loader
 

السؤال: لاحظت عدم اعترافكم بالخوارق المادية ، و لاحظت أيضاً تناقضاً مع ذلك المعتقد و هو قولكم بأن ميرزا غلام أحمد لم يكن عربياً و لكنه تعلم العربية و فصاحتها في فترة وجيزة جدا ، و أنا أتساءل : أليست هذه معجزة خارقة لا تتمشى مع العقل؟ إذن ما الذي يدفعكم لتأويل معجزات الأنبياء لجعلها موافقة للنواميس الكونية ؟ ألستم تنشدون إسلاماً تتقبله عقول الغرب ؟ و هل يمكن للغربيين أن يقبلوا هذا الحدث ؟

نحن لا ننشد إسلاما تتقبله عقول الغربيين ولا الشرقيين، بل نريد إسلاما أمر به الله تعالى في كتابه وبيّنه نبيه في سنته. وغير ذلك لا يعنينا، بل نتصدى له.
ثم إننا لا نؤول معجزات الأنبياء لنجعلها موافقة لنواميس الكون؛ فنواميس الكون لا نحيط بها علما. ونحن لا نعرف كُنْه معجزات الأنبياء كلها، ولكننا نؤمن بها حتى لو لم نفقهها جيدا، فما قاله الله حق؛ فهمناه أم لم نفهمه.
لكننا نرفض بعض التفسيرات المتعلقة بالأنبياء ومعجزاتهم، ليس لغرابتها ومخالفتها سنن الله، بل لأنها مخالفة للنص القرآني وسياقه، وليس عليها أي دليل.
إذًا، نحن نؤمن أن معجزات الأنبياء خارقة للعادة والمألوف، ولكنها ليست مخالفة لسنن الله في الكون، مع يقيننا بعدم إحاطتنا بسنن الله كلها. لذا نؤمن أن إبراهيم عليه السلام قد ألقي في النار، ونجا منها، ولكن لا نعرف وفق أي سنة من سنن الله تمّت هذه النجاة. نؤمن بهذا بكل يقين، لكن قد تكون هذه النار حقيقية وقد تكون نار الفتنة والكيد، وقد تكون كلتيهما، لأن النص يحتمل ذلك كله. ونؤمن أن عصا موسى عليه السلام قد أبطلت سحر السحرة، لكن لا نعرف كيف تمّ هذا الإبطال، فسواء عرفنا التفصيل أم لم نعرف، فهذا لا يغير من إيماننا بحدوث المعجزة. ونحن نؤمن أن الله تعالى قد نجّى موسى عليه السلام من فرعون وأغرق فرعون وقومه، ولكن ليس بشق البحر نصفين، لأن القرآن لم يقل ذلك، ولو قال ذلك لآمنا به، وإنما بمعجزة من قبيل المدّ والجزر. وننكر أن تكون ناقة صالح قد خرجت من الصخر، لأن الله تعالى لم يقل هذا، وننكر أن يكون المسيح قد أحيا الأموات ماديًّا، لأن الله تعالى وحده هو المحيي، ولا بدّ من حمل الإحياء على الإحياء الروحاني كما حملْنا إحياء الرسول صلى الله عليه وسلم على الإحياء الروحاني في قوله تعالى (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).
كما ننكر أي تفسير لا دليل عليه، خصوصا إن كان اهتمامه بالمبالغة والغرائب والعجائب، وما أكثر ذلك في التفاسير!
باختصار، ننكر أي تفسير لا دليل عليه، أو هناك دليل ينقضه. فهذا هو عمادنا لا غير.
أما معجزة تعلّم اللغة العربية في ليلة واحدة، ومعجزة إلقاء الخطبة الإلهامية، فلا مجال لإنكارها، لأن صاحبها الصادق قد أعلن ذلك بكل وضوح، ولأن الناس شاهدوها وعاشوها. لقد حضر الخطبة الإلهامية أكثر من مائتي رجل، ولقد سجلها خلال إلقائها رجلان من خيرة الرجال وأصدقهم وأكثرهم ورعا. أهذا أمر يمكن تكذيبه؟ إن هذه المعجزة لعظيمة جدا، ولكن مَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُون.



 

خطب الجمعة الأخيرة