبي صلى الله عليه وسلم وكان قلبه يتقطع، لأنه لم يكن أمامه غير الصبر، وكان يشعر بفشله. لم تكن لديه أية وسيلة يدافع بها عن كرامة سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. فلقد كان مقيدًا في عقائده ومجتمعه، ولم يستطع أن يخرج من نطاقها. فإذا هو استعمل ضد المسيح الناصري عليه السلام نفسَ الأسلوب الذي استعمله القساوسة ضد سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، خرج من حظيرة التعليمات الإسلامية. فماذا عليه أن يعمل؟
أسلوب هجومي اضطر له المسلمون
في هذا الوضع المقلق اختار علماء المسلمين أسلوبًا آخر للرد على سفالة القساوسة، لإخراج المسلمين من ظلمة اليأس والقنوط الذي كان مخيمًا عليهم. فتدبَّروا في القرآن المجيد والأناجيل ووجدوا أن الأناجيل تقدِّم أمامنا سيرة يسوع مختلفةً تمامًا عن سيرته المذكورة في القرآن المجيد. فمن خلال مطالعة القرآن الكريم ندرك أن عيسى عليه السلام كان نبيًا عظيمًا ومبعوثا فقط إلى بني إسرائيل، ولكن الأناجيل تتحدث عن رجل آخر لا تتلاءم سيرته مع ما ذكره القرآن المجيد، وإنما يظهر وكأنه مسيح آخر، ليس حقيقيًا بل هو مسيح خيالي، وليس هو ذلك المسيح الذي بُعث إلى بني إسرائيل فقط ونبي الله وعبده، ولكن يقال عنه إنه هو الرب وإنه ابن الله.
فبدأ المسلمون هجومًا على شخصية يسوع المذكورة في الأناجيل واستعرضوا أمام المسيحيين الوقائع والقصص المدونة في الأناجيل، لكي يعرفوا حقيقة يسوعهم الرب المزعوم بمشاهدة صورته في مرآة الأناجيل وعلى ضوئها. اختار المسلمون هذه الوسيلة لكي يتعظ المسيحيون ويمتنعوا عن الطعن في سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. واضطر المسلمون لاختيار هذه الوسيلة، لأنه لم يبق أمامهم وسيلة أخرى لإفحام المسيحيين وإيقافهم عن الطعن.
وإذا طعن بعض علماء المسلمين في سيرة يسوع المذكورة في الأناجيل دفاعًا عن كرامة سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته، فهل - ياتُرى - يجوز أو يليق بأي محبٍ وعاشق صادقٍ لسيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يطعن في هؤلاء العلماء المسلمين قائلاً بأنهم لم يحترموا المسيح عليه السلام، وأنهم أساءوا إلى كرامته. والحق أنه إذا تكلم أحد بمثل هذا الكلام فإنما يخنق العدل والإنصاف ويبتعد عنه تمامًا، ولا يريد إلا إثارة الفتنة والشر بين صفوف المسلمين.
وكما أسلفنا فإن علماء المسلمين لم يجعلوا سيدنا عيسى عليه السلام المذكورَ في القرآن المجيد محلَّ طعنهم، بل جعلوا يسوع وسيرته المذكورين في الأناجيل هدفَ الهجوم، وهذه السيرة متناقضة مع سيرته الواردة في القرآن المجيد.
أقوال كبار العلماء
ونرى من المناسب أن نورد هنا مقتبسات من مؤلفات كبار علماء المسلمين في الهند:
1- لقد كتب الشيخ رحمة الله المهاجر المكي في كتابه "إزالة الأوهام" منتقدًا سيرة يسوع المذكورة في الأناجيل:
“لا يجوز أن يقال عن أغلب المعجزات العيسوية بأنها كانت حقيقة، إذ أن السَحرة أيضا يأتون بمثل هذه الأعمال. فلأجل ذلك ما كان اليهود يقبلونه بل كانوا يعتبرون معجزاتِه من أعمال السحرة" (إزالة الأوهام ص 129).
وأضاف قائلاً:
“يقول المسيح بنفسه بأن يحيى عليه السلام كان يقيم في الصحراء، وما كان يختلط بالنساء، ولم يشرب الخمر. ولكن المسيح كان يشرب الخمر، وكانت بعض السيدات يختلطن به. وكان يأكل من أموالهن، وقبّلت نساء خاطئات قدمَي المسيح. وكانت "مارثا" و "مريم" صديقتين له. وكان يشرب الخمر بنفسه ويقدمها للآخرين" (المرجع السابق، ص 370).
كما كتب:
"ارتكب "يهودا" الزنى مع زوجة ابنه، وأصبحت حبلى من الزنى، وخلفت ولدًا فدُعي "فارص". وكان هذا من أجداد سيدنا سليمان وعيسى عليهما السلام". (ص 405).
إن كتاب الشيخ رحمة الله المهاجر المكي "إزالة الأوهام" هذا مملوء بمثل هذه المقتبسات. ولقد ألفه، كما أسلفت، ردًا على المسيحيين وإفحامًا لهم بسبب طعنهم بسيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
2- وكتب السيد المولوي آل حسن العالم الشهير من أهل السنة والجماعة بالهند في كتابه "الاستفسار" وهو تعليق على هوامش "إزالة الأوهام" ما يلي:
“أيها المسيحيون، عليكم أن تنظروا إلى ما في جعبتكم. ألا تقرؤون فيما كتبتم كون (مارثا ومريم) امرأتين خاطئتين في شجرة نسب أم يسوع - معاذ الله" (الاستفسار ص 73).
“كان المسيح يقول لمعارضيه إنهم كلابٌ. فلو قلنا أيضًا لمعارضيه إنهم كلاب، فهذا لن يكون ضد الأخلاق العيسوية، بل يكون مطابقًا لها تمامًا" (المرجع السابق، ص 98).
“إن عيسى بن مريم أصبح عاجزًا في النهاية وتوفي" (المرجع السابق ص 232).
“إن العقلاء يعرفون أن أنواعا عديدة من المعجزات تشبه السحر، وخاصة المعجزات الموسوية والعيسوية" (المرجع السابق ص 336).
“قال يسوع مرة: ما لي موضعٌ أُسند إليه رأسي. ولقد بالغ المسيحُ بقوله هذا مقلدا كلام الشعراء. والذي يشتكي من محن الدنيا فهو نفسه يرتكب خطأ كبيرًا" (المرجع السابق ص 34).
“إن خلاصة دين القساوسة وإيمانهم هو أن "الرب" استقر جنينًا في رحم مريم بضعة أشهر، وكان يتغذى حيضًا، ثم تحول من عَلَقةٍ إلى مُضْغَةٍ ومن مضغة إلى لحم وعظام، ثم وُلد من مخرجها المعلوم. وكان يتبرز ويتبول. وشب، وتَلْمَذَ لعبده يحيى. وفي نهاية المطاف صار ملعونًا، ومكث في جهنم ثلاثة أيام" (المرجع السابق ص 350 و351).
“ويتبين من إنجيل متى 19:11، أن المسيح كان رجلاً أكولا وشريب خمر". (المرجع السابق ص 353).
توجد بعض نبوءات لأشعياء وعيسى عليهما السلام كمعمَّيات وألغاز أو كأحلام تنطبق على من شاء، ولو نأخذها حسب مفاهيمها الظاهرية، فإنها ليست إلا افتراء وكذبًا، أو تشبه بكلام يوحنا، الذي ليس إلا خرافات المجانين. ولكننا لا نجد نبوءات مثلها في القرآن بتاتا". (المرجع السابق ص 366).
“فثبت أن بيان حضرة عيسى كان كذبًا، معاذ الله. ولو تحققت بعض كراماته على سبيل الافتراض فإنها لم تكن إلا مشابهة للكرامات التي تظهر من المسيح الدجال" (المرجع السابق ص 369).
يبدو من إنجيل لوقا 2:8و3 أن بعض النساء الخاطئات كن يخدمن حضرة عيسى من أموالهن. فلو قال أحد من اليهود من خبثه، إن عيسى عليه السلام كان شابًا جميلاً، لأجل ذلك كانت تعيش معه النساء الخاطئات لارتكاب الفحش، ولأجل ذلك لم يتزوج، وكان يقول للناس: إني لا أرغب في النساء خداعًا لهم، فماذا يكون الجواب لدى المسيحيين؟".
" كما نجد في إنجيل متى 19:11 أنه وافق رأي معارضيه وقال: "جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب. فيقولون: هو ذا إنسان أكول وشريب خمر". وليس من المستبعد أن يأخذ عنه أحد فكرةً سيئة بسبب عاداته المذكورة ويقول إنه لم يجتهد في العبادات، بل كان يحب الراحة لجسمه" (ص 390، 391).
3- وكتب مؤسس الفرقة البريلوية بالهند، الشيخ شاه أحمد رضا خان في كتابه "العطايا النبوية في الفتاوى الرضوية" المجلد الأول:
“نعم، نعم، إن رب المسيحيين هرب إلى أبيه خوفًا من ضرب المخلوق. وهناك نال جزاء مظلوميته، وأُدخل في جهنم، وبقي هناك ثلاثة أيام. كان يأكل خبزًا ولحمًا. وحينما كان يعود من سفر تُغسل رجلاه. وينام تحت ظل الشجرة، وكانت الشجرة فوق والرب تحتها..".
“إن المسيح كان ابن أبيه الرب. وتزداد جلالة الرب بسبب ابنه. إن ابن إله المسيحيين أضاف في احترام أبيه وعزته! ولم لا؟ فالنجباء يعملون مثل هذا. ولكن الأب عمل العكس، وطرح العدالة إلى جانب، ورماه في جهنم مثل مخادع".
“إن المسيح كان يتأسف ويتحسّر على ما فات، ويشعر بالكلل والتعب. وكانت عنده امرأتان خاطئتان، وكان يأكل من أموالهما كأنها أموال زكية" (كتاب الطهارة، باب التيمم ص 470 و471، الناشر: شيخ غلام علي وبنوه، لاهور).
4- وكتبت صحيفة "أهل الحديث" في عددها 31 مارس (آذار) 1939 يوم الجمعة، وهي الصحيفة التي كانت تصدر تحت إشراف الشيخ ثناء الله الأمرتسري العالم الشهير لفرقة أهل الحديث (في الهند):
“يظهر جليًا من اعتراف المسيح هذا أنه لم يكن رجلا صالحًا. وربما يقول قائل بأن اعترافه كان نوعًا من التواضع، فنقول له: إن المسيحيين يعتقدون أن بشرية المسيح كانت أفضل من جميع الناس، ولم يكن فيها أثر للآثام والمعاصي. ومادام لم يبق فيه أي نقص أو إثم، فلماذا رفض كونه رجلا صالحًا... إن الناس العاديين مهما وصلوا إلى مقام رفيع في الصالحية، يقول أحدهم: أنا رجل ناقص لأنه يبقى النقص في بشريتهم، ولكن كيف يصح قول المسيح: إنه ليس رجلا صالحًا، مع أن بشريته كانت نزيهة من الآثام والمعاصي. فثبت أن اعترافه واعتذاره لم يكونا مبنيين على التواضع. فإذا رفض كونه رجلا صالحًا فمن البديهي أنه أصبح مثل الناس الآخرين.
وإذا درسنا الإنجيل أدركنا أن المسيح كان يسمح للنساء الأجنبيات أن يمسحن رأسه بطيب، كما ورد: "تقدمت إليه امرأة معها قارورة طِيب كثير الثمن فسكبته على رأسه وهو متكئ فأخذت مريم من طِيب ناردين خالص كثير الثمن، ودهنت قدمي المسيح، ومسحت قدميه بشعرها" (متى 7:26، ومرقس 3:14 ويوحنا 3:12).
وورد في إنجيل لوقا 37:7 و38: “وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة إذ علمتْ أنه متّكِئ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طِيب ووقفت عند قدميه".
ليس من الاحتياط أنْ يسمح المسيح لامرأة خاطئة أن تدهن رأسه وقدميه بشعرها. فعملُه هذا مناقض للشريعة الإلهية. فقد ورد في الكتاب المقدس العهد القديم:
“لأن الزانية هوة عميقة، والأجنبية حفرة ضيقة، هي أيضا كلص تكمن وتزيد الغادرين بين الناس" (أمثال 27:23 و28).
ويبدو من الأناجيل أن المسيح كان يصنع خمرًا كمعجزة لإظهار عظمته، كما ورد في إنجيل يوحنا 1:2 إلى 9:
“وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل، وكانت أم يسوع هناك. ودُعِيَ أيضًا يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: ليس لهم خمر. قال لها يسوع: ما لي ولك يا امرأة. لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام: مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مِطْرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع: املؤوا الأجران ماءً. فملؤوها إلى فوق. ثم قال لهم: استَقُوا الآن، وقدِّموا إلى رئيس المتّكَأ. فقدّموا، فلما ذاق رئيس المتكأ الماءَ المتحوِّلَ خمرًا ولم يكن يعلم من أين هي...".
ولكن وردت في العهد القديم تعليمات ضد الخمر حيث جاء: “ويل للأبطال على شرب الخمر ولذوي القدرة على مزج المسكر" (أشعياء 22:5). “الزنى والخمر والسلافة تخلب القلب" (هوشع 11:4).
وقال دانيال عن الخمر إنها نجس. حيث ورد: "أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه. فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس" (دانيال 8:1).
فرغم أنه يوجد في العهد العتيق أمر عن حرمة الخمر والامتناع عنها، ولكن المسيح صنع الخمر بآيته، وشارك في مجلس الخمر مع والدته. مع أنه من جهة أخرى يقول بنفسه: “لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل" (متى 17:5).
فثبت جليًّا أن آيته في صنع الخمر كانت ضد الشريعة.
ثم إننا نعلم من دراسة الإنجيل أن الكذب كان مسموحًا عند المسيح. فذات مرة قال عن ابنة رئيس: “فإن الصبيّة لم تمت لكنها نائمة" (متى 24:9). "قال لهم لماذا تَضِجُّون وتبكون، لم تمت الصبية لكنها نائمة" (مرقس 40:5). "فأخرج الجميعَ خارجًا وأمْسَكَ بيدها ونادى قائلا: يا صبية قومي، فرجعتْ روحها، وقامت في الحال" (لوقا 54:8 و55).
يقول المسيحيون بأن الصبية المذكورة كانت ميتة، وأن المسيح أعاد لها حياتها كمعجزة. ولوقا يؤيدهم حيث قال: "رجعت روحها وقامت في الحال". ورجوع الروح إلى الجسم يدل بأنها كانت ميتة قبل رجوعها. ولكن يبدو من كلام المسيح الذي ذكره متى: "فإن الصبية لم تمت لكنها نائمة"، أي أن المسيح لم يكن صادقا في كلامه، بل قال عنها كلاما غير حقيقي.
ومن جهة ثانية نجد في الإنجيل وصيته لتلاميذه: "لا تَزْنِ، لا تقتلْ، لا تسرِقْ، ولا تشهَدْ بالزور" (مرقس 19:10).
وجاء في العهد القديم بهذا الشأن: “شاهِدُ الزور لا يتبرأ، والمتكلم بالأكاذيب لا ينجو" (أمثال 5:19).
كذلك ورد في إنجيل يوحنا ما يلي: "قال المسيح: اصعدوا أنتم إلى هذا العيد، أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد... ولما كان إخوته قد صعدوا حينئذ صعد هو أيضا إلى العيد" (يوحنا 8:7 إلى 14).
رأيتم أن المسيح رفض الذهاب إلى العيد، ثم ذهب خفية.
ويبدو من إنجيل "متى" أن المسيح سمح للحواريين كتمان الحق حيث قال: “حينئذ أوصى تلاميذَه ألا قولوا لأحد إنه يسوع المسيح" (متى 20:16).
وقد ورد في نفس المعنى في إنجيل لوقا ومرقس أيضًا. ومن البديهي أنه حينما أوصى المسيح تلاميذه ألا يخبروا أحدًا عنه فكأنه سَمَحَ لهم أن يكتموا الحق. ولقد أصبح واضحا ومكشوفا مدى حقيقة تعليم الصدق والكذب من القصة المذكورة" (جريدة أهل الحديث 31 مارس 1939، ص 8 و9، الصادر من أمرتسار، الهند).
ليس من العسير على القارئ أن يستنتج من المقتبسات السالفة أن علماء المسلمين وكبارهم جعلوا بها رب المسيحيين يسوع عرضةً لهجومهم، مستهدفين الحدَّ من بذاءة القساوسة المسيحيين الجريئين على عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم.
سيدنا أحمد يدافع عن عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم
لقد بُعث سيدنا الميرزا غلام أحمد القادياني مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام حسب أحاديث ونبوءات سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم لإصلاح الناس في هذا العصر بما فيهم المسيحيون، فلأجل ذلك بذل كل جهد لإصلاح عقائد المسيحيين، ودعاهم إلى التوحيد الخالص والإيمان بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حسب وصية المسيح الناصري الحقيقي عليه السلام. ولكنهم تَمادَوا في الهجوم على الإسلام. وفي هذه المرحلة الحساسة جاهد حضرته ضدهم جهادًا كبيرًا بالأسلحة الروحانية والعلمية المتواجدة في القرآن المجيد وفي أحاديث سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفي الكتاب المقدس: العهد القديم والجديد. واستغل في الجهاد جميع الأدلة والبراهين اللازمة لمكافحة قساوسة المسيحيين المعتدين على الإسلام وعلى مؤسسه صلى الله عليه وسلم. ونال هذا القائد العظيم في هذا الجهاد نجاحًا عظيمًا باهرًا، وحقق أهدافه المرجوة. ولقد اعترف مولانا أبو الكلام آزاد العالم الشهير والزعيم الديني والقومي في شبه القارة الهندية بنجاحه في مجال الدفاع عن الإسلام ومكافحته لقساوسة المسيحيين حيث قال:
“لا يُمحى من لوح القلب ذلك الوقت الرهيب حينما كان الإسلام هدفًا لهجوم أعدائه. والمسلمون الذين كانوا مسئولين من عند المحافظ الحقيقي (أي من الله تعالى) أن يستغلوا جميع الأسباب المتوفرة لديهم لحماية الإسلام لم تكن في مقدورهم، للأسف الشديد، حمايته، وكانوا يتحملون عواقب تقصيراتهم. وكانوا متألمين أشد الألم، لافتقارهم للقدرة على حماية الإسلام ودعمه. فمن جهة شَنَّ العالم المسيحي هجومًا عنيفًا على العالم الإسلامي لإطفاء نوره، زاعما بأنه حجر عثرة في مشواره، وكانت تسانده القوى العظمى المتفوقة في الأموال والدهاء. ومن جهة ثانية كان وضعُ المسلمين في المعركة متدهورًا جدًّا، ولم تكن في حوزتهم سهام ولا نبال للمقاومة، أو بالأحرى لم يكن هنالك شيء اسمه "المقاومة" أو "الدفاع". وبعد مرور فترة طويلة بدأت المقاومة من قبل المسلمين، وساهم فيها حضرة الميرزا مساهمة عظيمة. لقد دافع عن الإسلام دفاعًا رائعًا، قد حطّم تلك القوة السحرية التي كانت تحظى بها المسيحية تحت ظلال الحكومة الإنجليزية، فتبخرت روح تقدمها، التي حصلت لها تحت ظل الحكومة، وأُنقذ ملايين المسلمين من هجوم المسيحيين الخطير، بعد أن كان هؤلاء على وشك النجاح في تحقيق هدفهم. وستظل الأجيال المقبلة مَدينةً لحضرة الميرزا بسبب خدماته الجلية. وفي الحقيقة إنه وقف في الصف الأول مع المجاهدين الذين حاربوا بالقلم ودافعوا عن الإسلام. وترك حضرته وراءه المؤلفاتِ القيّمةَ ذكرى له، وستظل منارًا لهدى المسلمين في المستقبل، طالما يجري في عروقهم الدم الحي الغيور وتبقى حماية الإسلام عنوانا لشعارهم القومي" (صحيفة "وكيل" مايو (أيار) 1908، نقلاً عن صحيفة "البدر" 18/6/1908).
وخلاصة القول فإن سيدنا الميرزا غلام أحمد القادياني مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام ساهم في هذا الجهاد إسهامًا عظيمًا بأساليب شتى منها:
أولاً: نصح حضرته علماءَ الأديان والمذاهب المختلفة بأن لا يطعن أحد في دين الآخر طعنًا بذيئًا، بل على كل واحد منهم أن يعرض أمام الجمهور حسنات دينه وفضائله.
ثانيا: عندما تقتضي الظروف أن يرد أحد على دين الآخر، فعليه أن يعرض البراهين والأدلة من مؤلفات الفريق الثاني المسلَّم بها لديه، ولا يخرج من نطاق تلك الكتب والمؤلفات أبدًا.
ثالثا: التجنب كليًا عن الطعن في مؤسسي الأديان، بل من المحبَّذ أن تُذكَر حسناتهم وشمائلهم الحميدة.
ولقد حظيت هذه الاقتراحات بقبولية حارة لدى محبي الإسلام والمهتدين. ولكن القساوسة وللأسف الشديد لم يقبلوا هذه الاقتراحات، بل استمروا في الطعن في سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي أزواجه المطهرات رضوان الله عليهن.
وفي نفس الفترة ألّف أحد المرتدين عن الإسلام أحمد شاه كتابَه المسمى "أمهات المؤمنين"، واستعمل فيه لغة بذيئة عن زوجات سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. فتألم منه كل مسلم ألمًا شديدًا، وفارت حميته، وطلب المسلمون من الحكومة أن تصدر الأوامر بمصادرته. وجاء هذا الطلب بعد توزيع الكتاب على نطاق واسع. فنصح سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية المسلمين بأن الكتاب البذيء قد وصل إلى أيدي عدد كبير من الناس، وأخذ أغلب القراء فكرةً سلبية عن أمهات المؤمنين. ولن تُجنى أية فائدة من أمر الحكومة بشأن مصادرته ووضع القيود عليه. ومن المحتمل أن تضع الحكومة قيودًا على الكتاب البذيء، وأيضا على الردّ الذي نعتزم نحن أن نكتبه قبل القيود. وأضاف حضرته: من واجبنا أن نكتب ردًا مفحمًا ونبذل كل جهد لإزالة مضاعفاته السلبية من أفئدة الناس، وقال حضرته:
“ما زلت على اقتراحي بأن المفروض علينا أن نكتب ردًا مفحِمًا وليّنًا ومعقولاً محكمًا على صاحب الكتاب المعتدي الطاعن. وعليكم أن تخلوا قلوبكم من فكرة مطالبة الحكومة بمعاقبة طائفة من الطوائف. لقد أصبح من الضروري أن يتحلَّ أتباع الأديان بأخلاقٍ عالية. وليس من المناسب أن تُظهروا غضبكم في كل مناسبة ومناسبة، فعملكم هذا يشوِّه سمعة الدين" (البلاغ، الخزائن الروحانية مجلد 13 ص 402).
كما أرسل سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية رسالة إلى الحكومة واقترح فيها:
“لإيقاف الفتنة التي تثيرها المؤلفات البذيئة، على الحكومة أن تختار اقتراحًا واحدًا من اثنين: إما عليها إصدار التعليمات لكل فريق أن لا يرفع قلمًا معترضًا على فريق آخر، اللهم إلا أن يقتبس من مؤلفات الفريق الثاني المسلَّم والمعترَف بها عنده، أو لا يطعن أحد في الثاني، بل يبين كلُّ واحد حسناتِ دينه وفضائلَه" (البلاغ، الخزائن الروحانية مجلد 13 ص 402 و403).
ثم ردّ حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية على هجوم المسيحيين البذيء ردًا عنيفًا مفحمًا بناءً على أدلة من القرآن الكريم ومن الأحاديث النبوية ومن التوراة ومن الأناجيل ومن كتب التاريخ والطب والمنطق، كما ساق الأدلة العقلية، وعزّز موقفه بالأدلة المستقاة من سنة الله العملية الجارية في الكون. ومن جهة ثانية فإن الله سبحانه وتعالى وهبه نصرًا بالآيات المؤيدة له. واستعمل حضرته خلال هذه المعركة الحاسمة الوسائل الروحانية المتنوعة، واستغل دراسته العميقة والدقيقة لمختلف الأديان ردًا على المهاجمين. وهذه الردود القوية جعلتهم يتراجعون منهزمين. وقد اعترف الأعداء قبل الأصدقاء، بأنهم يشعرون في مؤلفاته التي أُلِّفت خلال تلك المعركة الحاسمة تفوُّقَه في الصدق والحكمة والأدلة العقلية. ولقد عرض على المسيحيين معظم الأدلة والبراهين من كتبهم المسلَّم والمعترف بها لديهم.
مؤسس الأحمدية يوضح موقفه
وعندما شعر القساوسة بهزيمتهم وفشلهم على يد مؤسس الجماعة، قاموا بمحاولة بشعة لحط منـزلته واحترامه، وبدؤوا يقولون بأنه أهان سيدنا يسوع المسيح. فرد سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية على هذا الاتهام الباطل مخاطبًا القسيسَ "آثم" في المباحثة التي عُقدت بينهما في سنة 1893م في مدينة أمرتسر (الهند):
“أما قولك بأنني استعملت كلمة "الشتم" في حق المسيح وكأنني لم أحترمه، فهذا ليس إلا سوء فهمك. إنني أؤمن بأن حضرة المسيح كان نبيًا وعبدًا محبوبًا عند الله سبحانه وتعالى. وأما الذي كتبتُه فكان هجومًا منكم علينا ولكني جعلتُه يرتد عليكم إذ كان طبق مشربكم" (جنك مقدس، الخزائن الروحانية مجلد 6 ص 107).
أي كان هجومي عليكم بحسب كتبكم، فالاتهام المذكور يقع عليكم وليس عليَّ.
ثم قال حضرته:
“عندما يجرح المسيحيون أفئدتنا بشتى الهجمات الفظيعة على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم نرد عليهم هجومهم هذا بواسطة كتبهم المقدسة والمسلَّم بها لديهم، لكي ينتبهوا وينتهوا عن أسلوبهم... عليهم أن يَعرضوا أمام الناس من مؤلفاتنا ردًّا هجوميًّا على سيدنا عيسى عليه السلام لم يكن موجودا في الإنجيل. إنه لمن المستحيل أن نسمع إهانة سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ونسكت عليها" (الملفوظات (أقوال سيدنا المهدي والمسيح الموعود عليه السلام) مجلد 9، ص 479).
خلال تلك الفترة الرهيبة استغل المسيحيون بعض علماء المسلمين الذين كانوا يمشون وراء مصالحهم الشخصية، وأثاروا نفس الاتهام أمامهم بشدة. فرد سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية على ذلك بإعلان نُشر بتاريخ 20 ديسمبر 1895م، وأوضح حضرته فيه قائلاً:
"حيثما تطرقنا في كلامنا إلى يسوع، فالمراد به ذلك يسوع الخيالي لدى المسيحيين، وليس كلامنا القاسي موجَّهًا إلى ذلك العبد المتواضع ابن مريم، الذي كان نبيًا والذي ورد ذكره في القرآن الكريم. ولقد اخترنا هذا الأسلوب بعد أن سمعنا من القساوسة الشتائمَ والسباب طيلة أربعين سنة متتالية. إن بعض المشائخ الجهلاء الذين فقدوا بصيرتهم وبصرهم، يبرِّئون المسيحيين ويقولون إن المسيحيين المساكين لا يتفوهون شيئًا، ولا يهينون سيدنا محمدًا المصطفى صلى الله عليه وسلم. يجب أن يدرك هؤلاء جيّدًا أن قساوسة المسيحيين في الواقع يحتلون الدرجة الأولى في مجال التحقير والإهانة والسباب، وتوجد عندنا ذخيرة من كتبهم التي ملؤوها بعبارات مليئة بصنوف الشتائم. ومن أراد من المشائخ أن يراها فَليأتِنا ويَرَها. وها إني أنبئكم بأنه إذا توقف القساوسة عن أسلوب الشتائم والسباب واختاروا أسلوب الأدب والاحترام، فنحن أيضا نختار نفس الأسلوب. إنهم بأسلوبهم الحالي يطعنون في الواقع يسوعَهم، ولا يمتنعون عن الأسلوب النابي المخجِل الذي سئمنا سماعَه" (نور القرآن، الخزائن الروحانية مجلد 9 ص 374 و375).
هؤلاء العلماء السفهاء الحاقدون على مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية يعرضون مقتبساتٍ من مؤلفاته لعامة الناس ليوهموهم بأنه أهان عيسى بن مريم عليه السلام - والعياذ بالله - ولم يأخذ مقامه الأسمى بعين الاعتبار. فمثلاً يعرضون الاقتباس التالي من مؤلفاته:
"لا يوجد هناك دليل بأن المسيح كان أكثَرَ صلاحًا من الصالحين الآخرين المعاصرين له، بل إن النبي يحيى عليه السلام كان أفضل منه، لأنه لم يكن يشرب الخمر، ولم يُسمع عنه أبدًا بأن امرأة خاطئة تقدمت إليه ومَسَحتْ رأسه بعطرٍ اشترتْه من أموالها، أو مسَّتْ بدنَه بشعرها أو يدها، أو أن امرأة شابة أجنبية كانت تخدمه. فلأجل ذلك إن الله تعالى سمّاه (أي يحيى) في القرآن (حَصُورًا). ولم يطلق هذا الاسم على المسيح؛ لأن مثل هذه القصص كانت مانعة من أن يطلق عليه مثل هذا اللقب. وعلاوة على ذلك فإن عيسى عليه السلام تاب من آثامه على يد يحيى عليه السلام، الذي سُمِّي لدى المسيحيين يوحنا، ثم بعد ذلك سُمي إيلياء أيضا، وانضم المسيح إلى أتباعه. فثبتت أفضيلة يحيى عليه بالبداهة من هذه التوبة على يده، إذ ليس هناك أي ذكر بأن يحيى أيضا بايع على يد أحد". (دافع البلاء، الخزائن الروحانية ج 18 صـ220)
أيها القارئ الكريم، كيف نندب وننوح على كذب ونفاق وخداع هؤلاء الذين يتلقبون بـ علماء ومشائخ. فحين كان القساوسة يسعون لإهانة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، لم تكن غيرة هؤلاء المشائخ تتحرك ولا حميتهم تثور، ولم يكونوا يستفيقون من السبات والرقود. وحين كان سيدنا أحمد عليه السلام يرد على إهانات المسيحيين ردًّا مفحمًا من كتبهم وأناجيلهم، فكان المشائخ يزاولون الصراخ ويقيمون القيامة ضده.
لقد أسلفنا أن القساوسة استغلّوا مظلة الحكومة الإنجليزية في القارة الهندية، وقاموا بهجمات شرسة على الإسلام ومؤسسه سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. واستخدموا لتحقيق ذلك الهدف الخبيث أنواع الحيل الماكرة، ومنها أنهم قاموا - تضليلا وتعتيمًا للمسلمين الهنود - باستنتاجات خاطئة من القرآن الكريم لإثبات مصداقية معتقداتهم الباطلة وخاصة لإثبات أفضلية عيسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام على نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم. وما قاله سيدنا أحمد في كتابه "دافع البلاء" إنما كان ردًّا وتبكيتًا منه لبعض القساوسة الذين قاموا باستنتاج خاطئ كهذا من كلمة (حصورًا) الواردة في القرآن الكريم في حق سيدنا يحيى عليه السلام. وإليك تفصيل ذلك.
ألّف أحد القساوسة كتيبًا بعنوان " دلائل إثبات نبوة المسيح عيسى" ليثبت أن يحيى عليه السلام أفضل وأعلى مرتبة من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحيث إن محمدًا - والعياذ بالله - ليس بشيء يُذكَر إزاء يحيى. واستدل هذا القس بكلمة "حصور" نفسها لإثبات دعواه الباطلة. فرد سيدنا أحمد عليه السلام على استدلال القس صاعًا بصاع، أو كما يقال: تعامَلَ معهم بنفس العلمة، حيث دَلَّلَ على أفضلية النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بنفس كلمة (حصور).
ونص ما قال هذا القس كالآتي:
" لو كان هناك شخص مثل محمد (صلى الله عليه وسلم) في هذا الزمن لما سمح له أحد بالجلوس على مقربة منه! ألم يعرف (محمد) أن الرهبانية عمل مستحسن. وقد ورد في القرآن عن يحيى أنه كان سيدا وما كان يقترب النساء، وكان نبيًّا ومن الصالحين. إذن فمحمد (صلى الله عليه وسلم) نفسه كان مُقِرًّا بأن يحيى كان أطهرَ منه وأتقَى. والحق أنه شتان بين محمد ويحيى".
وكان قصد القسيس الخبيث أن يقول إن يحيى سُمِّي "حصورا" في القرآن الكريم لأنه كان يتجنب النساء كليةً، ولكن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) ما سمِّي بهذا الاسم، ولم يكن ذلك ممكنا أيضا، إذ كانت له تسع زوجات، الأمر الذي حال دون تسميته "حصورا".
فلكي يردّ طعنَ القساوسة في نحورهم قال سيدنا أحمد عليه السلام لهؤلاء الخبثاء: حسنًا، إن القرآن لم يسمِّ عيسى عليه السلام أيضًا (حصورًا) لأنه لم يكن يتجنب النساء؟! إنكم أيها المسيحيون تقولون إن يحيى سمِّي في القرآن "حصورا" لابتعاده عن النساء، ولكن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يسمَّ بهذا الاسم بسبب علاقاته مع النساء، فثبت أن محمدًا كان أدنى درجة حتى من يحيى! إذا كان منطقكم هذا سليمًا فعليكم أن تقبلوا الآن أيضا أن يحيى عليه السلام أفضل كثيرًا من عيسى عليه السلام، لأن هذا الآخر لم يكن يتجنب النساء. والحق أن أفضليته على المسيح أسمى بكثير من أفضليته المزعومة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأن جميع النساء اللواتي كان صلى الله عليه وسلم على صلة معهن كنَّ زوجات له وكن عفيفات وصالحات، ولكن النساء اللواتي تُقِرُّون باختلاطهن مع المسيح لم تكن ولا واحدة منهن زوجة له عليه السلام، بل كنَّ من المحرمات عليه، وذلك كما تقول أناجيلكم، وليس هذا فحسب بل بعضهن كن مومسات وبغايا شهيرات، وذلك أيضًا وفقَ اعترافكم أنتم. ثم تعترفون أيضا أن يحيى عليه السلام كان يسكن في البرية بعيدا عن الناس بحيث ما كان للنساء أن يقتربن منه بشكل من الأشكال، ولكن المسيح عليه السلام كان يقيم بين الناس، وحيثما توجَّهَ تَبِعَه لفيف من النساء. فيتحتم عليكم أن تعترفوا الآن بأنه لهذا السبب سمَّى الله تعالى سيدنا يحيى "حصورا" في القرآن الكريم ولم يُطلق هذه التسمية على عيسى عليهما السلام، لأن قصصًا كهذه التي تذكرونها علنًا عن المسيح حالت دون تسميته بهذا الاسم!!
هذا، ولا يغيبنَّ عن البال أن سيدنا الإمام المهدي عليه السلام ما كان يؤمن أن عدم تسمية عيسى عليه السلام بـ "حصور" يدل على عدم تقواه وعدم عفته - والعياذ بالله، كما لم يقل لهؤلاء القساوسة إن المسيح ابن مريم لم يكن متقيا وعفيفا لذا لم تُطلَق عليه تسمية "حصور". ذلك لأن كلمة "حصور" لم تُطلق على أي نبي غير يحيى، وكيف يمكن للإمام المهدي أن يحتج بما يستلزم كونَ جميع الأنبياء عليهم السلام بما فيهم سيدنا ومولانا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم غيرَ متقين وغير عفيفين - والعياذ بالله، ثم العياذ بالله.
وباختصار لم يقصد سيدنا أحمد عليه السلام بهذا الاستدلال أبدًا إهانة سيدنا المسيح عليه السلام، وإنما دافع بذلك عن عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك بإبطال حجة القسيس الخبيث وبردّها في نحره، لا أكثر ولا أقل. ولكن المشائخ المعارضين المغرضين أخفَوا خلفية هذا القول لسيدنا أحمد عليه السلام - شأنَ اليهود الذين كان يضعون أيديهم على أماكن من التوراة أمام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ليلبسوا الحق بالباطل، وليكتموا الحق وهم يعلمون.
ولقد أوضح سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام هذه الخلفية أكثر في أماكن أخرى حيث قال:
يسوع الإنجيلي أم عيسى نبي الله
“ليتذكر القُرّاء أننا كنا مضطرين لدى الحديث عن الديانة المسيحية أن نختار نفس الأسلوب الذي اختاره هؤلاء ضدنا. الحقيقة إن المسيحيين لا يؤمنون بسيدنا عيسى عليه السلام الذي قال عن نفسه إنه عبد ونبي فحسب، وكان يؤمن بصدق جميع الأنبياء السالفين، وكان يؤمن من صميم قلبه بمجيء سيدنا محمد المصطفى ونبّأ عن بعثته صلى الله عليه وسلم. وإنما يؤمنون بشخص آخر يسمى يسوع، ولا يوجد ذكره في القرآن. ويقولون بأن ذلك الشخص ادعى الألوهيهَ، وقال عن الأنبياء السابقين إنهم "سراق" و"لصوص". ويقولون أيضا إن هذا الشخص كان شديد التكذيب لسيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتنبأ بأنه لا يأتي بعده إلا المفترون. وتعرفون جيدا أن القرآن الكريم لا يأمرنا بالإيمان بمثل هذا الشخص، بل يقول صراحةً بأن الذي يدعي بأنه إله من دون الله فسوف ندخله جهنم. ولهذا السبب لم نلتزم لدى الحديث عن يسوع المسيحيين باحترام يجب إبداؤه تجاه رجل صادق، إذ لولم يكن ذلك الرجل (المزعوم) فاقدَ البصر لما قال بأنه لن يأتي بعده إلا المفترون، ولو كان صالحًا ومؤمنًا لما ادّعى الألوهية. فعلى القراء ألا يعتبروا كلماتنا القاسية موجَّهةً إلى سيدنا عيسى عليه السلام. كلا، بل إنها موجهة إلى يسوع الذي لا يوجد له ذكر ولا أثر، لا في القرآن ولا في الأحاديث" (مجموعة الإعلانات مجلد 2 ص 295 و296).
تكريم مؤسس الأحمدية لعيسى عليه السلام
هذه كانت صورة يسوع الذي ورد ذكره في الأناجيل مفصلاً. وكما أسلفنا، فهنالك صورة أخرى في القرآن الكريم لعيسى عليه السلام نبي الله وعبده، ولقد تحدث سيدنا أحمد عن المقام الرفيع لعيسى مرارًا وتكرارًا، وأعلن أنه جُعل مثيلاً لعيسى. فقد كتب عن درجته السامية في مواضع مختلفة، منها قوله:
أولا: "هذا ما كتبناه من الأناجيل على سبيل الإلزام. وإنا نكرم المسيحَ، ونعلم أنه كان تقيٍّا ومن الأنبياء الكرام".(البلاغ، الخزائن الروحانية، مجلد 13، ص 451، الحاشية)
ثانيًا: “إن المسيح من عباد الله المحبوبين والصالحين جدا، ومن الذين هم أصفياء الله، والذين يطهرهم الله تعالى بيده ويُبقيهم تحت ظل نوره. غير أنه ليس إلهًا كما زُعم. نعم إنه من الواصلين بالله تعالى ومن أولئك الكُمَّل الذين هم قلةٌ". (التحفة القيصرية، الخزائن الروحانية، مجلد 12، صـ 272، 273)
ثالثًا: "كيف يمكننا أن نستخدم القسوة ردًّا على القساوسة، لأنه كما هو مفروض عليهم أن يبجِّلوا عيسى عليه السلام ويحترموه كذلك هو فرض علينا. إننا - بعد تخصيص منصب الألوهية لله وحده - نعتبر سيدنا عيسى عليه السلام صادقا وصالحًا في جميع الأمور، وجديرًا بكل نوع من الاحترام الذي يجب القيام به تجاه كل نبي صادق". (كتاب البرية، الخزائن الروحانية، مجلد 13، صـ 153، 154)
رابعًا: "أنا أحترم المسيح ابن مريم كثيرًا، لأنني خاتَم الخلفاء في الإسلام من الناحية الروحانية، كما كان المسيح ابن مريم خاتَم الخلفاء في الأمة الإسرائيلية. كان ابن مريم مسيحًا موعودًا في أمة موسى، وإنني أنا المسيح الموعود في الأمة المحمدية. فأحترم شخصًا أنا سمِيُّه. ومفسد ومفترٍ ذلك الذي يقول عني بأني لا أحترم المسيح بن مريم. بل - وفضلا عن المسيح - إنني أحترم أشقّاءه الأربعة أيضا، لأن هؤلاء الخمسة كلهم أولاد لأم واحدة. ليس هذا فحسب بل أعتبر شقيقتيه أيضا قديستين". (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، مجلد 19، صـ 17، 18)
خامسًا: "لقد كُشف عليَّ أنا العبدِ المتواضع أن حياتي مماثلة للفترة الأولى من حياة المسيح من حيث الفقر والتواضع والتوكل والإيثار والآيات والأنوار، ويوجد تشابهٌ بين فطرتي وفطرة المسيح، وكأننا جزءان من جوهرة واحدة، أو ثمرتان من شجرة واحدة. وهنالك مشابهة ظاهرية أخرى أيضا؛ فإن المسيح كان تابعًا لنبي كامل عظيمٍ موسى، وخادمًا لدينه، وإنجيلُه كان فرعًا للتوراة، كذلك أنا العبد المتواضع أيضا من الخدام المتواضعين لذلك النبي الجليل الشأن الذي هو سيد الرسل وتاج المرسلين جميعا". (البراهين الأحمدية، الخزائن الروحانية مجلد 1، صـ 593 و594 هامش الهامش رقم 3).
سادسًا: وأخبر أن الله تعالى أوحى إليه وقال: " أنت أشد مناسبةً بعيسى ابن مريم وأشبَهُ الناس به خُلقًا وخَلقًا وزمانًا" (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية، مجلد3، صـ 165)
سابعًا: "ومن جملتها إلهام آخر خاطبني ربي فيه وقال: إني خلقتُك من جوهر عيسى. وإنك وعيسى من جوهر واحد وكشيء واحد." (حمامة البشرى، الخزائن الروحانية، مجلد7، صـ 192)
ثامنًا: “إني رأيت عيسى عليه السلام مرارًا في المنام ومرارًا في الحالة الكشفية. وقد أكل معي على مائدة واحدة. ورأيته مرة واستفسرته عما وقع قومه فيه. فاستولى عليه الدهش، وذكر عظمة الله، وطفق يسبح ويقدس، وأشار إلى الأرض وقال: إنما أنا تُرابيٌّ وبريء مما يقولون. فرأيته كالمنكسرين المتواضعين.
ورأيته مرة أخرى قائمًا على عتبة بابي وفي يده قرطاس كصحيفة، فأُلقي في قلبي أن فيها اسماءَ عباد يحبون الله ويحبهم، وبيانَ مراتب قربهم عند الله. فقرأتُها فإذا في آخرها مكتوب من الله تعالى في مرتبتي عند ربي: هو مني بمنزلة توحيدي وتفريدي. فكاد أن يُعرَف بين الناس." (نور الحق، الجزء الأول، الخزائن الروحانية مجلد 8 صـ 56 و57).
تاسعًا: "نكشف للقراء بأن عقيدتنا في سيدنا المسيح عليه السلام سليمة جدًّا، وإننا نؤمن من أعماق قلوبنا بأنه كان نبيًا صادقًا من الله سبحانه وتعالى، ومحبوبًا لديه. ونؤمن حسبما أنبأنا القرآن الكريم بأنه كان يؤمن من صميم فؤاده بمجيء سيدنا ومولانا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. وكان خادمًا مخلصًا من مئات الخدام لشريعة سيدنا موسى عليه السلام. فنحن نكرمه تمامًا بحسب مقامه، ونأخذ مقامه هذا بعين الاعتبار دائمًا." (نور القرآن، الخزائن الروحانية، مجلد9 صـ374)
عاشرًا: "إنه لخبيث الذي بسبب نفسانيته يطيل لسانه على الكُمَّلِ الصالحين. وإنني على يقين بأنه لا يمكن لأحد أن يبقى حيًّا ولا لليلة واحدة بعد الطعن في الصلحاء مِثل الحسين أو سيدنا عيسى، بل إن الوعيد الإلهي: "مَن عادى وليًّا لي...." يبطش به على الفور". (إعجاز أحمدي، الخزائن الروحانية ج 19 ص 149)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله. لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8